د. جرمان الشهري

جامع الريامة يا أوقاف النماص

ما أقسى أن نتجاهل التاريخ، ونهجر التراث ونهمله، وخصوصًا عندما يكون ذلك التراث موروثًا له علاقة بالطراز العمراني الإسلامي القديم .. وهذا ماحصل لجامع قرية ((الريامة)) التابعة لمحافظة النماص بمنطقة عسير، هذا الجامع التاريخي يضرب أطنابه في أعماق التاريخ التليد، فهو حسب الرواة، تجاوز منذ بنائه حتى الآن أكثر من أربعمائة عام، ومازال شامخًا في طرف القرية القديمة حيث مباني الطين والحجر، قبل أن تكتسح قريتنا الوادعة المباني الخرسانية، وتغير ملامحها التقليدية الأصيلة، إلى وجه من أوجه الحضارة العصرية التي لا تخلو من المكياج الاصطناعي الممزوج بروح التقدم ونكهة الوجبات السريعة .. جامع ((الريامة)) مازال شامخًا وشاهدًا على عبق الزمان والمكان، يحكي ويسترجع سيرة مرتاديه المصلين من الركع السجود الذين تقربوا إلى الله بوضع جباههم فوق حصبائه وخصفه، وكأننا نشم في جدرانه رائحة الرعيل الأول من آبائنا وأجدادنا ونستشعر نمط حياتهم البدائية المعطرة بروح الإيمان وصفاء المعتقد، كل شيء في جامعنا يحكي ماضيه السحيق، فأماكن الوضوء القديمة التي تشكلت من نمط العمارة السائدة في ذلك الزمان الغابر، هي شاهد عيان آخر، وكذلك مئذنته القصيرة التي كان يعتليها المؤذن، ثم يصدح بالأذان بصوته الجهوري الذي يدوي في جنبات القرية الهادئة والخالية من ضوضاء الحضارة، مستنهضًا قلوب وأرواح المصلين إلى أداء الصلاة، دون مكبرات خارجية ولا لاقطات داخلية .. هكذا كان ومازال حتى الآن يؤدي مهمته التعبدية على أكمل وجه، مع بعض التعديلات التي طرأت على ملامحه المعمارية كي يتماشى مع العصر الراهن .. وعودًا على بدء، فإن التجاهل الذي قصدته في بداية المقال، هو أن المؤذن الرسمي لجامع الريامة العم عبدالرحمن بن مغرم الشهري قد توفاه الله قبل حوالي سنة رحمة الله عليه، وإلى تاريخ اليوم لم يتم تعيين مؤذن رسمي خلفًا للعم عبدالرحمن !! ولهذا فإنني أخاطب مكتب أوقاف النماص من هذا المنبر الإعلامي، وأذكرهم بجامع الريامة الذي مازال بدون مؤذن رسمي حتى الآن؛ مما اضطر الأهالي إلى الاستعانة بأحد الأخوة المقيمين كي يقوم بمهمة الأذان في حال تواجده، وعند غيابه فإن المصلين يتناوبون على مهمة الأذان بقدر الظروف التي تسمح لأول شخص يصل إلى الجامع في الموعد المحدد !! هل يعقل هذا يا أوقاف النماص ؟؟ لن نيأس فأنتم من الخير قريب، وهذه مهمتكم أمام الله ثم أمام المسؤولين.
د. جرمان أحمد الشهري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى