المقالات

أوراق لشفيف القرى(٣)

سوق الأحد يعتبر بوابتي الحقيقية للمعرفة؛ حيث أشاهد الحركة التجارية البسيطة وكذلك بعض الرجال والذين يطلق عليهم المطاوعة، وهم يتسنمون سقف أحد الدكاكين للحديث عن أمور الدين, وأهمية الصلاة, التذكير بالجنة والنار, بعض المتسوقين مشغولون في البيع والشراء.
تزداد فرحتي بيوم الأحد؛ حيث يُسمح للطلاب بالتسوق في جنبات السوق وشراء وجباتهم من فاكهة الليمون الحالي والنبق الذي يبيعه القادمون من أطراف المنطقة الشمالية..
ساحة صغيرة أمام منزلنا, هي المرتع لأبناء الجيران, الساحة الدرس الأول في إيجاد علاقة مع أقراني.
ذات صباح أيقظتني أمي لا أدري لماذا؟ إلا أن شيئًا أستشفه في ملامح والدي, ارتديت الثوب, ولبست القبعة, ولففت أمي العمامة البيضاء على رأسي, سبقني شقيقي, سرت خلفه اتجاه المدرسة مرورًا بطرق ضيقة تنحشر بين المنازل, فيما تحف النباتات الطريق وصلنا إلى المدرسة, مبنى إسمنتي, يتكون من عدة غرف, بنيت على سنام جبلي, وقبل أن ندلف المدرسة, توجد بوابة على شكل قوس من الطوب الصغير, لتفضي إلى باحة داخلية, ثمة فصول على اليمين, وأخرى على اليسار, متساوية الأحجام, أطلق أحد المعلمين صفارة ليتحلق الطلاب في الفناء, بعدها يتم تفريقهم على جنبات الفصول, على شكل دائرة واسعة, كان المعلم ذا السروال البني والقميص الشبيه بلون الزبدة, يطلق الصافرة بين الحين والآخر, قامته الطويلة تسبب الكثير من الخوف لتلاميذ الصف الأول الابتدائي, بدأ يعلمنا تمارين الصباح, يرفع صوته كأنه يخرج من قدر نحاسي, واحد, اثنان, ثلاثة, أربعة. يلتهم بعض الحروف يقف مدير المدرسة في منتصف الفناء ليلقي كلمته بمناسبة بدء العام الدراسي, بعدها اختير لنا فصل لندلف إليه, ثمة كراسي ومقاعد خشبية سبورة سوداء وصندوق حديدي مقفل في الجانب الأيمن, عرفت فيما بعد أنه مقصف المدرسة, يبتاع الطلاب من رجل مسن يعمل في تقديم الخدمة للمعلمين, محتويات الدولاب بسكوت حلويات, يبدأ في البيع بداية الحصة الثالثة.
وقف المعلم أمامنا بوجه مضيء عيناه يحيطهما الجلد المنطوي ثمة شعر مختلط بين البياض والسواد ملأ ذقنه, يحمل عصا صغيرة كتب على السبورة لم نعرف ماذا تعني ؟ . جاء مدير المدرسة ومعه عدد من المعلمين طلب المدير من كل تلميذ مسك أذنه اليسرى بيده اليمنى كنا نظن بأنها لعبة ليتم إبعاد طالبين أحدهما صديقي؛ لأنهما لم يستطيعا إيصال أيديهما إلى أذنيهما حزنت، لم أستطع الاحتجاج. وبقيت آه تصطلي في صدري.

جمعان الكرت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى