عوضه الدوسي

خلايا الإرهاب وحرفية العمل الأمني

من خلال عملية أمنية فاقت كل التوقعات، وتخطت كل ماهو مألوف في العمل الأمني، تطيح الجهات الأمنية _وفقها الله_ بخلايا إرهابية عرفت بالعنقودية ؛لأنها ذات أطراف متعددة في مناطق مختلفة من المملكة وإن كانت تشكل كتلة واحدة لهدف بغيض وهو زعزعة الأمن وترويع الآمنين.
إن تلك العملية الأمنية التي وصفها كل المراقبين في الساحة بالاحترافية ليس لأنها تمت من خلال معايير ناظمة لها، ولكنها تمت كذلك من خلال مهارة ومعرفة، وصل إليها رجال الأمن فالمران والممارسة والدربة طوال سنوات في مواجهة الإرهاب أهلت أولئك الرجال إلى الوصول إلى تلك المرحلة العليا التي اقتربت كثيرا من صفة الكمال، وهي لاشك مرحلةٌ عجزت بالوصول إليها دول متقدمة تمتلك الخبرة والتقنية، ويُعزى ذلك الإنجاز الوطني الكبير، أولا إلى توفيق الله، ثم إلى قوة رجال الأمن ومهنية العمل الاستخباراتي لديهم، إلى جانب أنهم انطلقوا من عقيدة وإيمان راسخ لمحاربة الفكر الضال من خلال معرفةٍ ووعي تام بظلامية توجهاتهم والتي بدأت بوادرها تلوح منذ وقت مبكر باسم الدين، وتدرجوا صعودا بتشدد لا أصل له فساغ لهم كل شيء، واستتباعا لذلك انطلقت الجموع الأمنية من ركائز واضحة نحو تعزيز أمن الوطن، هذا الوطن الذي يختلف عن غيره كونه يحتضن الأماكن المقدسة ويفد إليه الناس من كل فج عميق. على قول الشاعر:

إليك تهفو قلوب الخلق يا وطني

ومنك يشرق نور الحق في الزمن

إن حتمية الأمن هي ضرورة بالغة ويجب أن تتطور تبعا لكل مقتضيات الحال، وأن يعنى بالأمن لأقصى درجات الاعتناء من منطلق جعلناه للناس سواءً العاكف فيه والباد، وقد ارتفع صوت الحق منذ فجر التاريخ بأذان سيدنا إبراهيم عليه السلام ليجلجل في كل الأفاق، يقابل ذلك صوت كل غيور على الدين والأرض والعرض على مبدأ( وطنا لا نحميه لانستحق العيش فيه) ومن هنا تتجلى حرفية تلك العملية الأمنية التي كانت مقرونة بعاملي الوقت والدقة، فالإطالة في الوقت قد تزيد من قوة تلك الخلايا وتوسع من نطاقاتها في اتجاهات مختلفة، والدقة هي الأخرى إذا لم تحكم بشكل جيد قد تفلت أية خلية ومن ثم تفلت بقية كل الخلايا، وبالتالي تصعب السيطرة الأمنية عليها، لتتشكل مرة أخرى بعد أن تعزز لها دروب سالكة للوصول إلى مآربها الخبيثة لزعزعة الأمن والاستقرار، وقد أشير في البيان الصحفي من قبل المتخصصين ومن القريبين من المعالجات الأمنية بأن سقوط طرف من هذه الخلايا العنقودية من قبضة الأمن من السهل إعادة بناءها مرة أخرى، فالخلية أشبه ما تكون بكائن هلامي يتحرك ويتخفى وتستطيع الخلية بناء ذاتها بذاتها كون لها سرعة في الانكماش والتمدد حسب ما تقتضيه الظروف، كل هذه الحقائق تؤكد صعوبة العمل الأمني وقدرة رجال الأمن في إحكام السيطرة على تلك الخلايا من خلال عمليات أمنية ناجزة وبشكل نوعي امتاز عن غيره، وفي ظرف وجيز ومتزامن تهاوت كل تلك الخلايا العنقودية كأوراق الخريف الذابلة أمام أعاصير وحزم رجال الأمن_وفقهم الله_ وتلك هي عزائمهم التي اقترنت بحب وشوق لهذا الوطن والتي ستمتد من المهد إلى اللحد، يقول الشاعر حسن الزهراني: في قصيدته (قُبله في جبين القِبله) في إشارة إلى هذا الكيان الشامخ :

وأنت رعشةُ حبٍ صادق ولدت
بيضاء تمتدُ من مهدي إلى كفني

هكذا هو الوطن في قلوب أبنائه عطاء مستمر وحب لا ينتهي..

عوضة بن علي الدوسي

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button