(مكة) – المدينة المنورة
تعد “واحة القرآن الكريم في المدينة المنورة” في المدينة المنورة التي تم الإعلان عتها مؤخرا باكورة المتاحف المتخصصة، وأكبر وأحدث مركز من نوعه في المملكة للعروض المتحفية المتعلقة بالقرآن الكريم.
وكانت قد صدرت مؤخرا موافقة المقام السامي الكريم على المقترح المرفوع من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بتبني الدولة إقامة مشروع “واحة القرآن الكريم في المدينة المنورة”.
وتضمنت الموافقة تخصيص أرض لواحة القرآن الكريم في المدينة المنورة تسلم للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، لإقامة مشروع الواحة، وقيام الهيئة – بالتنسيق مع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، وأمانة منطقة المدينة المنورة، وهيئة تطوير المدينة المنورة – بتطوير الموقع ليستوعب جميع عناصر المشروع، وذلك بالشراكة مع القطاع الخاص.
ويعد مشروع واحة القرآن الكريم مركزاً ثقافياً ومتحفاً متخصصاً يضم عروضاً متحفية، وعروضاً تفاعلية سمعية وبصرية عن أهم المواضيع ذات العلاقة بالقرآن الكريم، تصاحبها بيانات ومعلومات متكاملة بأسلوب يجعل من هذه الواحة معلماً حضارياً ومعرفياً متميزاً على المستوى العالي، ولإظهار ارتباط المسلمين واهتمامهم بكتاب الله العزيز عبر العصور.
ويهدف المشروع إلى ربط الماضي التاريخي للمصحف الشريف مع مرحلة الانطلاق نحو المستقبل، وإيجاد وسيلة اتصال ومؤسسة تعليمية تعرض كل ماله علاقة بالقرآن الكريم بأساليب عرض، لجميع الشرائح العمرية، بالإضافة إلى الحفاظ على تراث القرآن الكريم، وغرس مفاهيم حب كتاب الله، والعمل به لدى زوار الواحة، وتوفير الجانب التثقيفي والتشويقي والترفيهي الذي تقوم به الواحة من خلال النشاطات الاجتماعية والثقافية.
وقد سعت بعض الدول إلى إنشاء مشاريع مماثلة للقرآن الكريم تحت مسميات متعددة، مثل: دار القرآن الكريم في البحرين، ومتحف اعجاز القران الكريم الذي تعمل بلدية أسطنبول على تنفيذه وهي مشاريع صغيرة ومقصورة على عرض مخطوطات المصاحف ومواضع محددة.
مكونات المشروع
يتكون المشروع من بهو الاستقبال وعدد من قاعات العرض والفصول المتحفية ومكتبة وقاعة محاضرات كبيرة ومرافق للإدارة ومعامل للصيانة والترميم ومستودعات ومسجد رئيس وساحة خارجية كبيرة تحيط بها الحدائق وصفوف النخيل والمسطحات المائية، وفيما يلي نبذة مختصرة عن ما ستحتويه قاعات العرض الرئيسة بالواحة:
1- قاعة التنزيل:
تبرز هذه القاعة المعالم الأساسية للبيئة الطبيعية والحضارية والاجتماعية والثقافية التي نزل فيها القرآن، في الجزيرة العربية على وجه العموم، وفي الحجاز ومكة على وجه الخصوص. ويعرض أيضا مواضيع تتعلق بولادة الرسول صلى الله وعليه وسلم ونشأته، ونزول القرآن عليه، وموقف قريش من ذلك، وأول من آمن به، وكيف كان يتنزل عليه الوحي، وما نزل من القرآن بمكة، وما نزل من القرآن في المدينة أسباب النزول، وغير ذلك من المواضيع ذات العلاقة.
2- قاعة الترتيل:
تعني هذه القاعة بقراءة القرآن وترتيله، وتبدأ بعهد الرسول صلى الله وعليه وسلم ثم عهد الخلفاء الراشدين، ثم استعراض القراءات المشهورة والقراء في العصور الإسلامية المختلفة، ثم القراء في العصر الحديث، ومواضيع أخرى عن القراءات النادرة، والاستماع المركز، وقراءات العالم الإسلامي، والقراءات المصورة، وقراء المسجد الحرام، وقراء المسجد النبوي الشريف، وأهل القرآن وفضائلهم، والكتاتيب وتعليم الصبيان وغير ذلك.
3- قاعة الإعجاز:
في هذه القاعة سيتم إلقاء الضوء على إعجاز القرآن في زمن رسول الله صلى الله وعليه وسلم، والإعجاز البياني بكامل أنواعه، والإعجاز العلمي في القرآن الكريم فيما يتعلق بالسماء، والأرض، والحيوان، والإنسان في مرحلة خلقه وتكوينه، ثم من ميلاده إلى بعثه. وهذه إحدى أهم القاعات في الواحة وتستخدم فيها وسائل وتقنيات عرض سمعية وبصرية متعددة، وأفلام وثائقية عن موضوع الإعجاز بالإضافة إلى مواد عرض ثلاثية الأبعاد.
4- قاعة قصص القرآن:
تعرض هذه القاعة نحو(12) قصة مختارة من قصص القرآن باستخدام التقنيات السمعية والبصرية، وأفلام البعد الثالث، والبعد الرابع، بالإضافة إلى العروض التقليدية، كما تعرض هذه القاعة أطلس القرآن الكريم وما ورد فيه من أعلام وأماكن وأمم وغير ذلك. كما تحوي القاعة عروضا عن المواد والكائنات الواردة في القرآن.
5- قاعة صناعة المصحف عبر العصور:
يتم في هذه القاعة استعراض تاريخ صناعة المصحف عبر العصور، وتبدأ بموضوع عن كتابة القرآن في عهد الرسول صلى الله وعليه وسلم، ثم جمع القرآن في الصدور وفي السطور، ثم الإصلاحات التي طرأت على المصاحف: الأول والثاني والثالث، ثم رحلة المصحف من الجريد إلى التجليد: وتشمل الخط والخطاطين، ومواد الكتابة، وأدواتها، والزخرفة، والتذهيب، والتجليد، ثم عرض لأشهر المصاحف والمخطوطات المحفوظة في المدينة المنورة والعالم، ثم طباعة المصحف وفق تسلسلها التاريخي، ثم المصحف الصوتي والتسجيلات المبكرة، ثم المصحف الصوتي لمجمع طباعة المصحف وغير ذلك.
6- قاعة علوم القرآن:
وفيها يتم عرض تاريخ العلوم التي خدمت القرآن أو أخذت منه: كعلم التفسير، وعلم التجويد، وعلم القراءات، وعلم الناسخ والمنسوخ، وعلم الفقه الإسلامي، وعلم التوحيد، وعلم الفرائض، وعلم اللغة، وسيتم عرض معلومات ومخطوطات متنوعة وأقدم من كتب في هذه العلوم وفق التطور التاريخي لكل منها، بالإضافة إلى العرو ض التفاعلية وقواعد البيانات.
7- قاعة القرآن وفنون المسلمين:
يتم في هذه القاعة عرض نماذج وتطبيقات لاستخدام المسلمين للآيات القرآنية على الأحجار الشاهدية، والآيات القرآنية المنقوشة، ثم الواجهات الصخرية، وفي الكتابة التزيينية على العمارة الإسلامية من: مساجد، ومدارس، ودور، وقصور، وأسوار، وأبراج وحصون، ومنشآت مائية، وغير ذلك. وكذلك استخدام الآيات القرآنية في الكتابة الزخرفية على المصنوعات الفنية الحجرية، والخزفية، والجبسية، والمعدنية، والزجاجية، والجلدية، والعاجية، والمنسوجات، والسجاد، وكسوة الكعبة، وستائر المسجد النبوي، وسيتم عرض قطع أصلية داخل خزائن لهذه التطبيقات، وكذا صور عادية، وصور هلوغرافية ثلاثية الأبعاد.
8- قاعة الطفل:
تخصص هذه القاعة للأطفال من مختلف الأعمار وتشمل على عروض تفاعلية ذات علاقة بالقرآن مثل “الطابع الصغير” حيث يستخدم الطفل أختام بطبعات جاهزة بزخرفة من المصحف وقصار الصور. وكذا “المصحف المعلم للأطفال”، ثم “لوح الكتاب” وهو لوح إلكتروني بشاشة ذكية، ثم “القارئ الصغير”، ثم “شيخ الكتاب” وهو محاكاة إليكترونية يشترك فيها الطفل مع الشيخ الافتراضي ويعلمه قراءة القرآن بالطريقة القديمة كما لو كان في الكتاب، ثم “قصص القرآن” وتعرض كل قصة على شاشة خاصة، ثم “الحرفي الصغير” وتدخل ضمنه “المُجلد الصغير”، و »المُذهب الصغير«، ثم »الخطاط الصغير «، ثم ركن القراءة وركن التلوين ومسرح للمناسبات.
