تحجرت الدموع في المآقي جزعا على فراق من نحب، وغيّب الموت تلكم البشاشة التي لم تفارق روحه. مات خالي عبدالله بن عبدالعزيز بن خميس وماتت بعده كل رسالة رثاء تسطرها الأنامل، كان أبو عبدالعزيز رجلا تقيا نقيا لم يعرف قلبه الكراهية لأحد ولم تعرف نفسه القطيعة مع أحد حتى وإن كان الطرف الآخر هو من أخطأ عليه. عشت معه في الرياض سنوات العمر الأولى من ريعان الصبا وفتوة الشباب .. لم يكن خالي عبدالله يخاصم على خطأ أمام الناس ويكفي نظرة منه توحي إليك بما يريد. عرفت منه معنى النظام في الحياة وطقوسه الجميلة لم تفارق مخيلتي رغم سنين البعد، وكل من عاش معه يعرف بصيرة ذلك الرجل ونظرته الثاقبة للمستقبل. عبدالله بن خميس تربى في كنفه أجيال رسّخ في دواخلها حب الدين والوطن، كنت وسأبقى أرى في صورته الأب الروحي الذي يوجه ويعلم ويدافع عنك في الملمات حتى وأنت مخطئ، عشت في كنفه ردحا من الزمن لم أره يغضب إلا في حق الله، وعرفت فيه كل خصال حميدة يمكن أن تقال، وعرفت منه معنى أن تكون مع الله ولاتبالي وعرفت فيه لذة البساطة ومد يد العون ومساعدة كل محتاج.
بعد وفاته ظهرت الكثير من مآثره وتجلى كل ذلك في حب الناس له. عند قبره التفّت جموع الناس من كل حدب وصوب ..كانت الأيادي تتلاقف جثمانه في مشهد مثير يشعرك أن من في النعش جسدا روحها باق في القلوب، وعجزت أن أصمد فقد تنحيت جانبا أبكي حسرة على مصاب جلل.
مات خالي عبدالله وفي نفسي غصة وحسرة وندم على فراقه. وقفت على قبره وأويته الثرى لكن يداي عجزت أن تحثو على جسده التراب ونفسي يتملكها الجزع في مصاب جلل. اليوم أرى في خالي الفقيد صورة رجال قلوبها معطرة بمحبة الناس التي التفّت حولها تواسي الجزع الذي أصاب النفوس أرثيها بروح الأب الذي فقدناه.. عبدالعزيز وفهد وخالد ومساعد أبناء فقيدنا هم الصورة التي تسير على الأرض باسم عبدالله بن خميس وقد زرع في فؤادهم الشيمة والتسامح والكرم وطيبة النفس، ولايمكن لكل من عرف الفقيد إلا ويعرف تلكم الخصال ويعرف عمق معانيها ..
رحم الله خالي عبدالله بن عبدالعزيز الخميس الإنسان في نقاء قلبه و الأب في تسامحه. فقد خلق في روح الأسرة قيم الترابط والتلاحم وسطر في حياتهم أروع الملاحم مع كل من عرفه وعاش معه .. اللهم إنا عرفناه صالحا تقيا فتقبله بما شهد له فيه عبادك ..واجعل مثواه الجنة …
عبدالله الشريف