المقالات

“ضمير” القطاع الخاص في “جيبه” ؟!

العديد من التساؤلات تُطرح عن المسؤولية الاجتماعية التي يلتزم بها القطاع الخاص في المملكة وتأتي البنوك في المقدمة فهي على سبيل المثال قد تجاوزت أرباحها خلال عام 2016 م (41 ) مليار ريال وبرامجها في مجال خدمة المجتمع أكثر من متواضعة ؟
صحيح أن مجلس الشورى سبق ورفض توصية بخصوص نظام المسؤولية الاجتماعية على أساس أنها طواعية في المملكة وليست إلزامية لكن ما قامت به بعض شركات القطاع الخاص من الفصل التعسُّفي لبعض الموظفين بدعوى التقشف و ضغوط تراجع الأرباح وتقليل النفقات مستغلةً للمادة 77 من نظام العمل يؤكد أن المسؤولية الاجتماعية أكبر وأهم من أن تترك لمزاج القطاع الخاص و تحتاج لإعادة نظر .

حان الوقت لاحداث توازن بين الامتيازات التي يحظى بها القطاع الخاص في المملكة والتي يتفوق فيها عن باقي الدول و بين واجباته تجاه المجتمع حيث تشير بعض الاحصاءات أن 5% من القطاع الخاص في المملكة فقط هي النسبة التي توازن بين مصالحها ومسؤولياتها الاجتماعية ؟!
لازلنا نتذكر وصف الأمير مقرن بن عبد العزيز آل سعود ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ـ السابق ـ البنوك السعودية بـ ” المنشار طالع يأكل وداخل يأكل” ولم يأتِ التصريح من فراغ وإنما كان وصف لواقع لايزال قائماً فلا تزال البنوك السعودية والقطاع الخاصة مقلةً في أشياء كثيرة مقارنةً بما تستفيد منه وتحصل عليه في حين أن بعض الدول تفرض نسبة تصل إلى 30% على متوسط أرباح البنوك الصافية للمسؤولية الاجتماعية .
لكن هل القطاع الخاص فعلاً يغيب عنه ثقافة المسؤولية الاجتماعية ؟ أي لا يدرك ما يؤكده الخبراء من أن تفعيل المسؤولية الاجتماعية من شأنه أن يصب ليس فقط في صالح المجتمع بل يفيد القطاع الخاص أيضاً كونه يضمن استدامة النمو وزيادة المبيعات كما تعودعلي الشركات التي تلتزم بمسؤوليتها تجاه المجتمع مزايا عدة تتمثل في تحسين سمعتها وبناء علاقات قوية مع المحيط الذي تعمل فيه وكسب ثقة المتعاملين والمجتمع ؟

طبيعة رأس المال في معظمه تحكمه الانتهازية والجشع وهذا العموم لا ينفي الاستثناء ولأن الأمر لا يتعلق بدولة دون أخرى ولا بمجتمع دون آخر لجأت الكثير من الدول إلى فرض المسؤولية الاجتماعية ولم تتعامل مع القطاع الخاص بحسن النوايا وبسوء الظن ولم تتركها لرغبة الشركات والبنوك من عدمها في عمل الخير وإنما أصبحت واجب وطني واجتماعي .

التوجه العالمي اليوم يسير باتجاه ربط المسؤولية الاجتماعية للشركات والعلامات التجارية بسمعتها لكي تكون أكثر حرصاً ولو من منطلق نفعي ” برجماتي ” على كسب الثقة والإلتزام بالمسؤولية الاجتماعية بالتوازن مع ما تحصل عليه من مكاسب وأرباح وهذا دفع 93% من أكبر 250 شركة عالمية تنشر تقارير دولية سنوية عن أنشطتها في مجال المسؤولية الاجتماعية ووفق ما جاء في قائمة فورتشن فإن 65% من أكبر 500 شركة في العالم تنفق أكثر من 17.8 بليون دولار سنوياً في برامج تتعلق بالمسؤولية الاجتماعية .

إن رؤية المملكة 2030 تعطي دوراً هاماً لمشاركة القطاع الخاص في مجالات التنمية والتطوير وأحد أهم هذه الأدوار هو النهوض بواجبه الوطني و بدوره المأمول في مجال المسؤولية الاجتماعية ولا يمكن أن تترك المسؤولية الاجتماعية لضمير القطاع الخاص لأنها حق للمجتمع وليست تبرعاً أو منَّةً .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى