لُجة الأيقونات
منطق الطير: “يتوقف مصير كل أمة على شبابها” – غوته
تختبئ الأمنيات الطفولية كأحجيات الجدات في جلباب الزمن، نكبر ولا تكبر!!، يتحقق بعضها ويبقى البعض مشيمة في رحى الأقدار ينتظر فجر الميلاد وصرخة الولادة، وكلاهما المتحقق والمنتظر يظل غاصًا بنكهة الهزيمة وخيبة الأمل، فطُول الانتظار وتبدل الأحوال يفسد طعم تلك الأحلام الصغيرة حتى ولو تحققت!!، لنبقى رهينة تصور ورديًّ محفور في الذاكرة؛ ومن تلك الأمنيات “طيارة” اشرأبت أعناقنا نحوها وهي ترسم خط البياض على صفاء السماء نُودعها الأسرار والأخبار على أمل عودة قريبة.
ذلك الحلم لم يكن مجرد رغبة في تجريب وسيلة النقل العجيبة التي ما كنا نعرف عنها سوى بعض المعلومات من كتب المدرسة والأفلام الوثائقية في تلفاز “الأبيض والأسود”، وإنما كان حلمًا مشحونًا برمزية المكان والمآل والمصير، الحلم في الوطن الكبير الذي تجوبه تلك الطائرة!!، نغفو على حلم بزيارة أولى القبلتين وقبلة المسلمين ونيل العطاء وبردى الشام وبحر يافا وخليج العرب وسهول اليرموك وسواحل ليبيا ويمن السعد وجبال الأطلس وتونس الخضراء ونواق الشط وسلة الغذاء العربي.
عاد ذلك الحلم ينكأ جراح أجيال تجُر أذيال الخيبة وأنا أطالع كم من التعليقات السخيفة والبذيئة على نقل مباشر لحدث كروي قاري يشارك فيه عدد من المنتخبات العربية، هالني ما وصلت له أجيالنا من إسفاف في النظر إلى (الأنا)!! فالعربي لم يكن في يوم من الأيام (آخر)!!، أوجعني الحال الذي تزملنا على حين غفلة!!، واستيقظت أسئلة عميقة عن أسباب ذلك العبث الذي بتنا نمارسه جهارًا عيانًا، ونكرسه في وعينا ولاوعينا، في تطلعاتنا وفي ممارساتنا!!، افتراضًا وواقعا!!.
إن الشباب الذي لا يعي أهمية العمق الحضاري لأقطاره ولحضن الأمة الكبير الذي يحفظ الكيانات الصغيرة، ولم يتربَ على وحدة الوجدان المتأصل في عذابات ماضٍ يقاوم المحو ومصيرٍ مشترك يواجه أنواعًا من التحديات ليتلاعب بمستقبله كما تلعب أرجل اللاعبين بالكرة التي غدت صنمًا جديدًا يراق على أعتابها حياء الخلق ونباهة الوعي، وفي ذلك التردي يتقاسم التعليم والإعلام بالإضافة إلى ممارسات جيل نكس عن عهده مسؤولية تغيب الوجدان الجمعي من ضمير جيل استقبلتهُ الخيبات..
خبر الهدهد: حنين..
عبد الحق هقي
ابدعت استاذ عبدالحق وضعت يدك على الجرح