9- قاعة العروض الزائرة:
تستخدم هذه القاعة لإقامة العروض الزائرة والمشاركات والمعارض الثقافية سواء كانت تابعة للواحة أو لاستثمارها من خلال تأجيرها لجهات خارجية بما يتناسب وطبيعة الواحة.
وقد تم تخصيص أرض الواحة على طريق الملك سلمان بمساحة تقارب 200 ألف متر مربع، وتقع الواحة بالقرب من مطار الأمير محمد بن عبد العزيز مما يسهل على جميع سكان المدينة المنورة وزوارها زيارة هذا المعلم عند انتهائه.
مسابقة عالمية لتصميم الواحة
وقد دعت الهيئة وإمارة منطقة المدينة المنورة وهيئة تطوير المدينة المنورة في وقت سابق إلى مسابقة عالمية للأفكار التصميمية لواحة القرآن الكريم، وإعداد كراسة الشروط المرجعية للمسابقة وتأهيل كبار المعماريين العالميين المتخصصين والمكاتب الاستشارية المتميزة الدولية في هذا المجال وصولاً إلى اختيار التصميم الفائز من قبل لجنة تحكيم من أهم مهندسي الدول الإسلامية ومهندسين عالميين واعتماد النتيجة من قبل سمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وسمو أمير منطقة المدينة المنورة.
وأوضحت هيئة تطوير المدينة المنورة أن المشروع سيساهم في استعادة جانب مهم من الوهج الثقافي والحضاري الخالد للمدينة المنورة، وسيستعيد دورها المهم كعاصمة العلم والثقافة الإسلامية، كما تتطلع الهيئة إلى أن يستعيد تصميم مشروع واحة القرآن الكريم في المدينة المنورة جانباً من الهوية التراثية والثقافية والتاريخية للمدينة المنورة، وأن تتلاءم منشآته مع النسيج العمراني الذي ميز المدينة المنورة على مر العصور.
وقامت هيئة تطوير المدينة المنورة بإعداد دراسة الشروط والمواصفات لهذه المسابقة والإجراءات التنظيمية لها وتحديد المكاتب العالمية والمحلية الاستشارية المتخصصة في هذا المجال، وتنفيذ المسابقة وإعلان النتائج بتاريخ 14/5/2014م، وتحديد التكلفة التقديرية للمشروع.
متحف وقاعات ومراكز تعليم
وكان صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني قد أكد في تصريح صحفي أن مشروع واحة القرآن الكريم بمثابة حلقة مهمة في سلسلة عناية الدولة منذ قيامها بالقرآن الكريم وخدمة علومه والإسهام في حفظه ونشره وإبراز كنوزه ومعجزاته، مبدياً تشرفه بتقديم هذا المقترح لتأسيس أهم متحف على مستوى العالم للقرآن الكريم وإبراز كل ما يسهم في فهمه ونشره، و ما يتعلق بالعناية به عبر العصور.
وأشار إلى أن موافقة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله على إقامة هذا المشروع التاريخي، تأتي في سياق عناية مقامه الكريم بخدمة الحرمين الشريفين والقرآن الكريم وكل ما يخدم الدين الإسلامي العظيم، حيث شرف الله هذه البلاد بأن تكون حاضنة لقبلة المسلمين وأطهر البقاع ومهبط الوحي، ومنبع الرسالة ومواقع نزول كتاب الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وحاضنة مواقع التاريخ الإسلامي.
وأضاف سموه: “شرفنا الله بأن نكون في بلد نزول القرآن، ويهمنا أن نُعّرف بتاريخ الإسلام في البلد الذي يتشرف باحتضان المواقع التي نزل فيها القرآن ودارت فيها أحداث التاريخ الإسلامي منذ فجر الإسلام، وهذه الواحة ستضم متحفاً وقاعات ومراكز تعليم وجذب لكافة الأعمار والاهتمامات”.
بدوره أكد صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة رئيس مجلس التنمية السياحية بالمنطقة، أن المتحف سيمثل إضافة قيمة في هذه المدينة المباركة، خاصة أن الموافقة الكريمة تأتي متزامنة مع اختيار المدينة المنورة عاصمة للسياحة الإسلامية لعام 2017م، مشيرا إلى أن المتحف سيبقى أثره في قلوب زائري مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم. سائلا الله تعالى أن يوفق سموه لما فيه رفعة وازدهار المملكة تحت قيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله-.
وهنأ سمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني على هذا المشروع مثمنا جهده ومبادرته باقتراح المشروع ودعمه حتى يرى النور.