عبدالحق هقي

لغتي الأم

لُجة الأيقونات

منطق الطير: “إن الفكر يصنع اللغة وهي تصنعه” – دولاكروا

          بناءً على قرار منظمة الثقافة والعلوم (اليونسكو) يحتفل العالم كل عام في الواحد والعشرين من فبراير/ شباط باليوم العالمي للغة الأم، وهو بقدر ما يدعو إلى الانفتاح اللغوي واحترام التعدد الثقافي في إطار من التنوع والاحترام المتبادل، يدعو بذات الأهمية للحث على الحفاظ على اللغة الأصلية وتفعيلها في الحياة اليومية لشعوبها، وزيادة الوعي بأهمية أن تلعب اللغة الأم دورها المحوري والفاعل كلغة تواصلية ووظائفية في حراك التعليم والثقافة والبناء النهضوي للشعوب المختلفة.

          يلفت الاحتفال بهذا اليوم وإن كان مهمشًا ومحدودًا في بيئتنا العربية إلى واقع مرير تعيشه لغتنا العربية، سواء على مستوى التواصل إذْ باتت رهينة للعاميات المهجنة بالمفردات الغريبة والغربية، أو على مستوى التعليم إذْ لم يُكتفَ بتجاهلها وإقصائها على مستوى الدراسات الجامعية خصوصًا في حقل العلوم الطبيعية والمعارف العلمية، وإنما أضحى التضييق عنها حتى في المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية!!، من خلال إضعاف حضورها في المواد العلمية  كالرياضيات والفيزياء والكيمياء واستبدال كثير من الرموز المعربة بأخرى لاتينية!!.      

          إن الملاحظ أن استهداف اللغة العربية في منظومة التعليم يُؤتى من قِبَل العلوم، ولا يبدو ذلك أمرًا عفويًا ارتجاليًا، وإنما مقصودًا مخططًا له بما لا يدع مجالاً للشك، إذْ يدرك من يتربص باللغة العربية في غي أهلها وغيبتهم أهمية الحضور اللغوي في منظومة العلم والتقانة، فالملاحظ أن ازدهار لُغتنا وما واكبه من حراك في منهجتها وتبسيطيها وتقعيدها بالمفهوم التنظيري المعرفي وافق النهضة الفكرية والعلمية الشاملة في نور عصورنا، وليس نتيجةً للرأي التسطحي بأن ذلك كان لاستشكالات النطق لدى العجم وشيوع اللحن.

          كل ذلك يجعلنا أمام تحديات جسام، فلا يُمكننا العبور نحو نهضة حقيقية دون تفعيل اللغة العربية في المجالات ذات الصلة بالمعارف والعلوم، والولوج إلى عوالم التقانة بسرعة وفاعلية، في المقابل لا يمكن أن نرتقي بلغتنا إلى ذلك المصاف إلاَّ بنهضة حقيقية، ولن يتأتى ذلك إلاَّ بحركة لغوية تجديدية تصنع الاستثناء وسط واقعٍ مخيب، فتثري القاموس بمفردات عربية مواكبة ومفاهيم لغوية مرنة، وتعيد تقعيد اللغة وتبسيطها، وبناء منظومة قواعدية تراعي أصالة المنهج وتواكب حركية التغير.      

خبر الهدهد: قولبة الوسائط

عبد الحق هقي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى