أكد معالي وزير العمل والتنمية الاجتماعية الدكتور علي بن ناصر الغفيص، خلال افتتاحه صباح اليوم (الخميس) في محافظة جدة أعمال مؤتمر (مؤسسة الزواج والأسرة والحفاظ على قيمها في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي)، أن المؤتمر يُعنى باللبنة الأولى لتكوين المجتمع، ويهتم بنقطة الانطلاق الأولى لتنشئة العنصر الإنساني، التي جعلها الله نواة أولى في تكوين المجتمعات والأمم.
وقال الوزير في كلمته أمام وزراء الدول الإسلامية الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي ورؤساء الوفود المشاركة، “تتشرف المملكة العربية السعودية باستضافتكم في مؤتمر مؤسسة الزواج والأسرة والحفاظ على قيمها في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي”، مضيفاً أن الإسلام أرسى قواعد الأسرة على مبدأ المودة والرحمة، ورسم حدود العلاقة بين الذكر والأنثى.
وأشار الغفيص إلى أن إقامة مؤتمر مؤسسة الزواج والأسرة، الذي يسعى للحفاظ على قيمها، دليل على الأهمية التي توليها هذه الدول للكيان الأسري، واعتباره القاعدة التي تنطلق منها مجتمعاتنا نحو التطور والنمو والاستقرار، موضحاً أن الأسرة هي الحاضن الرئيس لتربية وتنشئة الأجيال، وهي الدعامة المثلى في بناء المجتمعات، والمحافظة على تماسكها واستقرارها.
وتابع: “إن تبادل تجارب الدول الأعضاء واستراتيجياتهم وأنظمتهم في الحفاظ على قيم الأسرة، ومناقشة التحديات التي تواجه مؤسسة الزواج والأسرة، والعمل على اقتراح المعالجات والحلول الناجعة في ضوء المبادئ الإسلامية لتلك التحديات، إنما يصب في تعزيز العمل المشترك بين هذه الدول، ويسهم في ترسيخ أوجه التعاون والتكامل بين القطاعات المعنية بالأسرة والمجتمع بما ينعكس على مستقبل مجتمعاتنا ودولنا الإسلامية”.
ومضى قائلاً: “إن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بالمملكة وهي تسعد بتنظيم هذا المؤتمر بالتعاون مع منظمة التعاون الإسلامي، وهيئة حقوق الإنسان بالمملكة، فإنها تأمل أن تسهم نتائج هذا المؤتمر وتوصياته في تعزيز بناء الأسرة، ومكافحة أشكال العنف وظواهر التفكك في الدول الأعضاء”.
من جهته، أكد معالي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، أن المؤتمر يؤسس مساراً جديداً يعطي مؤسسة الزواج والأسرة الأولوية والاهتمام في عالمنا الإسلامي، مشدداً في كلمته على أهمية التعاون، وتبادل الخبرات من أجل تحقيق العيش الكريم، والتنمية، والتطور للأجيال الحالية والقادمة، وكذلك إيجاد حلول شاملة لمشكلات الأسرة تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والتعليمية.
ونوه إلى أهمية محاربة كافة أشكال العنف داخل الأسرة، ومعالجة معدلات الطلاق المتزايدة التي أصبحت تهدد الكيان الاجتماعي لبعض المجتمعات الإسلامية، داعياً في الوقت ذاته إلى تشجيع إعلام الأسرة، وبرامج كفالة الأيتام، وإيجاد السبل الكفيلة بمواجهة التطرف لدى الشباب.
وأضاف العثيمين، أن الأسرة هي نواة المجتمع، وركيزة تنميته، ونقطة البدء المؤثرة في تكوينه، فبصلاحها يصلح، وبتفككها يفسد، مبيناً أن التطورات التي يشهدها العالم اليوم، وتفاقم الأوضاع الأمنية والإنسانية يدعونا إلى تكثيف جهودنا، والتعاون فيما بيننا، وإعادة ترتيب أولوياتنا من أجل إيلاء الأسرة الأهمية التي تستحقها.
