من يمثل المجتمع السعودي في القنوات الفضائية ؟؟؟

شاهدت على قناة BBC مساء الجمعة ٢٧ / ٥ / ١٤٣٨هـ وفِي برنامجها الشهير (دنيانا) حلقة عن المناهج الدراسية وتأثيرها في بلدان العالم العربي؛ حيث استضيفت من السعودية د. هتون الفاسي وسيدة من مصر وأخرى من الأردن. وحقيقة كانت توقعاتي كبيرة من الأكاديمية السعودية التي لها وزنها العلمي والإعلامي، ولكن تفاجأت بأن ردودها سطحية بل كانت تتحامل على ديننا الإسلامي ولا تنصف مناهجنا التي عُدلت كثيرًا وحذفت منها الكثير من الأفكار التي كانت ضد الآخر والتعامل معه، واستدلت بآية يتيمة في كل اللقاء: ( لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ..) ولم تذكر في أي مقرر من المقررات تلك الآية ..!! على عكس الضيفة من الأردن زليخة أبو راشد كانت دقيقة جدًا في تحديد ما حذف وما أضيف في كل مقرر وأسباب الحذف وكيفية التعديل؛ مما يدل فعلًا على اطلاع كافٍ ومعرفة بالمقررات، وكلنا نتفق على أن الإسلام هو دين الوسطية والاعتدال واحترام الآخر والتعامل معه، وحتى إذا وجدت مثل تلك الآيات في المقرر.. فلابد أن توضح من قبل المعلم باتزان وبث تلك القيم التي يستند عليها ديننا الإسلامي الحنيف. وهذا هو دوره؛ فأي مقرر مهما كان سيئًا يعتمد على المعلم في تصحيح مساره فهو أحد أهم مكونات المنهج، وعلى العكس أن أي مقرر دراسي مهما كان ممتازًا من الممكن أن يشوهه معلم بطريقة تدريسه العقيمة.

كما أن أختنا د. هتون اتّهمت الأدعية النبوية الشريفة في الدخول للخلاء:” إنها ترعب الطالب الصغير في المرحلة الابتدائية وتسبب له العقد النفسية وأن ابنها أصبح يعاني التبول اللاإرادي من ذلك الدعاء والخوف من الحمام ..” : فأي منطق هذا الذي يهاجم الحصون المنيعة التي نعلمها لأطفالنا ليحفظهم الله عند الدخول لدورات المياه، وقد ثبت في الصحيح أن الشياطين تتجمع في المكان الخالي ومنها- قلب المؤمن الخالي- من ذكر الله .. ولهذا علّمنا الرسول عليه الصلاة والسلام أن نقول: “اللهمَّ إنِّي أعوذ بك من الخُبُثِ والخبائِثِ” !! .
بل هاجمت دعاء الاستيقاظ من النوم وطبعًا لم تستدل ولا بآية ولا بحديث، ولكنها قالت : إن ذكر(أن النوم موتة صغرى) ترعب الطالب !! وأظنها تقصد دعاء : (الحَمْدُ لله الذِي أحْيَانا بَعْدَ مَا أمَاتَنَا* وإلَيْهِ النَشُور).!! ونسيت أنه بنص القرآن يقول الله تعالى إنها موتة صغرى : (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ..) فإذا لم نبث هذه القيم والعقيدة في نفس الطالب منذ صغره فمتى نفعل ؟؟!!! بل إنه كلما كان الطفل صغيرًا يتقبل الأفكار والعقائد: ولهذا روى البخاري في صحيحه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ)، هذا الحديث يدل على أن عملية التنشئة الأسرية تبدأ منذ الطفولة؛ حيث تزرع القيم والمبادئ في الخمس سنوات الأولى.
كانت هناك كثير من المغالطات، على عكس من مقابلة قامت بها الـ BBC قبل عامين مع سمو الأميرة/ بسمة بنت سعود بن عبد العزيز- حفظها الله – والتي تحدثت خلال ساعة ونصف عن المرأة السعودية وعن المناهج وغيرها من الأمور الجدلية في المجتمع السعودي مثل قيادة المرأة للسيارة، ولكنها لم تقع في مثل تلك الأخطاء التي تشوه صورة المجتمع السعودي في العالم وقيمه الدينية، وتعطي – لمن يصطادون في الماء العكر- فرصة لفرض مزيد من التهم علينا وعلى ديننا.
أظن بأنه على الجهات المختصة وضع الحدود لمن يتكلمون باسم المجتمع السعودي، وإلا فإن المزيد من التهم تلصق ضد الدين الإسلامي وأنه دين الإرهاب والتطرف .. ونبرأ إلى الله أن يكون الدين الإسلامي كذلك.

فاتن محمد حسين