محمد أحمد عسيري

باشراحيل .. عطر الشعر ورائحة العطاء

قلبه مقسوم نصفين ، نصف لعشقه مكة الأرض الطاهرة ، ونصف للشعر .
لم يكن شاعرا بالصدفة ، ولم يسلك أسهل الطرق ليرتدي عباءة القصيدة . بل صنع اسمه كما يصيغ الجواهرجي قلادة أنيقة .
ذلك الفتى الذي تنفس دروب “مكة” وحفظ أزقتها .. تشكل في داخل وجدانه حس مرهف وتشرب قلبه روحانية المكان والزمان .. فتفجرت ينابيع روحه شعرا وأدبا حتى بات علما من نور .
عبدالله باشراحيل .. القصيدة الخالدة في ذاكرة الوطن . العنوان العريض على صفحات مكة الأرض والإنسان .
مسيرة حافلة بالإبداع الحقيقي والعطاء المستمر .
في شعر باشراحيل تقرأ تفاصيل النفس المتشبعة باليقين . نستطيع بوضوح أن نتعرف على المفكر العميق الذي حصن نفسه بأسوار المعرفة العالية والثقافة المتينة .
في بوحه رحلة طويلة من الحقيقية الجلية . عندما تسير في ركب حرفه تشعر أنك تفيأت ظلا إنسانيا غاية في الجمال .
ولأنه لم يكن صدفة عابرة .. فاستمراه لم يكن بالأمر الغريب . فهاهو على مدى زمن بعيد يقدم للأدب والأدباء عمره وجهده ويفتح لهم أبواب قلبه من خلال منتداه المعروف “منتدى باشراحيل”.

لقد جسد الدكتور عبدالله باشراحيل أبهى صور الانتماء من خلال شعره .. الانتماء كإنسان لوطنه ولمجتمعه المكي الكبير . لم يتوقف أمام نفسه ودائرته الضيقة .. ولم ينزوي بعيدا عن هموم الآخرين .. بل كان رجالا في رجل .. حتى وإن تأخر رد الجميل له إلا أنه ظل وفيا يضرب أروع الأمثلة في الصفاء والتسامح والبذل .
النجاحات في حياته كثيرة وكبيرة . فصوته وشعره تجاوز خارطة الوطن . كرم في العديد من المحافل الدولية والإقليمية . نثر شعره فوق صدر الوطن العربي وأسمع السهول والوديان وكأنه غيمة تنثر ماءها فوق يباس الأرض المحرومة .

عبدالله باشراحيل والذي كان “الهوى قدره”لم يهزمه “الخوف”فأضاء “قناديل الريح” ونظم “أقمار مكة” و”قلائد الشمس” ليزين بها الدروب المعتمة .
بين الشعر والنثر له طريق طويل على جانبيه الكثير من القراءات والمشاركات والتكريم والأوسمة التي أضاف لها قيمة كبيرة بأدبه وشعره وتفانيه .
وبعد عطاء يشبه البحر وشعر هو المسافة بين الأرض والسماء جاء تكريم الوطن بمثابة اعتراف وتوثيق لمسيرة رجل له سيرة مكتوبة بمداد من نور . التكريم الذي جاء من قبل وزارة الثقافة والإعلام في ملتقى الأدباء الخامس .

باختصار .. الأوفياء لا يسقطهم التاريخ . تحتفل بهم الأوطان .. تجعل منهم حكايات حية لأجيال إن أرادوا المجد عليهم أن يقفوا احتراما لمن صنعوا ذاكرتهم الأدبية .
عبدالله باشراحيل ذلك “المكي” الشامخ لا يشبه غيره . لا تشبهه إلا قصائده التي كلما فتحنا صفحات شعره
فاحت منها سنوات الحب وعطر الأرض الطيبة .

محمد أحمد العسيري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى