المقالات

الصف الأول بين الهوس والعقلانية

في إحدى المناسبات كنت مسؤولًا عن لجنة الاستقبال والتنظيم، فقمنا بحجز الصف الأول لأصحاب المعالي ومدراء الدوائر الحكومية ومع بداية برنامج الحفل لمحت أحد أعضاء هيئة كبار العلماء يجلس في المقاعد الخلفية، فطلبت من أحد أعضاء اللجنة تجهيز مقعد له في الصف الأول، وذهبت إليه طالبًا منه التقدم في المكان الذي يليق بمعاليه فاعتذر بشدة وبأدب جم قائلًا:” حضرت لأستمع، إن رغبتم في بقائي دعوني في مكاني”.
هنا تذكرت قيمة العلم التي تبني أخلاق الرجال؛ ليكونوا قدوة يحتذى بها، وتأسفت على حال البعض الذي لاهم له إلا أن يسرع الخطى فيتجاوز خطة المنظمين؛ لينهب مكانًا قد خصص لغيره حتى وإن وجد عبارة فضلًا هذا المكان محجوز تحولها نفسه المريضة بكلمة محجوز لي دون مبالاة أو إحساس بالكرامة، فالنقص الذي بداخله يريد أن يعوضه بالظهور أمام الغير بأهميته ومكانته التي يعرفها جيدًا النظارة وتنكرها مشاعره المتبلدة.
إن التنافس على الصف الأول نجده عند القلوب السليمة والعقول النيرة، حين يتسابقون على الصف الأول في كل صلاة، وعند طالب العلم حين يحضر مبكرًا لقاعة المحاضرة ومجالس العلم لينهل من موارده، وحين تدق طبول الحرب تجد الشجعان الذين وهبوا حياتهم لنصرة الدين والحق في مقدمة الجيش.
هذا والله لعمرك هو التنافس الحق في الفوز بالصف الأول، وماعداه هو مظهر زائف زائل لاقيمة له ولن يخلد التاريخ فيه مآثره.
مشهور محمد الحارثي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى