قبل يومين كان سكان القصيم ينتظرون وصول أول قطار في تاريخ منطقتهم قادماً من العاصمة الرياض في أول رحلة له مروراً بالمجمعة ، كان الانتظار طويلاً لكن الحدث تاريخي ويستحق الرصد والمتابعة عبر وسائل الاعلام المختلفة والتداول بين حسابات مواقع التواصل الاجتماعي فقد قررت المملكة بعد لأي طويل كسر الاحتكار الذي مارسه قطار الشرقية على مدى عقود عديدة رافعاً شعار “أنا وبس” ليدشن القطار الجديد مشروع شبكة قطارات سريعة تغطي كافة المناطق وتلبي الاحتياج لهذه الوسيلة الحضارية .
صحيح أن القطار تأخر بعض الشيء عن الموعد المحدد له بسبب عاصفة رملية اضطرته للتوقف لكنه استأنف الرحلة بعدها ووصل بحفظ الله ورعايته مسجلاً أول تأخير في أول رحلة له، وليس هذا مربط المقال بل هو ما شاهدته في محطة الانطلاق بالرياض حيث كانت الصالة الرئيسية للمحطة بجمال تصميمها وروعة ديكواراتها تحتضن في جانب إنساني منها سوقاً بالمجان مخصصة للأسر المنتجة، فجميع المنتجات المعروضة من صنع أسر سعودية كادحة تطلب الرزق بعرق الجبين وتبحث عن لقمة العيش بساعد التعفف .
لقد أحسنت هيئة السكك الحديدية والشركة المشغلة (سار) وجمعية أعمال الخيرية بتنفيذ هذا المشروع في أكبر وأجمل محطة قطار في المملكة وكأني بهذا الثلاثي يقدم نموذجا رائعاً للمسئولية الاجتماعية التي يتهرب منها الكثيرون، وأحسب أن الفكرة بحد ذاتها جميلة ومفيدة تبعث على تكرارها في محطات أخرى كقطار المشاعر بمكة المكرمة ومحطات قطار الحرمين بل يمكن أيضاً احتضان الفكرة من جهات أخرى وتنفيذها في مواقع مختلفة بمملكتنا الغالية، وباستطاعة الغرف التجارية المساهمة في تبني الفكرة وتطويرها وتحقيق المنافع المرجوة منها، كما فعل رجل الأعمال الاستاذ مصطفى فؤاد رضا في إحتفالية غرفة مكة المكرمة بمناسبة مرور سبعين عاماً على تأسيسها، حيث عرض على أمين العاصمة المقدسة تخصيص سوق تجاري في المشاعر المقدسة لصالح الأسر المنتجة، بحيث يكون سوقاً موسمياً يقام في موسم الحج لعرض منتجات هذه الاسر وبيعها على ضيوف الرحمن والتكسب من خلالها بما كتب الله لها من الرزق.
نعرف أن هناك العديد من الافكار والوعود المتعلقة بدعم الأسر المنتجة تم طرحها على بساط المشاريع والخدمات التي تقدمها أمانة العاصمة المقدسة لكن لم يتحقق شيء حتى الآن يليق برؤية المملكة 2030 ، قد يكون ذلك لإنشغال الأمانة بالمشاريع التجارية الكبرى الجارية على قدم وساق، لكن لن يضيرها الإلتفات لمطالب الأسر المنتجة ولو من باب تجربة محطة قطار الرياض أو احتضان فكرة “سوق المشاعر” والبدء في تنفيذ هذه المشاريع الخيرية خدمة لشريحة كبيرة من أهل مكة المكرمة طال إنتظارها على رصيف الأمانة .
صالح العمودي