المقالات

مجتمع تعظيم البلد الحرام

ما كُتب بالحب لا يُقرأ بغيره ، هكذا علمنا البلد الحرام ، بلد السماحة والسلام ، وبهذه النظرات المتسامحة كنتُ أقرأ مقالًا للزميل أحمد حسن مكي ، الكاتب في صحيفة مكة الإلكترونية ، والذي كان ينطلق فيه من منطلقات الحب وتعظيم البلد الحرام ، رغم أن ظاهر مقاله جاء خلافًا للمعاني النبيلة التي تسكن خلف سطوره وكلماته ، ولا ضير ، فمن يعرف القلم ، يعذر حامله في كثيرٍ من الأحيان ، فكم من قلمٍ خذل صاحبه ، وكم من لسانٍ عجز عن التعبير ، وكم من مقالٍ جاء خلاف الوجدان وما يختلج داخل القلب وسويداء الفؤاد.

كتب زميلي “مكي” مقاله من منطلق حق التعبير وحرية الرأي ، وهذا لعمري مقصدًا نحترمه ونقصد إليه في صحيفتنا الموقرة (صحيفة مكة الإلكترونية) وفي عموم الصحافة الوطنية ، وقد جاء في مقاله ببعض الآراء والمقترحات ، التي يرى أن المجتمع ومؤسساته سوف تكون بصورة أفضل لو كانت كما تمناها ، ومما لاشك فيه أن هذه الآراء والمقترحات هي بدافع القيام بأمانة الكلمة والمسؤولية المجتمعية.

ومن كريم ماتفضّل به في مقاله ، ما حكاه عن رأيه في دمج مشروع التعظيم ضمن الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام ، وهذا الرأي النبيل يعطينا دليلًا كافيًا لمقدار الثقة والمحبة التي تنطوي عليها نفسه تجاه مشروع التعظيم ، إذ أن إيمانه بالدور الريادي الذي يقوم به المشروع ، حدا به إلى التطلع لجعل المشروع رافدًا مجتمعيًا من روافد رئاسة الحرم الشريف .

هذا وبغض النظر عن المبالغة في إحسان الظن للمستوى الذي جعل كاتبه ينادي بهذا التطلع ، فإن حقيقة الحال أن كل مؤسسات البلد الحرام الحكومية منها والخيرية والخاصة ، تتظافر وتتساند في تعظيم البلد الحرام ، انفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة في خدمة الحجاج والمعتمرين وقاصدي البلد الحرام ، ولم يقل أحدٌ بدمج كياناتها في بعض .

وعلى كل حال وبصفتي أحد أبناء البلد الحرام ، وكاتبًا في صحيفة مكة الإلكترونية ، فإني أدعو زميلي الكاتب وفريق التحرير ومن يرغب من الإعلاميين والمهتمين بالشأن المجتمعي من القراء الكرام إلى زيارة مشروع تعظيم البلد الحرام ، وسأقوم أنا والأستاذ عبدالله الزهراني رئيس التحرير ، بالتنسيق مع العلاقات العامة بمشروع التعظيم، وعمل كافة الترتيبات الكفيلة بإطلاعنا على الإنجازات والمناشط المجتمعية التي يقوم بها مشروع تعظيم البلد الحرام من خلال الشراكات الحكومية والمجتمعية الميمونة ، ومشاهدة الأفلام الوثائقية للمناشط الموسمية ، وزيارة المعرض الدائم بمشروع التعظيم الذي يعكس الصورة المشرقة التي ساهم في رسمها المجتمع المكي بكل مؤسساته وقطاعاته وأفراده ومايزال ، وحتى نصل إلى درجة كافية نمتلك من خلالها التصور الصحيح الذي نستطيع أن نبني عليه أحكامنا وآراءنا من نقد أوإشادة مصدرهما واقع الحال المشاهد الملموس ، وليس الخيال والأمال ونسيج الظنون ، ولا سيما أن مقال زميلي “مكي” تضمن على توهمات تأكد لنا أنه كان بعيدًا كل البعد عن امتلاك المعلومة من مصاردها الصحيحة ، فالمشروع لم يتجاوز منذ اطلاقه (١٢) عامًا ، وقوله (١٥) عامًا ، وليس للمشروع نشاطًا يقوم على مد سفر الإفطار شهر رمضان المبارك ، بخلاف قوله ، هذا والفرصة سانحة هذه الأيام لزيارة إثرائية لمهرجان الجنادرية للتراث والثقافة/جناح مكة ، إذ أن المشروع مشاركًا شراكة سنوية بهيجة مبهجة، الأمر الذي جعله يلقى إقبالًا منقطع النظير ، إقبالًا يليق ومكانة البلد الحرام ، كما عودنا في المشاركات السابقة في مهرجان سوق عكاظ وغيره من المحافل والمنتديات المجتمعية والثقافية ، مما جعل المشروع حاضرًا متجددًا بعيدًا عن النمطية والتقليدية التي توهمها أخي في مقاله ، علاوة على البحوث الجامعية والأكاديمية في جامعة أم القرى وأكاديمية الأمير نايف الأمنية “رحمه الله” ومعهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة ، التي يقوم المشروع من خلالها على أصول علمية وشراكات راسخة وحيوية ، وهذا التجدد و رقي التفكير العلمي وأساليب العرض التقني الحديث ، جعل من المشروع مشاركًا دائمًا في المهرجات والفعاليات الكبرى ، كالجنادرية وغيرها ، ومحلًا للبحث والتأصيل ، وشريكًا استراتيجيا للعمل المكي المسؤول ، وهذه مزيّة أمتاز بها عن بقية الجمعيات جمعاء ، ولنا أن نتصور فرحة أخي كاتب المقال بامتلاك الحقيقة -فيما لو زار جناح المشروع في الجنادرية ، ريثما تتم زيارة مقره الدائم بالبلد الحرام- والبون الشاسع بين تصوراته الخاطئة والواقع المشاهد لكل أبناء الوطن والعالم ، فضلا عن أبناء مكة ، والجدير بالذكر أن كل الذين تشرفوا بزيارة مشروع تعظيم البلد الحرام (المقر والمعرض) خرجوا منه بقناعة راسخة مفادها : أن تعظيم البلد الحرام لم يكن في يومٍ من الأيام مشروعًا مكتفيًا بذاته ، بل هو المجتمع بكافة أطيافه تحت رعاية حكومة خادم الحرمين الشريفين ، ووفق توجيهاتها الرشيدة ، وهذا الذي تقوم عليه كل سياسات مشروع تعظيم البلد الحرام ، وتشتمل عليه رؤيته ورسالته.

خالد بن سفير القرشي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى