(مكة) – متابعة
تدخل سوق الأسهم السعودية مرحلة جديدة من عمرها بإجراءين جوهريين هما تطبيق نظام تسوية جديد “T+ 2″، والسماح “بالبيع على المكشوف” المشروط باقتراض الأسهم، بعد أقل من 20 يوما، وبذلك تقترب أكثر من أي وقت مضى من الانضمام إلى مؤشرات الأسواق الناشئة، والمواءمة مع البورصات العالمية.
وفي لقاء مشترك مع صحيفة الجزيرة، أكد مسؤولون في هيئة السوق المالية السعودية أن تطبيق آلية التسوية الجديدة المزمع بدء تطبيقها في 23 من أبريل الجاري هو تطور جوهري في السوق سيجذب السيولة والمستثمرين المؤسساتيين، حيث سيتم تعديل المدة الزمنية لتسوية صفقات الأوراق المالية المدرجة في سوق الأسهم السعودية من التسوية الفورية “T+0” إلى التسوية بعد يومي عمل لاحقة لتاريخ تنفيذ الصفقة “T+2”.
وقال رائد الحميد مساعد وكيل هيئة السوق المالية السعودية لمؤسسات السوق “كما سيبدأ في اليوم ذاته، السماح بالبيع على المكشوف المشروط باقتراض الأسهم”، إلا أنه أكد أن البيع على المكشوف المنتظر تطبيقه في السوق المحلية “مغطى” ولن يتم قبل اقتراض الأسهم ويحدث توازنا للسوق ويحقق مكاسب في حال تراجع الأسهم، كما أنه أحد الوسائل في إدارة إخفاقات المستثمرين في تسوية الصفقات بنظام “T +2″.
وأضاف الحميد ” تنضم هذه الخطوة إلى خطوات مهمة اتخذتها الهيئة أخيرا لتطوير السوق، وزيادة مواءمتها مع الأسواق العالمية، التي كان منها تخفيف القيود على المؤسسات الأجنبية المؤهلة، وإعادة هيكلة قطاعات السوق، وإطلاق سوق موازية بجانب السوق الرئيسة”.
اللقاء تطرق إلى عديد من التساؤلات الجوهرية التي تهم مستثمري سوق المال السعودية.. وهنا بقية التفاصيل:
يقول مساعد وكيل هيئة السوق المالية السعودية لمؤسسات السوق، “إن تغيير فترة التسوية سيكون مرحلة جديدة للسوق السعودية، أعتبرها جوهرية لكل من له علاقة بالسوق، وسيتم تطبيقه على السوقين الرئيسة والموزاية”.
وأكد الحميد، أن القدرة الشرائية أو عملية تداول المستثمرين أو سلوك المتداولين في السوق، لن تتأثر على الإطلاق وستبقى كما هي حاليا، حيث سيكون بإمكان المستثمر بيع الأسهم مباشرة بعد شرائها كما هو معمول حالياً وسيحصل المستثمر على القوة الشرائية مباشرة بعد تنفيذ الصفقة دون الحاجة إلى الانتظار ليوم التسوية.
وأضاف “هناك مفهوم عند البعض أنه مع تطبيق آلية التسوية الجديدة، إذا اشتريت اليوم فلا يمكن البيع إلا بعد يومين.. وهذا تصور خاطئ تماما”.
وأكد أن الاختلاف فقط في نقطتين، الأولى في حال أراد المستثمر سحب النقد “الكاش” من الوسيط “الشركات المرخصة” فهذا لا يمكن إلا بعد يومي عمل، والاختلاف الآخر آلية وأحقية حضور الجمعيات العمومية”.
أهداف الآلية الجديدة
بين الحميد أن تغيير آلية التسوية إلى يومي عمل لاحقة لتنفيذ الصفقة، يحقق أهدافا عدة من أهمها، رفع مستوى حماية أصول المستثمرين ما يتيح المجال للتحقق من صحة الصفقة والتعامل مع الأخطاء الواردة فيها إن وجدت.
