(مكة) – مكة المكرمة
وسط منظومة متكاملة من الخدمات التي تقدمها الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي لقاصدي بيت الله الحرام ألقى فضيلة الشيخ الدكتور فيصل غزاوي إمام وخطيب المسجد الحرام خطبة الجمعة مستهلاً بحمد الحمد والثناء عليه مبيناً أُعظم الأدلة وأقواها فالشعور بوجود الله تعالى والإذعانُ بخالق قادر فوق المادة, محيط من وراء الطبيعة أمر غريزي مركوز في الإنسان مفطور عليه لا تغيرُه رِيَب المرتابين, ولا تزلزلهُ شكوك المشككين .
ومن أثره ما يرُى من انطلاق الألسِنة في الكوارث وما تندفع إليه في الحوادث من اللجوء إلى الله والتضرعِ في دفع ما يمسُّها ويصيبها وقت الشدة فإن الإنسان كما هو مشاهد في الواقع إذا دهاه أمر وضاقت به المسالك توجّه إلى ربه واستكان, ولجأَ إليه في كشف بلواه فيستغيثُ بخالقه وبارئه.
وأردف قائلاً: لو جاز أن يكون مثل هذا الكون البديع بغير صانع ولا موجد لجاز أن تصح أن تكون دُورٌ معمورة وأسفارٌ مكتوبة وثيابٌ منسوجة وحُلي مصنوعة بغير بانٍ ولا كاتب ولا ناسج ولا صانع, أيمكن هذا ؟! إنه محال ببديهة العقل, فما الذي خصَّ أحسن الخالقين بأن يكفر ولا يَدُلَّ عليه أثر صنعته العجيبة وخلقته البديعة, وإذا كان العاقل لا يقبل بحدوث حادث بلا محدث وجب عليه أن يؤمن بوجود الله عز وجل محدث الكون.
وذكر فضيلته أن من الأدلة على توحيده جل في علاه ما نبه عليه الكتاب العزيز من خلق جميع الموجودات من أجل الإنسان وفي خدمته, وأنه سبحانه خلق كل شيء بمقدار وميزان دون نقص أو خلل.
وجعل سبحانه وتعالى في الإنسان من عجائبَ باهرة تدل على حكمةٍ مبدعة وهي من وجوه عديدة , منها أنه لا توجد لغة من لغاته تخلو من اسم الله تعالى , واللغة تعبّر عن أفكار الإنسان ووجدانه , فيكون دليلاً على أن العلم بوجوده تعالى أمر عام مطبوع على صفحات القلب .
ومنها باعِثُ الأدب في الإنسان ووازعُ الضمير الدافع لعمل الخير والمادحُ على فعله , والزاجر عن المنكر واللائم على ارتكابه فإنه يستلزم مُوجداً أوجده وخالقاً قدره .
واستطرد فضيلته أن معرفة الله نوعان:
النوع الأول : معرفة وإقرار, وهي التي اشترك فيها الناس, المؤمن والكافر والبر والفاجر.
النوع الثاني: معرفة توجب الحياء منه, والمحبة له, وتعلق القلب به, والشوق الى لقائه, وخشيته, والإنابة إليه, والأنس به, والفرار من الخلق إليه ، وهذه
هي المعرفة الخاصة ,وتفاوت الخلق فيها لا يحصيه الا الذي عرفهم بنفسه.
وقال فضيلته إن امتنا اليوم بحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى إلى تبني مشاريع رائدة تعنى بقضية العلم بالله تعالى حماية لمجتمعاتنا المسلمة من داء الإلحاد الذي بدأ يتسلل إليها والحرص على مواجهة الماديين أهل الجحود ودحر شبهاتهم بالأدلة القاطعة والحجج البازغة والبراهين الدامغة.