مقولة تستحق الوقوف عندها والتأمل والنظر في مدلولها.
وفد وائل بن حجر بن ربيعة بن وائل بن يعمر الحضرمي ابن هنيد أحد ملوك اليمن رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال أبو عمر ابن عبد البر صاحب كتاب التمهيد :
كان أحد أقيال حضرموت ، وكان أبوه من ملوكهم، ويقال : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر أصحابه قبل قدومه به، وقال : «يأتيكم بقية أبناء الملوك».
فلما دخل رحب به وأدناه من نفسه، وقرب مجلسه، وبسط له رداءه، وقال :
« اللهم بارك في وائل وولده وولد ولده ».
واستعمله على الأقيال من حضرموت ، وكتب معه ثلاث كتب ، منها كتاب إلى المهاجر ابن أبي أمية، وكتاب إلى الأقيال ، وكتاب إلى العياهلة ، وأقطعه أرضاً، وأرسل معه معاوية ابن أبي سفيان فخرج معه راجلاً فشكى إليه حر الرمضاء، فقال له وائل: «انتعل ظل الناقة».
فقال : وما يغني عني ذلك لو جعلتني ردفاً.
فقال له وائل : اسكت فلست من أرادف الملوك .
ثم عاش وائل بن حجر حتى وفد على معاوية وهو أمير المؤمنين بدمشق ، فعرفه معاوية فرحب به، وقربه وأدناه ، وذكره الحديث ، وعرض عليه جائزة سنية فأبى أن يأخذها، وقال : أعطها من هو أحوج إليها مني.
وفي رواية أخرجها الإمام أحمد في مسنده : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعه أرضا، قال : وأرسل معي معاوية أن أعطيها إياه – أو قال : أعلمها إياه -، قال : فقال معاوية : أردفني خلفك.
فقلت: لا تكون من أرداف الملوك.
قال : فقال : أعطني نعلك .
فقلت : انتعل ظل الناقة.
قال : فلما استخلف معاوية أتيته فأقعدني معه على سرير الملك ، فذكرني الحديث – قال سماك : فقال وائل : وددت أني كنت حملته بين يدي.
نأخذ من هذا فائدة وعبرة :
الفائدة :
أن الدنيا لاتدوم على حال ، فاليوم لك وغداً عليك.
فمعاوية رضي الله عنه كان صعلوكاً لامال له وبعد سنوات قريبة من ذلك الحدث أصبح ملكاً.
والعبرة :
أن نكون على حذر من الدنيا ، ونسلّم بصحة مقولة ( لو دامت لغيرك ماوصلت إليك ).
فرب مال جمعته أنت وأنفقه غيرك.
ومكان بنيته أنت وسكنه غيرك.
ومنصب أعددت له أنت فتنصبه غيرك.
بل : ورب فتاة خطبتها أنت فدخل بها غيرك.
احذر الدنيا ، فإنها خدّاعة فلاتغرّك.
أ. د. عبدالله عيضه المالكي