اتصلت بي قبل أيام عدة مطوفات من مؤسسة جنوب آسيا ، يندبن حظهن من عدم دخول أبنائهن الوكلاء كشركاء في العمل في مكاتب الخدمة الميدانية واعتبرن ذلك هضم لحقوقهن .. وبعد البحث والتقصي، والاطلاع على ” دليل آلية ومعايير التقدم للحصول على حق امتياز إدارة مكتب خدمة ميدانية ” تبين حقيقة الشكوى وأن النظام فيه الكثير من التجني على حقوق المطوفة . إذ أن الشروط لعمل رئيس المكتب وللثلاثة نواب معه تنص على ( أن يكون مطوفاً أو وكيلاً عن والده الأصيل..) ومع غموض كلمة ( الأصيل ) .. المهم أن الشرط استثنى ابن المطوفة !!
وفي شروط التقدم فقرة رقم ( 4 ) تقول : ” يشترط أن تتضمن المجموعة المتقدمة أربعة أفراد من المطوفين الأصول وأبناء المطوفين بالوكالة عن آباءهم المطوفين فقط .. كحد أدنى ، وتحديد الرئيس ونائبه بالاتفاق فيما بينهم سواء من المطوفين الأصول أو الوكلاء عن آبائهم المطوفين فقط ..”. وبهذا نجد أن الهيمنة الذكورية على حقوق المطوفة قد بلغ مداه .. فالمطوفة هي وريثة للمهنة ومن حقها العمل فيها، وحين لا يسمح لها بالعمل فمن حقها توكيل أحد ابناءها أو أقاربها أو أحد أبناء الطائفة في العمل نيابة عنها ، وهي بذلك تتساوى شرعاً وعرفاً اجتماعياً مع المطوف في الحقوق ؛ حيث لها حقوق في الجمعية العمومية، والتصويت عليها، وعلى الميزانية الختامية للمؤسسة، والقوائم المالية ، بل حتى على رواتب رئيس مجلس الإدارة ونائبيه ، والتي قد تصل إلى مئات الألاف من الريالات ..وحتى على سيارات المؤسسة التي تعطى لهم من حقوق المساهمين والمساهمات ..!!
وحيث أنه تم الاطلاع على الدليل الجديد للعمل فقد وجدت أيضاً الكثير من الملاحظات التي لا بد للوزارة أن تكون متيقظة للإشكاليات التي تحدث من هذا النظام المزعوم وإنه : ” نظام يضمن الوضوح والشفافية والمصداقية ” بينما لم أجد فيه إلا الغموض والضبابية والغبن في الطرح حيث تقول (الفقرة12) من شروط التقدم : ” قامت المؤسسة بعمل برنامج لإدخال قيمة حق الامتياز لكل مكتب على حده سرياً من خلال المجموعات المؤهلة لتقديم العروض.. ” فمن الذي يحدد أن هذه المجموعة مؤهلة ؟ وكيف ؟؟ ولماذا السرية في كل الأمور ..!؟ فحتى (المادة 17) من شروط التقدم للخدمة تقول : ” سيتم ترسية المكتب على المجموعة المتقدمة للحصول على أقل نسبة من صافي الربح وفي النطاق السعري (الحد الأدنى والأعلى) المعتمد بموجب محضر مجلس الادارة السري والذي سيعقد بعد استلام العروض ، وقبل إجراءات عملية فتح المظاريف”… فكيف يحدد المجلس السعر الحد الأدنى والأعلى سرياً!؟ ولماذا لا تكون العروض علنية حتى يعرف كل مطوف لماذا قُبل أعضاؤه أو لماذا اسُتبعدوا ؟
كما أن هناك نقطة أخرى هامة وهي: هل ستكون العطاءات سرية كذلك على أقارب الرئيس ونائبيه وإخوانهم ومعارفهم ؟؟!! بل إن بعض منهم له أبناء يعملون في مكاتب الخدمة الميدانية ..فهل يعقل أن تكون العطاءات المقدمة سرية عليهم أيضاً !!؟؟ ولا يكون التلميح بل تصريح عن قيمة العطاءات بينما تحجب عن الآخرين !! وهذا ما حدث في الدورة السابقة حيث تسربت قيمة العطاءات المطلوبة وحظى أقارب الرئيس ونائبه بالأرقام الأولى في المكاتب نتيجة تسرب قيمة العطاءات لهم ، بينما ضُلل آخرون بقيمة وهمية مغلوطة ، وغمت تماماً عن الأغلبية !!
