عوضه الدوسي

البعد الثقافي والحضاري للجنادرية

 تبدأ فعاليات (الجنادرية 31 ) هذه الأيام والتي أصبحت تشكل معلمًا حضاريًا وفكريًا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى, وبهذا المفهوم ومن خلاله فإن العالم على موعد جديد يرقبه كل عام , بعد أن توالت النجاحات والانجازات والإضافات النوعية للمهرجان الوطني للتراث والثقافة, كل ذلك الزخم الذي يصب في بوتقة المعرفة الإنسانية ,املآ في تلاقي وتلاقح الحضارات وشيوع الثقافات المختلفة بين الأمم والشعوب لتنطلق من مبدأ (كلكم لأدم).

نعم انه قول يسير لكنه بالضرورة  يعلي من شان الإنسان وقدرة على قاعدة (ولقد كرمنا بني ادم) , ومن هذه المنطلقات تسعي المملكة بقيادة ملك الحزم إلى الأفاق العالمية وصدق الشاعر عندما قال:

شِِدنا لهذا الورى أمجاد عالمهم

 ولم نزل نحملُ البشرى بأيدينا

 ذلك التشييد وتلك البشرى هي اليوم تعيد نتاج الموروث على أساس من حقيقة الماضي وتأصيله والبحث في كل أبعاده المختلفة وبمسعى جاد نحو التكامل بين بني البشر في الوقت الذي يقر فيه ذلك الأثر الثقافي بحقيقة الآخر من منطلق حقيقة الجعل كتركيبة حتمية لابد من الإيمان بها .

إن هذا العرس الثقافي الذي امتد لأكثر من ثلاثة عقود من عمر الزمن,لم يستمر بهذا العطاء والبهاء  إلا من خلال إرادة قوية وعزم وثبات محفوف بأمنيات وأمال عريضة ليشرق فجر جديد قال عنه الشاعر

  ها نحن من غابر الأزمان ما وهنت

منا القلوب ولا كلت مواضينا

  والذي مافتئ المهرجان على مر الأعوام الماضية يعمل بجد واجتهاد من اجل الثقافة والالتقاء , يرتدي ثوب العز والأصالة المستمد من الماضي العريق, وينطق بلسان الوعي والمعرفة الممتزجة بالقيم والثوابت وحب الإنسانية, ومن خلال تلك اللقاءات يعزز المفاهيم المعرفية والحضارية والثقافية للتقارب بين الأمم والشعوب, فعلى أديم الجنادرية وعلى كثبانها الذهبية يمتد هذا اللقاء غائرا في التاريخ ويستحضره بكل صوره, ليقف العالم كل العالم, ومن مختلف القارات في صورة قل لها نظير أو مثل لتلتقي في ارض الجنادرية كل عام وبإطلالة جيدة زاهية في الجلال والبهاء رغم كيد الحاسد ومحاولات التغيير اليائسة والبائسة, وهكذا تستمر الجنادرية كمعين لا ينضب عبر مجالات مختلفة ومتعددة  بين قديم راسخ وعريق , وجديد متطور ومنفتح, وبمسارات أخرى نشهدها اليوم في تحولات التاريخ والجغرافيا ونمضي من خلالها عبر عطاءات الإنسان وانجازاته المختلفة، ومن هنا يدرك العالم الدور الريادي للمملكة في صنع ثقافة التقارب نحو الأخر وان اختلف وفي الوقت الذي يرصد  كل عام آراء المراقبين دور المملكة الريادي للثقافة وتفسره الساحة الدولية من خلال المنظمات الأممية في إطار الملامح الحضارية والفكرية التي تتبناها المملكة كدور تشعر به إزاء موقعها الريادي في الجزيرة العربية و تشيد بالمستوى الذي هي عليه  ليكون شاهدًا على دور المملكة عمومًا و وزارة الحرس الوطني على وجه الخصوص، هذا الموعد الذي استحق وبجدارة وسمه بالمهرجان الوطني للتراث والثقافة ليربط بين زمنين الماضي وما يشكله من ملامح الموروث وحاضر يمتزج فيه بعدين ,التراث قيمة حضارية, والثقافة كقيمة إنسانية وسلوك يقتدى به نحو تربية الروح وصفاء النفس والوعي الراشد.

أخيرا ستظل المملكة وخليجنا العربي واحة خير وعطاء ونماء ليكتمل المشهد كخريطة واحدة  تمتد من مجد إلى مجد على قول الشاعر فواز اللعبون :

خليجنا العربي امتد خارطةً

 للمجد واخضر بالبشرى بساتينا

عوضه بن علي الدوسي

ماجستير في الأدب والنقد

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى