لا شك أن للإعلام دوراً هاماً في التوعية والتثقيف كما يعتبر في عصرنا من أهم وسائل الدعوة إلى الله وقد شرَّف الله سبحانه المملكة ملكاً وحكومةً وشعباً بخدمة ضيوف الرحمن و في الحج تصبح المملكة مقصد العديد من وسائل الإعلام و الإعلاميين وتُقدَّم لهم كافة التسهيلات لتمكينهم من أداء رسالتهم الإعلامية ولكن يؤخذ على الأداء الإعلامي رغم التطور الكبير في السنوات الأخيرة أنه لا يزال تقليدياً ونمطياً ولا يتواكب مع تطلعات القيادة الرشيدة ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ـ حفظه الله ـ ولا يتناسب مع التطورات التي نشاهدها في الحملات والتغطيات الإعلامية لمناسبات أخرى أقل أهميةً إذا ما قورنت بالركن الخامس من أركان الإسلام كما أن شكل ومضمون الرسالة الإعلامية لا تزال قاصرةً عن نقل الجهود و الامكانات و المقدرات الهائلة التي تسخرها حكومة المملكة الرشيدة لخدمة قاصدي البيت الحرام .
كيف استطاعت تغطيات مثل بطولات كأس العالم لكرة القدم أن تصل إلى الأطفال في أدغال إفريقيا وتحولت لحدث يتابعه العالم ؟! لقد أصبحت التغطيات الإعلامية صناعة جبارة وتقوم على بنية مؤسسية و كفاءات بشرية وكلها متوفرة لدى المملكة فلماذا لا يتم إنشاء هيئة إعلامية مستقلة تستعين بكافة الخبرات والكفاءات المتخصصة محلياً وعالمياً و لا يقتصر عملها على نقل شعائر الحج وإنما تهتم بالتغطية وبشكل مهني و إحترافي طوال العام للجهود الجبارة التي تبذلها المملكة لخدمة الحجاج والمعتمرين والزوار و تعتني ببث رسائل التوعية لضيوف الرحمن قبل مجيئهم للمملكة و خلال موسم الحج تُنشَئ وتشرف على مراكز إعلامية متخصصة ومجهزة على أعلى مستوى في كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة و جدة والرياض لتسهيل التواصل مع كافة وسائل الإعلام والإعلاميين و بشكل يسهِّل لهم مهمتهم التي تعينهم على التغطية النموذجية للحدث وبما يسمح بتدفق المعلومات من مصادرها الموثوقة و لمنع الإجتهادات والشائعات المغرضة التي تتخفى وراءها أجندات سياسية .
سبق و أن طالب أعضاء مجلس الشورى هيئة الإذاعة والتلفزيون باستراتيجية إعلامية جديدة توصل رسالة المملكة وتخدم سياستها الداخلية والخارجية ؟ و لأن قوة الرسالة الإعلامية لا تتوقف عند حدود الكم بل أيضا تعتمد إلى حد بعيد على وجود رؤيا واضحة و تخطيط استراتيجي لذا يجب أن تشارك كافة الجهات المعنية في صياغتهما وتنفيذهما بما يليق بقدسيَّة ومكانة الحدث و ما تُسخِّره المملكة وتوفره من إمكانات وموارد وليكن هدفنا نقل شعائر الحج إلى كافة بقاع الأرض وبكل لغات العالم وقد استطاعت بالفعل وزارة الشؤون الإسلامية اطلاق حملات توعية للحجاج بـ 32 لغة فهل تستطيع وزارة الإعلام إحداث هذه النقلة النوعية ؟ ولا ننسى أن المملكة لا تحتكر حق البث التليفزيوني لهذه الشعيرة لذا يفترض أن تتسابق أكبر شبكات ووكالات الأنباء والصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية وغيرها لبث هذا الحدث الإيماني والروحاني .
الإنطلاقة الحقيقية تبدأ من الإعتراف بأن الكثير من خبرات ومهارات الحملات الإعلامية والتغطيات الخبرية وكذا التعامل الاحترافي مع وسائل الإعلام العالمية مفتقدةٌ لكنها لا تكتسب إلا بالممارسة وبتراكم الخبرات وليس بالندوات والمؤتمرات وحدها ! فقد وصل على سبيل المثال عدد المؤتمرات والندوات والملتقيات العلمية التي نظمتها الجهات المختلفة في موسم الحج خلال الـ 39 عاما الماضية حوالي 64 مؤتمراً وملتقً؟! تقاسمتها وزارة الحج ورابطة العالم الإسلامي ومعهد أبحاث الحج ومع ذلك لم تُفَعَّل الأغلبية العظمى من توصياتها وكانت الأبحاث في معظمها روتينية لا تنطلق من الواقع ولا تلبي متطلباته و لا تساير تطوراته ؟!
و أخيراً أقترح ستحداث مسابقة عالمية تحقق التنافس بين وسائل الإعلام التقليدية والجديدة لتقديم أفضل ما لديها في تغطيتها لشعائر الحج وتشكل لجنة من عدة شخصيات عربية وعالمية تحظى بالتقدير والإحترام لإختيار الأعمال المتميزة
0