وأوضح العثيمين، أن الأمانة العامة للمنظمة قد قامت بدراسة سياسات واستراتيجيات العديد من الدول الأعضاء في مجال تعزيز مؤسسة الزواج والأسرة، والحفاظ على قيمها، مؤكداً ضرورة إعداد استراتيجية موحدة وشاملة لمنظمة التعاون الإسلامي في هذا المجال.
من ناحيته، رحب معالي رئيس هيئة حقوق الإنسان الدكتور بندر بن محمد العيبان، بضيوف هذا المؤتمر، متمنياً لهم طيب الإقامة على أرض المملكة العربية السعودية، ولأعمال المؤتمر النجاح والتوفيق في تحقيق أهدافه.
وزاد: “تنهج المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – يحفظه الله- وحكومته الرشيدة منهجاً واضحاً في حماية وتعزيز حقوق الإنسان، انطلاقاً من مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية التي أوجبت حماية هذه الحقوق، وسبقت في ذلك المعايير الدولية في إرساء منظومة متكاملة من المبادئ والأحكام، تتسم بالشمولية والديمومة، وهو ما يجعلها صالحة لكل زمان ومكان، ومن ذلك ما توليه من أهمية بالغة لدور الأسرة، حيث تبلور ذلك في محاور رؤية المملكة 2030، التي رسمت توجهاً جديداً للتنمية، وخارطـــة طريـــق لدور الأسرة في بناء تنمية مستدامة يكون محورها الإنسان”.
وأضاف: كما راعت مبدأ المصلحة الفضلى لأفراد الأسرة وخاصة الأطفال، وتأصيل القيم والمُثل العليا التي تحكم علاقة أفراد الأسرة والمجتمع، حيث أكدت ذلك من خلال أحد أهم محاورها الثلاثة بعنوان: (مجتمع حيوي بنيانه متين)، إذ يهدف هذا المحور الرئيس إلى تعزيز مبادئ الرعاية الاجتماعية، وتطويرها لبناء مجتمع قوي ومنتج، من خلال تعزيز دور الأسرة، وقيامها بمسؤولياتها، وتوفير التعليم القادر على بناء شخصية الفرد، وإرساء منظومة اجتماعية وصحية متينة.
وأشار العيبان في كلمته، إلى أن الخطط الخمسية للمملكة جاءت مؤكدة على دور الأسرة في العملية التنموية داخل المجتمع بدعم بنائها وتعزيز أواصرها، ولم يقف اهتمام المملكة بالأسرة من خلال أنظمتها ومؤسساتها والتدابير اللازمة لذلك، بل اهتمت بالأسرة قبل إنشائها بإقرار الفحص الطبي قبل الزواج، وشجعت الشباب للانضمام لمؤسسة الزواج بتقديم القروض الميسرة من قبل الجهات الحكومية أو قطاعات المؤسسات والجمعيات الخيرية، وأصدرت الأنظمة التي تحافظ على أفراد الأسرة، والتي تكفل لهم الحماية من التعرض للإيذاء والعنف كنظام الحماية من الإيذاء، ونظام حماية الطفل، كما صدر تنظيم مجلس لشؤون الأسرة، والذي يهدف لتعزيز مكانة الأسرة ودورها الحيوي في بناء ونهضة المجتمع.
وقال العيبان: “يأتي اجتماعكم هذا اليوم لمناقشه أحد أهم المواضيع التي تهدد كيان الأسرة، التي هي نواة المجتمع، وأساسه لبناء الإنسان، وبقاء النوع البشري واستمراره، والمجتمع الإنساني اليوم في أشد الحاجة للحفاظ على قيم الأسرة وحمايتها من الانحراف والتفكك، في عصر تتعرض فيه إلى مخاطر جسيمة، وتواجه تحديات كبيرة تهدد بقاءها، إذ إنه من الواجب علينا التصدي لهذه المحاولات بكل جدية، ودفع المجتمع الدولي للعمل على إرساء دعائم قيم مؤسسة الزواج والأسرة في العالم، والتأكيد على دورها في بناء المجتمع الإنساني الآمن المستقر، وحفظ النسل، ورعايته صحياً واجتماعياً ونفسياً، وتحقيق السكينة والاستقرار النفسي للمجتمعات، واستبعاد تلك المفاهيم المصادمة للطبيعة البشرية”.