ولفت الحميد إلى أن من أهم مزايا التسوية الجديدة، مواءمة المعايير الدولية المطبقة في الأسواق الأخرى بشأن إجراءات التسوية، ما يزيد من فرص إدراج السوق السعودية ضمن مؤشرات الأسواق الناشئة ما يعزز من السيولة في السوق بشكل كبير جدا في حال تم الانضمام.
وأضاف “الأسواق التى تطبق التسوية الفورية في نفس اليوم قليلة جدا، وسبق أن انتقلت البورصة الروسية إلى التسوية بعد يومي عمل، أخيرا.. متى اختلفت عن الأسواق العالمية لا تعد ملائما للمستثمر العالمي”.
وأكد أن آلية التسوية الجديدة ستمكن السوق المالية السعودية من طرح منتجات جديدة منها المشتقات المالية على سبيل المثال.
وقال الحميد “إن آلية التسوية الجديدة، أيضا تؤدي إلى تطوير البيئة الاستثمارية لتحفيز الاستثمار المؤسساتي مع مراعاة الاحتياجات اللازمة للتكيف مع المتغيرات المستقبلية”.
وأضاف أن “بعد هذه المزايا ستصبح السوق المالية السعودية أكثر جاذبية للمستثمر المؤسسي المحلي والأجنبي، خاصة بعد الانضمام إلى مؤشرات الأسواق الناشئة”.
مؤكدا أن توقيت الانضمام إلى مؤشرات الأسواق الناشئة ليس في يد الهيئة في السعودية، لكنه مرتبط بتصويت المستثمرين الأجانب، لذلك متى وجدوا السوق السعودية موائمة لذلك وتعزز من فرصهم الاستثمارية، لكن الهيئة من جهتها اتخذت أخيرا عديدا من المبادرات التطويرية التى تقربنا من الانضمام.
وأضاف “MSCI أثنت أخيرا على مبادرات الهيئة في السوق المالية السعودية وأنهم يراقبون الوضع هناك”.
وذكر الحميد أنه يرتبط بالآلية الجديدة للتسوية، تطبيق السوق المالية السعودية مبدأ البيع على المكشوف المشروط باقتراض الأسهم في التريخ ذاته 23 أبريل الجاري.
وقال الحميد “إن وضع “المستثمرين الأفراد” لن يتغير مع النظام الجديد الخاص بـ “التسوية بعد يومي عمل” حيث إنهم ملزمون في نظام التسوية الجديد بتوفير السيولة قبل عملية الشراء كما هو الحال حاليا، كما سيكونون مطالبين بتوفير الأسهم قبل بيعها فيما يخص “البيع على المكشوف”.
فيما “المستثمرون المؤسسيون” سيمكنهم شراء الأسهم بدون توافر السيولة عند عملية الشراء، كما يمكنهم البيع على المكشوف المشروط باقتراض الأسهم دون توافر الأسهم في محفظتهم فعليا.
كيف تعالج “إخفاقات التسوية”؟
شدد الحميد على أنه وفق الآلية الجدية للتسوية، ستكون هناك سلسلة من الإجراءات في حال إخفاق المشتري في توفير السيولة وتنفيذ التسوية بعد يومي عمل، مشيرا إلى أن هناك بنك تسوية، ووسيطا، وضمانات مقدمة، وغرامات متسلسلة وبالتالي فإن تسوية صفقة الشراء هي عملية إلزامية وليست اختيارية.
وأضاف “في حال إخفاق المستثمر في تسوية الصفقة يكون هناك من يغطي العملية.. كما أن هناك غرامات متسلسلة ومختلفة حسب المبالغ والصفقة”.
وتوقع الحميد ألا تكون هناك إخفاقات في تسوية الصفقات إلا بنسب بسيطة جدا جدا.. وفي حال حدث فهناك آلية واضحة للتعامل وفق نظام التسوية الجديد، وهي آلية أفضل مما كانت وقت تنفيذ التسوية الفورية… إدارة المخاطر في ظل التسوية الجديدة أفضل لذا هو يعزز أصول المستثمرين.
وبسؤاله عن ماذا يحدث إذا ارتفع سهم بالنسبة القصوى خلال اليومين بين الشراء والتسوية، هل يمكن للبائع أن يتراجع، أجاب الحميد “البائع ملزم بالبيع.. وما لم يلتزم يتم اللجوء إلى المراحل التى تحدثنا عنها لتسوية الصفقة.. الصفقة ستتم في كل الأحوال”.
الجمعيات العمومية وأحقية الأرباح
من جهته، قال زيد المفرح مدير إدارة حوكمة الشركات، “إن تأثير آلية التسوية الجديدة فيما يخص أحقية حضور الجمعيات العمومية وأحقية الأرباح تحدده نقطة أساسية هي من المالك للسهم في سجلات المساهمين في مركز الإيداع”.
وأضاف “إذا اشتريت أنا اليوم سهم شركة “س” هل أعد مالكا للسهم؟ الإجابة أنه في ظل الآلية الجديدة للتسوية لن أعد مالكا إلا بعد يومي عمل، فيما كنت أعتبر مالكا للسهم بنهاية يوم التداول في آلية التسوية الحالية”.
وقال “إنه في الآلية الجديدة عندما أشتري السهم فالعملية تم تنفيذها، لكن المتداول أو المستثمر لم يتم نقل ملكية السهم إليه إلا بعد يومي عمل”.
وضرب المفرح مثالا قال فيه “عندما يقوم مستثمر بشراء ورقة مالية معينة يوم الإثنين على سبيل المثال، ستتم تسوية هذه الصفقة من حيث سداد قيمتها وتحويل ملكيتها باسم المستثمر الجديد يوم الأربعاء، وعليه فإن أي توزيعات نقدية تمت على الورقة المالية قبل يوم الأربعاء ستكون من حق المستثمر البائع، وأي جمعية عمومية للشركة قبل يوم الأربعاء لا يحق للمستثمر الجديد حضورها، بل سيبقى هذا الحق للمستثمر القديم لحين تتم التسوية يوم الأربعاء”.
بينما قال “إنه في الوضع الحالي المستثمر يشتري السهم يوم الإثنين، ويتم تسجيله مالكا للسهم في مركز الإيداع في نفس اليوم، ويمكنه حضور جمعيتها العمومية في نفس اليوم”.
وفيما يخص أحقية الأرباح، قال “إذا عقدت الجمعية اليوم فإنها تعلن عن تاريخ الاستحقاق.. وليكن حددت تاريخ الأحقية يوم 10 أبريل.. فإذا كان المستثمر الذي اشترى السهم قام بالتسوية ومسجلا كمالك في سجلات مركز الإيداع يوم 10 أبريل فسيكون من حقه توزيعات الأرباح، أما إذا كان تاريخ الأحقية قبل تسجيله كمالك في السجلات فلن يكون له الحق في أرباح الشركة”.
أسئله شائعة
كانت شركة السوق المالية السعودية “تداول” قد أجابت سابقا بالتعاون مع هيئة السوق المالية، عن قائمة من الأسئلة الشائعة حول تعديل المدة الزمنية لتسوية صفقات الأوراق المالية المدرجة في سوق الأسهم السعودية.
وقالت “إن المقصود بتسوية الورقة المالية هو نقل الورقة المالية المنفذة صفقاتها من المحفظة الاستثمارية للبائع إلى المحفظة الاستثمارية للمشتري، كما يقصد بالتسوية النقدية نقل ثمن الورقة المالية المنفذة صفقاتها من الحساب النقدي للمشتري إلى الحساب النقدي للبائع.
والمقصود بتسوية T+2، هي الفترة الزمنية الواقعة بين تنفيذ الصفقة وبين تسجيل انتقال ملكية الورقة المالية في مركز الإيداع والسداد الفعلي لقيمة الورقة المالية التي تقدر بيومي عمل”.
وأوضحت أنه بإمكان المستثمر بيع الورقة المالية مباشرة بعد شرائها كما هو معمول حالياً وسيحصل المستثمر على القوة الشرائية مباشرة بعد تنفيذ الصفقة دون الحاجة إلى الانتظار ليوم التسوية.
وأكدت “تداول” أنه سيتم تطبيق المدة الزمنية الجديدة للتسوية على جميع فئات المستثمرين وعلى صفقات الأوراق المالية في سوق الأسهم وصناديق الاستثمار المتداولة.
وأضافت أن “السوق ستلغي شرط إلزام جميع المستثمرين بتوفير ثمن الأوراق المالية قبل الشراء”، مشيرة إلى أن توافر النقد قد يتم فرضه من قبل الأشخاص المرخص لهم “الوسطاء” على عملائهم أو الاتفاق بينهم على ترتيب تعاقدي آخر.
ماذا يعني البيع على المكشوف واقتراض الأسهم؟
البيع على المكشوف أو الـ Short selling، هو بيع المستثمر أوراقاً مالية قام باقتراضها، على أن يقوم بإعادتها إلى المُقرض خلال المدة المتفق عليها.
ويقصد باقتراض الورقة المالية، عملية التحويل المؤقت للورقة المالية من مالكها إلى المستثمر المقترض مع إلزامه بإعادة الورقة المالية إلى مالكها في موعد لاحق يتفق عليه.
ويهدف البيع على المكشوف إلى تحقيق أرباح في حال انخفضت أسعار الأوراق المالية، على سبيل المثال إذا توقع المستثمر انخفاض سعر شركة ما يقوم باقتراض أسهمها وبيعها وعند انخفاض سعرها في السوق يقوم بشرائها مرة أخرى بسعر أقل وإعادة الأسهم المقترضة للمقرض ويمثل الفرق بين سعر البيع وسعر الشراء المنخفض قيمة الربح.
أما في حال عاكس اتجاه السهم توقع المستثمر وارتفع سعره فإنه سيضطر إذا قرر تغطية مركزه إلى شراء السهم بسعر أعلى لإعادة الأسهم إلى المقرض وبالتالي يتكبد خسارة.
وعلى العكس من عملية الشراء المعتادة للأسهم فإن المستثمر الذي قام بالبيع على المكشوف مطالب بدفع أي أرباح نقدية تم توزيعها على الأسهم التي اقترضها من الوسيط خلال فترة حيازته لها.
ويمكن استخدام البيع على المكشوف كأداة تحوط من خلال بيع المستثمر على المكشوف لسهم مساوٍ في النوع والكمية والسعر لأسهم يملكها حقاً في محفظته بهدف التخلص من خطر انخفاض هذا السهم مستقبلاً، أو يكون التحوط جزئيا بانعدام تساوي أحد الشرطين “السعر – الكمية”.
ومن أبرز الإيجابيات للبيع على المكشوف رفع مستوى السيولة في التداولات ذلك أن المقرض للأسهم يكون في العادة مستثمرا طويل الأجل لا يقوم بتدوير الأسهم، في حين إن عملية البيع على المكشوف تنتج عنها عمليتا بيع وشراء لاحق لهذه الأسهم المقترضة الراكدة من دون عملية البيع على المكشوف.
كما أن عمليات البيع المكشوف تحد من تكون الفقاعات للأسهم، حيث إن أي ارتفاع كبير وغير منطقي لسهم ما سيؤدي إلى قيام مستثمرين بعمليات بيع مكشوف عليه نظرا لتوقعاتهم بتراجع السهم إلى مستوى منطقي.
وتعد أبرز سلبيات البيع المكشوف زيادة حدة هبوط الأسواق عندما تتراجع بسبب جوهري، حيث يجتمع الاثنان عمليات البيع العادية “التخلص من الأسهم المملوكة فعليا”، وعمليات البيع على المكشوف “اقتراض الأسهم وبيعها لتوقع إعادة شرائها لاحقا بسعر أقل”.
ومن أهم الظواهر المرتبطة بعمليات البيع المكشوف هي ما يسمى بالـ Short Squeeze وتحدث عندما يكون هناك سهم معين جرت عليه عمليات بيع بالمكشوف ضخمة جدا نظرا لتوقعات بأداء سيئ للشركة، ولسبب ما يحدث تحسن مفاجئ في الشركة وهو ما يؤدي بالنتيجة إلى قيام المستثمرين الذي باعوا على المكشوف بمحاولة تغطية مراكزهم في نفس الوقت بإعادة الشراء، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع السهم بنسب كبيرة ولأيام متتالية، نظرا لضخامة حجم الطلبات وندرة العروض.