همسات الخميس
هي حالة أشبه بالحالة المرضية وإن كان كثير من أولئك المتنصلين أكثر صحة مني وأغزر علما، لكن معاداة العالم على تلك الوتيرة مسألة تخرج بالكائن الحي عن طبعه الحيّ، فما العالم إلا نحن جميعا، وما نحن إلا مكوّن من مكوّنات العالم، فلم التنصل إذن؟
لن يرغمني أحد، كائنا من كان، على قبول الدنيّة في ديني، ولا على قبول الانسلاخ من عروبتي، ولا على إطّراح القيم التي عاهدت أمي وأبي وسائر أهلي عليها، ولن يرغمني أحد، كائنا من كان، على رفض مكارم الأخلاق من أي باب دَخَلَتْ ومن أي نافذة رأيت، وقد أخبرني المصطفى بذلك عندما قال: “إنَّما بُعِثْتُ لأُتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ” وهذا حديث رواه أبو هريره وأراه رأي العين في سيرة قائله صلى الله عليه وسلم.
لهذا السبب عجبت من أقوام وقفوا من اليوم العالي للأم موقفا عدائيا، قالوا هو من الغرب المارق، وقالوا للأم كل أيامنا فلماذا هذا اليوم فقط؟ وقالوا الأم مهانة في الغرب المارق فما جدوى هذا اليوم الأجوف؟ عجبت منهم لأنه في حقيقته يوم يجتمع فيه العالم حول الأم، لا يجتمع للتذكير بها ولكن للتعبير الجماعي عن حبها، تلك “الهبّة” الجماعية تترك أثرها في نفوس الأمهات وتترك أثرها في نفوس الأبناء، ثم هي مسألة اختيارية فإن لم ترُقْ لي فلن أقتلها بغير حق.
محمد بن ربيع الغامدي