في القرن الواحد والعشرين أعتقد أن تصعيد أي رئيس في أي دولة من دول العالم يأتي مكملًا للرئيس الذي من قبله في مختلف المجالات منها ما يكون نسبة ماحققه الرئيس السابق قوية ومنها ما يكون نسبته ضعيفة، إلا في اليمن فقد اتضح أن تصعيد وانتخاب الرئيس الجديد لم يكن مكملًا للرئيس السابق، بل للبداية من الصفر والعمل من جديد؛ لنكتشف أننا كنا نعيش قبل تصعيد الرئيس هادي في أوهام وفي بلاد واق الواق، فسلفه لم يضع أي لبنة لبناء الوطن ومسيرته في مختلف المجالات، ودعوني أتحدث عن بعض الجوانب وليس الكل لأستشهد وأستدل من الواقع وليس من التحليل والخيال.
في الجانب العسكري: كنا نظن أننا نمتلك جيشًا قويًا وعظيمًا تربى على الولاء الوطني وسيقف لحماية الشعب ومكتسبات الوطن، وكنا نشاهد في القنوات تلك العروض العسكرية والحرس الجمهوري والقوات الخاصة وغيرها فنطمئن أننا سنعيش في أمن واستقرار ولا يمكن أن يأتي أحد ليعكر أمن وطننا مادام لدينا هذا الجيش العظيم الكبير في العدد والكثير في العتاد، ولكننا اكتشفنا أن ذلك الجيش الذي بناه صالح لم يكن بالجيش الوطني الذي تربى على الوطن ويميل لحماية المواطن، بل إنه جيش يتبع فرد ويؤمن بعائلة فسقط ذلك الجيش في مستنقع الانقلاب بأمر من صالح الذي حول ذلك الجانب العسكري الذي بناه في عهده لحماية ميليشيات وجماعة منحرفة ويشارك معها في استبداد الشعب ونهب الوطن، وكما هو مؤسف أن ترى قائدًا عسكريًا كبيرًا يسيره مشرف حوثي لم يبلغ سن الرشد ويصدر له الأوامر والتوجيهات، وما بين عشية وضحاها اكتشفنا أننا بلا جيش لتصبح بعدها مهمة الرئيس هادي هي بناء جيش وطني يبدأ به من الصفر، ويضع لبنات تأسيسه السليمة من بداية المطاف لكي يسترد به الوطن المنهوب من أيدي العصابات الانقلابية ومن معها من الجيش العائلي.
في الجانب الاقتصادي : فالأنظمة السابقة التي حكمت اليمن قبل تصعيد الرئيس هادي لم تؤسس وتنجز أي مشاريع اقتصادية حقيقية رغم ثروات اليمن البحرية والمعدنية من نفط وغاز وغيرها المتاحة للاستثمار لتبني اقتصادًا قويًّا لليمن، وتلك المشاريع البسيطة من بترول مأرب ونفط المسيلة ليست بالمستوى المطلوب مع اليمن الذي يعتبر بكر في الثروة، كما أن صالح استغل تلك المشاريع البسيطة التي أنجزها في عهده لمصادرة إيرادتها لرصيده الخاص وثروته الشخصية وليس لبناء اقتصاد يمني قوي، ولا ننسى كيف قام صالح ببيع الغاز اليمني لكوريا بسعر أقل مما يشتريه المواطن اليمني، ولا ننسى كيف تاجر بميناء عدن وغيره وعلى أمثلة ذلك فقيسوا، وهذا ما جعل الرئيس هادي يبدأ من الصفر في بناء اقتصاد يمني ومؤسسات اقتصادية واستثمار فعّال يتناسب مع وضع اليمن، ويستغل ثروته ويلبي طموح كل مواطن يمني ويرتقي بمستوى معيشة أبناء الشعب.
في الجانب الإداري: صالح طيلة فترة حكمه لليمن لم يقم ببناء دولة حقيقية، وقد تعمد أن يبني دولة هشة لكي تسقط بسهولة بعد رحيله أو في حالة تولي شخص آخر ليس من عائلته مكانه، وهو بالفعل ماحدث من سقوط سهل لمؤسسات الدولة في أيدي الجماعة الانقلابية، ففي عهد صالح كانت مؤسسات الدولة تعمل بشبه نظام عشوائي ويرتفع فيها معدل الفساد ويتزايد حينًا فحين، وليس هناك قضاء حقيقي مستقل وقانون عدالة ومساواة، وسرعان ما تحولت تلك المؤسسات إلى تبعية نظام ميليشاوي يصرفها كيفما يشاء ويحركها كيفما يريد ويصبح هو المدير والوزير والقاضي والقانون والنظام، وهذا ما جعل الرئيس هادي يقوم بمهمة صعبة تتمثل من البدء في الصفر في بناء دولة حقيقية تعتمد على النظام القانون، وتسترد تلك المؤسسات المنهوبة من أيادي انقلاب صالح والحوثي.
في جانب المشاريع والخدمات:
تلك المشاريع التي كان صالح يتغنى بها من طرق ومدارس وغيرها تعتبر لا تساوي شيئًا أمام الفترة التي ظل يحكم بها اليمن ومقارنة بالإيرادات الداخلية فيه، بل إن أغلب تلك المشاريع هي منح ومساعدات خارجية وبعضها شارك فيها الأهالي والتجار ولم تقم الدولة إلا بجزء بسيط منها، وفي جانب الخدمات فالكهرباء والصحة وغيرها لم تخدم المواطن بشكل مطلوب ولم تعم تلك الخدمات كل ربوع اليمن، فكهرباء صالح كانت منطفئة أغلب الساعات ولم تصل خدماتها لكل قرية في اليمن، ولو بنى صالح كهرباء حقيقية لما غابت منذ قيام الانقلاب الحوثي، وإن كان هناك من منجزاته بسيطة كمدارس ومشاريع أخرى أنجزها صالح فإن تسليمه تلك المنجزات للحوثي ليعبث بها وتحالفه معه ألغى كل ما فعله، وأما في الجانب الصحي فأغلب الأمراض منتشرة ولم تقم الدولة بتوفير دواء مجاني، ورغم أن هناك منظمات خارجية تمنح دواء مجاني للشعب إلا أن الجانب الإداري الصحي يتاجر به، بل لم يقم صالح ببناء مستشفيات مناسبة للعلاج وأكثر أبناء الشعب الذين يعانون من أمراض خطيرة يسافرون للعلاج خارج اليمن، ألم يكن هذا يتطلب على الرئيس الذي يأتي بعد صالح أن يبدأ من الصفر في جانب بناء المشاريع وتوفير الخدمات للشعب اليمني ؟؟
بالفعل أنه ذلك.
صالح لم يبنِ أي منجزات أو يقدم أي خدمات ولم يضع أي لبنات للبناء حتى يأتي رئيس بعده ويكمل لما بناه، بل إنه استغل ثروة اليمن وتاجر بمعاناة الشعب وبنى له ثروة شخصية ولم يبنِ وطنًا للجميع، وإلا فبالله عليكم قولوا لي ما الذي قدمه صالح لليمن خلال 33 سنة ؟؟؟
محمد عبدالله القادري