في هذه الحياة سهل ان تحكم على انسان ، وترمي بالتهم هنا وهناك حتى وإن كنت تراه من أول مرة ..!
تمضي بك الاقدام في الطرقات وتنظر الى وجوه العابرين وفي اعماقك صخب من الاحكام وعالم من التصنيفات السريعة والتي تتنافى مع كل المبادئ التي تؤكد على عدم التسرع في الاحكام والنظر الى ما خلف الامور .
ركب احدهم القطار وبعد ان اخذ مقعده في القطار فإذا برجل معه اطفال يدخل القطار ويجلس بجواره ويبدأ الاطفال بالجري والركض في القطار وانزعج هذا الشخص كثيرا وكان ينتظر مؤلما ان يتخذ ابوهم موقفا ويأمرهم بالجلوس وعدم الركض وخصوصا ان الرحلة طويلة وقد حان وقت المنام ولكن هذا الاب لم يحرك ساكنا فظل هذا الشخص يكتم غيظه ولكنه في اخر المطاف انفجر في وجهه قائلا : أي أب انت ، ما هذه البرودة لماذا لا تنهى أبنائك عن هذا اللهو ، هذا مكان عام وليس ملك لك .. فنظر اليه الرجل وكأنه كان سارحا فقال : سامحني يا اخي فقلد عدنا للتو من دفن امهم !.. وكنت سارحا افكر كيف اخبرهم !؟ ) فتحول موقف هذا الرجل مباشرة من شدة الغضب الى شدة التعاطف واخذ الابناء في احضانه واعتنى بهم طوال الرحلة .
هذه قصة من مئات القصص التي تمر بنا حكمنا فيها على اشخاص احكاما سريعة ومستعجلة ثم نبوء بإثم تلك الاحكام العاجلة .
وآخر يذهب الى الهند فيعتقد الجميع انه ذهب للهو واللعب واقتراف المحرمات ولكنه حدثني بفمه انه اسلم على يديه شخصين بل وغيروا أسمائهم الى اسامي اسلامية وتذكرت حينها قول النبي صلى الله عليه وسلم ( لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم ) .
وأحيانا ترى شخصا بشكل غير لائق ولكنك تجده يصلي في الصف الاول صلاة الفجر ! وهذا ما يجعلنا حقا لا نبحث عن الاشكال وانما نتجاوز الشكل الى القلب الذي يقبع خلف تلك الوجوه وعلينا ان نغوص في اعماقهم ونستخرج جواهرهم
فالخير فينا الى نهاية العالم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث ( الخير فيّ ، وفي امتي الى قيام الساعة ) .
حكمة :
كلنا كالقمر له جانب مظلم وجانب آخر مضيء ( حكيم )
حمد عبد العزيز الكنتي