بل إن ما حدث يوم فتح المظاريف حيث أوقف الفتح لمدة نصف ساعة وخرج الرئيس ونائبيه وبعدها عادوا وتسربت قيمة العطاءات المطلوبة والتي وجد أنها مطابقة لما قدمه المطوفون الجدد من أقاربهم ؟؟ وقدم المظلومين من المطوفين – والذين خرجوا من المولد بلا حمص – قضايا ضد المجلس ولهم أحكام قضائية واجبة النفاذ .. ولكن- لأسف – لم تنفذ !!
بل إن الأهم من ذلك كله أن هذا النظام المزعوم والذي يقوم على الشركاء من الأسر؛ يغفل جانب الكفاءة والخبرة وتطغى الشكليات الأسرية على الخبرة والكفاءة وأخلاقيات المهنة .. والحج ليس ميداناً للتجارب ويجب التأكد من صحة اي نظام قبل تطبيقه..
والغريب كذلك أنه بعد نزول الدليل على الموقع فوجئ المطوفون بتغيير لبعض الأنظمة فمثلاً: كان يسمح للمطوف توكيل من يرغب وعند التقدم تم وضع الشرط أن يكون المطوف الموكل قد تجاوز الـ 65 عاماً ..!! فسبحان الله ربما عمره أقل ولا يرغب في العمل ويرد التوكيل فلماذا هذا التعنت !! وكذلك شرط أن يكون أبنه أقل من 18 سنة حتى يوكل أي مطوف آخر!!
كل ذلك لم يكن يحدث مطلقاً حينما كان يطبق نظام (العقد الموحد) والذي عمل به حتى عام 1433هـ ، والذي صدر فيه الأمر السامي الكريم رقم 7/ ب/ 48326 وتاريخ 2/12/1423هـ الصادر بالموافقة على توصيات لجنة الحج العليا بتاريخ 27/8/1423هـ بالموافقة على نظام الخدمة ( متعهد مطوف) في مؤسسة جنوب آسيا. والذي أحدث نقلة نوعية في خدمة الحجاج وارتفعت موارد المؤسسة ، وزيادة للسهم وللمبلغ المقطوع وهو ما لم تصل اليه المؤسسة لا قبل ولا بعد ذلك التنظيم .
وأهم مميزاته المنافسة الحقيقة لتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن ، والمزايدة على الارقام الأولى علنياً وأمام الجميع ..قمة الشفافية في الطرح ، وكل يختار ما يتناسب إمكانياته ، وقدراته المالية ، وبما يحقق رغبات حجاج بيت الله الحرام . بل ذلك الطرح يتناسب -الآن – مع رؤية المملكة 2030م في الاعتماد على الحج كمورد استثماري ؛ حيث يساهم في المنافسة الحقيقية وبالتالي تحقيق أرباح تضخ في اقتصاد الوطن.
وحسب علمي فإن وزير الحج والعمرة د. محمد بنتن قد أثنى على ذلك التنظيم في أحد اجتماعاته مما حدا بعض المؤسسات مثل مؤسسة جنوب شرق آسيا بتطبيقه لهذا العام . وكان الأجدر بمؤسسة جنوب أسيا إعادة تطبيقه طالما ثبت نجاحه ، ناهيك عما سببه نظام العطاءات من شرخ بين الأسر وتنافر في العلاقات .. في حين إنه في العقد الموحد كان جميع الأعضاء يعملون بروح الفريق الواحد ، وبحب وانتماء ويحصل المطوفين الأكفاء من ذوي الخبرة والمهارة على مكافآت ربما أعلى مما يحصل عليه الشركاء الآن ..
أظن إن على وزارة الحج والعمرة مسؤولية عظمى في اعتماد وإقرار ما يحقق مصلحة حجاج بيت الله الحرام وطموحات القيادة الحكيمة مع الاخذ بالاعتبار مصالح المطوفين والمطوفات .
فاتن محمد حسين
بارك الله فيك يادكتورة ولكن أين عوائد مشروع مبنى الأهلة الذي عمل من أجل ضمان حق المطوفات المالي
هذا المشروع الذي عمل من أجل المطوفات و أبنائها ورثتها الشرعيين سوف يأتي هذا اليوم عاجلا أم آجلا الذي تقلب الطاولة على رؤوس كل الظالمين
بارك الله فيك يا دكتورة ونفع بعلمك ماذا عن مركز الاهلة وحقوق المطوفات به وأبنائها وبناتها
ليت الوزارة تعمل على رفع الظلم عن المطوفين والمطوفات في مؤسسة جنوب آسيا وإعطاء حقوقهم القديمة المستحقة الدفع منذ عام 2016 وحقوقهم في الإستثمار بمركز الأهلة
حسبي الله ونعم الوكيل