فاجأ معالي وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى، الوسط التربوي، بل حتى الرأي العام في المجتمع، بتصريحه الأخير، والذي أثار جدلًا واسعًا في وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرًا، حينما قال (إن المدارس في السعودية ينقصها المعلمون الحقيقيون !!! إذ إن الحاليين استكانوا لعملية التلقين، وشعروا أنها طريقة مُريحة لهم وسهلة !! ) انتهى كلام معالي الوزير، والذي كان خلال جولات ميدانية الأيام الماضية على عدد من المدارس في مختلف المناطق والمحافظات ..! لم يكن يخطر ببال الكثير من منسوبي التعليم، ولا لأي مُهتم بالشأن التعليمي أن يقرأ ويسمع مثل تلك التصريحات، من رجل على رأس هَرَم وزارة تهتم بالكيف قبل الكم، وتهتم بالعلم قبل العمل، أن يكون تصريحه ذلك في غير محله، بل كان يأمل منسوبو التعليم على مختلف مواقعهم في المدارس أو في الإدارات التعليمية أو مكاتب التعليم أن يجدوا تشجيعًا وتحفيزًا على الأقل، بدلًا من ذلك التصريح، والذي يُحبط، ولا يُشجع، والذي يَهدم ولا يَبني، وهو في واقعه غير حقيقي أبدًا، ويقوي ذلك ويُدعمه من له أدنى معرفة بحال الميدان التعليمي والتربوي، والتي سأسرد بعضها تذكيرًا لمعالي الوزير، وباختصار شديد، حتى لا يُهضم حقوق معلمي ومعلمات الأجيال:
ـ هل تعلم يا معالي الوزير أن 200 ألف معلم ومعلمة يؤدون رسالتهم، وهم ليسوا على درجاتهم المُستحقة ..؟!!
ـ هل تعلم أن كثيرًا من المعلمين والمعلمات كُلفوا بالتدريس في غير تخصصاتهم في مرحلة مهمة جدًا كالمرحلة الابتدائية ؟! فهل من الإنصاف نِسبة الفشل إليهم إلى من كلفهم بالتدريس في غير تخصصاتهم ؟! والتي في دول أخرى متقدمة يتم اختيار كوادر حاصلة على دراسات عُليا للتدريس في تلك المرحلة المهمة كقاعدة أساسية في لَبنة التعليم الأولى ..!!
ـ هل تعلم يا معالي الوزير أن كثيرًا من المعلمين والمعلمات يتغربون في أماكن بعيدة كثيرًا عن مقار سكنهم ؟! الأمر الذي يُعرض حياتهم للخطر، ومنهم من توفاه الله، ومنهم من أصيب بإعاقة، ومازال يؤدي رسالته التربوية على أكمل وجه، ويدفعون من مالهم الخاص كشراء وسائل تعليمية وغيرها في ظل وجود المباني السيئة، وأعداد كبيرة للطلاب والطالبات في فصول تجاوز عدد طلابها الـ 40 طالبًا/ة في بعض المدارس !!
وخِتامًا .. يا معالي الوزير، منسوبو التعليم على مختلف مواقعهم ينتظرون منك تشجيعًا، وتحفيزًا لهم حتى يؤدوا رسالتهم التربوية على أكمل وجه، فهل تعتقد أن تصريحك ذلك والذي اتخذ صيغة التعميم سوف يُسعدهم، ويقوي من عزيمتهم ؟! إذا كنت تتوقع ذلك، فواصل تصريحاتك المُقللة من قدرهم، وهم من حقهم أن يردوا عليك على طريقتهم الخاصة، ومن خلال أداء رسالتهم التربوية، ومن خلال تميزهم سنويًّا في جائزة من الوزارة، وعلى مستوى المناطق التعليمية، وتُشرف عليها أنت، فهل هم برأيك لا يستحقون ذلك التكريم ..؟!!
ماجد الحربي – كاتب صحافي