يتميز وطننا الحبيب بالسواحل البحرية شرقا وغربًا، والتي تضم عددا كبيرًا من الجزر تتناثر قبالتها، أغلبها غير مأهولة. تنطوي على مقومات وعناصر جذب للترفيه والسياحة. تختلف أجوائها وتضاريسها طبقًا لموقعها الجغرافي، فالجزر الواقعة في البحر الأحمر والمحاذية للمنطقة الغربية تختلف عن تلك المحاذية للمنطقة الشمالية، وكذلك الجنوبية كجزر فرسان ودمسك وجبل حسان وأم الحصاني وغيرها. مما يؤهلها لتكون متنفسا ترفيهيا ولممارسة الأنشطة البحرية في معظم أوقات العام.
يمكن استغلال هذه الجزر وتطويرها لإقامة منتزهات ترفيهية أو منتجعات سياحية عليها، تنفذ بالمواد المتوفرة محليا وباستخدام وسائل التهوية والإضاءة المستمدة من العمارة التقليدية. أقل في تكاليف الإنشاء واستهلاك الطاقة، ومن ثم تتحول إلى وجهات ترفيهية تستهدف أصحاب الدخل المتوسط بعيدًا عن منتجعات وفنادق الخمس نجوم ذات التكاليف الباهظة جدًا (وما يقابلها من مستوى جودة وخدمات منخفض) كما هو الحال عليه اليوم. فهؤلاء يشكلون شريحة كبيرة من التكوين السكاني، وبالتالي يمتلكون قوة شرائية جيدة طالما كان ذلك في حدود قدرتهم المالية. في الواقع أصحاب الدخل المتوسط أكثر من يبحث عن الترفيه داخل حدود وطننا الحبيب؛ فليس لديهم القدرة على تحمل نفقات السياحة الخارجية.
بحكم الموقع الجغرافي المهم للبحر الأحمر على مر العصور؛ حيث يعتبر شريانا رئيسيا وهمزة وصل بين شمال الكرة الأرضية وجنوبها، وطبيعته الخلابة كالشواطئ الرملية والشعب المرجانية التي تكاد لا تجد لها مثيلا في العالم دون مبالغة. أضف إلى ذلك المواقع الأثرية والتاريخية القريبة من سواحله وامتداده الشاسع كما ذكرنا سابقًا. كل ذلك يتيح إمكانية تنفيذ العديد من المشاريع الترفيهية للاستفادة من الجزر، وحيث تصبح وجهات محلية ودولية مرموقة تستقطب الزوار.
إن تطبيق أفضل الممارسات العالمية للنماذج الموجودة فعلًا في دول مثل شرق آسيا وأمريكا الشمالية على بعض جُزرنا وتطويرها؛ بحيث تتلاءم مع الضوابط الشرعية وتقاليدنا الاجتماعية مثلها كمثل باقي المنتزهات في وطننا الحبيب، من شأنه أن يساعد على تلبية الاحتياجات المحلية للترفيه وبأسلوب معاصر. علاوة على ذلك قد تصبح عنصر جذب وقيمة مضافة لقطاع السياحة الدينية وينعشها. وفقًا لأهداف رؤية المملكة 2030 فإن دخل قطاع السياحة سوف يشهد ارتفاعًا ونموا في السنوات القادمة بسبب الزيادة المخطط لها في عدد والحجاج والمعتمرين الذي يصل إلى ٣٠ مليونا بحلول العام 2030 بإذن الله. إذا القطاع الخاص لديه فرصة ثمينة للمشاركة في استثمارات واعدة كهذه لتنويع الأنشطة الترفيهية في المملكة والارتقاء بمجال الترفيه، وقد تقتنع كبرى شركات الترفيه العالمية مثل ديزني لاند للاستثمار فيها. بدلًا من الاستثمارات التقليدية والمكررة كالأسواق والمطاعم وغيرها التي لا تلبي احتياجات المواطنين الترفيهية ولا التطلعات المستقبلية.
استكمالا إلى ما تم ذكره، إن استخدام بعض مواد البناء المحلية في الحوائط والأسقف ثبت أنها مواد عزل طبيعية لها خصائص حرارية ممتازة. بالإضافة إلى إجراء دراسات معمارية وبيئية لاختيار المواقع المناسبة بهدف تقليل الاعتماد على وسائل التهوية والإضاءة الحديثة (المكلفة والضارة بالبيئة).
كذلك توظيف التقنيات الصديقة للبيئة كتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية. لتصبح هذه الجزر بديلا عن المنتجعات والمنتزهات الإسمنتية التي أشبه ما تكون بمنازلنا. وبذلك نكون أوجدنا وجهات ترفيهية متوسطة التكلفة، وبيئة جاذبة للاستثمار مع المحافظة على البيئة. أخيرا، قد يكون اقتراح الاستفادة من الجزر بغرض الترفيه غير وارد في الوقت الراهن لكنه يظل أحد الاقتراحات التي تستحق أخذها بعين الاعتبار في المستقبل.
م/ عامر عبدالفتاح حسنين
أتفق معك مهندس عامر.
ومقال رائع جداً.وهنا يأتي دور المستثمرين لدفع عجلة السياحة.