المقالات

لا فسوق ولا جدال في الحج

ذكرت وسائل الإعلام عن قيام لجنة من مؤسسة الحج والزيارة الإيرانية بزيارة المملكة العربية السعودية للترتيب لعودة الحجاج الإيرانيين؛ لأداء فريضة الحج بعد أن منعتهم السلطات الإيرانية العام الماضي عندما قبلت محاضر الاجتماع مع وزارة الحج والعمرة السعودية ثم عادت ورفضت المحاضر المتفق عليها، وفريضة الحج هي الركن الخامس من أركان الإسلام ولا توجد قوة في الأرض تمنع مسلمًا من أداء فريضة الحج إلا إذا قرر الحاج إنكار الآية الكريمة وعمل ضدها التي يقول فيها عز من قائل:( فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ ) فإذا أراد ملالي إيران الفسوق في الحج واستغلاله للجدال وتهديد حياة حوالي ثلاثة ملايين حاج تَرَكُوا بلادهم وأهلهم وتحملوا عناء السفر ومشاقه وتكاليفه وأخلوا بالسكينة والوقار ولم يراعوا حرمة البيت الحرام، وطالبوا بممارسات خبيثة في المشاعر المقدسة وفِي بيت الله الحرام وفِي مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإن من واجب الحكومة السعودية المؤتمنة على سلامة الحجاج وعلى أمنهم وراحتهم وتيسير كل السبل لضيوف الله أن تتصدى بكل عزمٍ وحزمٍ لهذه التصرفات الإجرامية.

عصابات الحرس الثوري وربيبتها الحشد الشعبي تقتل بلا رحمة كل من يفكر في التظاهر في إيران والعراق، وقد شاهدنا عشرات القتلى والمصابين قبل أيام عندما قام التيار الصدري في بغداد بمظاهرات الصمت السلمية ضد الفساد؛ حيث أغلق المتظاهرون أفواههم بالأشرطة اللاصقة وفي نفس الوقت تبيح منظمة الحرس الثوري الإرهابية لنفسها ممارسة المظاهرات في المشاعر المقدسة بطريقة إجرامية لا تقبلها أي دولة تحترم نفسها، وتدافع عن كرامتها في أي مكان على أراضيها فكيف بالحج وفِي الأماكن المقدسة !

الإيرانيون رفضوا التوقيع على محضر الاجتماع مع وزارة الحج والعمرة العام الماضي، وسوف يجدون نفس المحضر أمامهم اليوم والمملكة لا تملك مجالًا للمساومة في سلامة حجاج بيت الله الحرام مع حكومة الملالي، ولن تقبل ممارسة مايخل بالأمن على أراضيها ولو كان في الربع الخالي.
الملالي بغباء منقطع النظير يريدون استغلال الحج لعدة أهداف دفعة واحدة خارج معنى الحج على رأسها محاولة إعطاء أعداء الإسلام والمسلمين حجة أن المملكة لا تستطيع حفظ أمن الحج، والحكومة الإيرانية لم تستطع الحفاظ على أمن السفارات والقنصليات في إيران إذا صح أن هؤلاء من المتظاهرين وليسوا لصوص الحرس الثوري الإرهابي. عاد الإيرانيون للتباحث مع المسؤولين عن الحج والمنطق يقول في مثل هذه الحالات إن رفضك لتوقيع أي اتفاقية مع دولة أخرى نابع من الأمل في تراخي الطرف الآخر أو أن تتغير الظروف على الأرض أو أنك تملك أدوات ضغط تغير به موقف المقابل أو احتمال أن يستجد جديد ليس في الحسبان، وهذه يمكن في المحادثات السياسية التي تقبل التنازلات، ولكن هذا بمستحيل في الحج.

ولا يمكن لأي دولة تحترم نفسها القبول بهذه الفوضى، فالولي الفقيه سوف يجد نفس الحزم والعزم في كل حج قادم وبالذات بعد تجارب مريرة مع هؤلاء الطغاة فلا عاقل يقبل أن يُهَدِّد عشرين أو ثلاثين ألف من الحرس الثوري المندسين بين الحجاج الإيرانيين أمن حوالي ثلاثة ملايين حاج ورغبتهم في حجٍ بل فسوق ولا جدال، والحجاج الشيعة من خارج إيران وفِي العالم سوف يحجون كما حجوا العام الماضي دون الالتفات لخزعبلات الولي الفقيه، ولا أستبعد أن يفتي الولي الفقيه بإسقاط هذا الركن من أركان الإسلام، أو إقناع العوام من الشيعة بالاكتفاء بزيارة العتبات المقدسة في النجف وكربلاء التي سموها الحرمين الشريفين. وقد خرج من هؤلاء المعممين من يفتي بأن زيارة مرقد الحسين -رضي الله عنه- يوم عرفة يُعادل ستة آلاف حجة وستة آلاف عمرة، ولو أن الشعوب الإيرانية تملك ذرة من الحرية لما استطاع الولي الفقيه منع شعب مسلم من أداء الركن الخامس من أركان الإسلام، ولكن الحديد والنار المُسلط على رؤوس الإيرانيين يمنعهم من التفوه بكلمة واحدة، وهم يعلمون يقينًا أن المملكة لا تخلط بين علاقاتها بالدول بأداء الفريضة فهذا حق لكل مسلم حول العالم.

العلاقات السعودية الإيرانية تمر بأسوأ وضع في أسوأ علاقة مع الحكم في إيران منذ قيام الثورة وإعلان الولي الفقيه بداية مشروع تصدير الفوضى والقلاقل للعالم العربي، والتي انبرت المملكة وشقيقاتها في دول الخليج للتصدي له، وقد اتضح ذلك في احتلال العراق واستغلال مطالبة الشعب في سوريا بالحرية بدعم إرهاب بشار، وقتل أكثر من ٧٠٠ ألف مواطن سوري وتشريد أكثر من عشرة ملايين، وما صنعوه في اليمن الجريح . حكم الولي الفقيه واضح المعالم في استغلال الدين بكل ما يمكن من خداع ودجل.

ولولا سرقة مليارات الدولارات من ثروات الشعب العراقي بيد الخونة العراقيين أمثال نوري المالكي الذي حذرت منه المملكة منذ بداية ظهوره حتى اليوم لأفلست إيران.
إن الملالي في إيران لا يهمهم أداء المسلمين للحج من عدمه فنحن لم نجد أحدًا منهم أدى فريضة الحج، ولم يريدوا تكليف الخزينة الإيرانية الخاوية عملة صعبة في الوقت الذي لم تعد العملة الإيرانية تساوي قيمة الورق المطبوعة عليها، وفِي نفس الوقت لا يريد ملالي إيران أن يشاهد الحجاج الإيرانيون ما تقدمه المملكة وشعبها للحجاج بدون تفرقة من مساعدة، وحسن ضيافة وكرم وفادة ومشاهدة، ونقل ما يعيشه الشعب السعودي والمقيمون على أرضه من رفاهية ورخاء للشعوب الإيرانية المبتلاه، وسوف تعمل عصابات إيران على تعطيل الحج للإيرانيين إذا لم يحققوا الشغب والفوضى والتدمير والقتل في الحج، وهذا مالم يتحقق بفضل الله، ثم بفضل رجال نذروا أنفسهم لخدمة الحجيج بالغالي والنفيس.
محمد الحاقان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى