المقالات

النهضة في الحجاز

من المسلم به -أنه ما من أمة اضطرب فيها حبل الأمن وفشت فيها الفوضى إلا بتفشي الجهل.فالعلم إذاً- وقد حظيت الشريعة الغراء على اكتساب العلم- من أهم العوامل عوامل رقي البلاد ليس علميا فحسب بل ودينا ودنيا أيضاً.
ولقد قطع الحجاز شوطاً بعيداً على هذا الحال إن لم نقل منذ الخليقة إلا إذا استثنينا بعض العصور الذهبية في الدولة العربية الأولي لا سيما نهضة العلوم الدينية .
فمن المسلم به أن استتباب الأمن في الحجاز أصبح مضرب الامثال في ممالك العالم طرا. فكان الأنسان يمكنه أن يترك بابه مفتوحاً ويغيب عنه بالأيام بل بل الأشهر دون أن يخاف أن تمس حاجياته إنسان حتى ولا حيوان.
ومن المسلم به أن الحاج رجلاً كان أم امرأة يمكنه أن يجوب أطراف الحجاز وحيداً ليلاً ونهاراً وبيده اليمني من أوراق النقد وبالأخرى اثقالاً من الذهب دون أن يسلبه سالب أو يقطعه سارق.
كل هذا أمره معروف معلوم ولسنا نحن الذين نعرفه ونعلم أمره فقط، بل ذلك ما حدثنا به أولئك الألأف من حجاج بيت الله الحرام وذلك ما شهدوه بأعينهم وعرفوه بأنفسهم وتم توثيقه بالوثائق والمخطوطات المحفوظة.
ومن الشواهد على هذا:
” أقام المستر سنت جون فلبي في الحجاز سنة، ثم ذهب إلى لندن فقابله مراسل رويتر واستطلعه رأيه في أحوال الحجاز ونجد، فأكد له المسترسنت جون فلبي المستر فلبي أن النجاح هناك قائم على قدم وساق، لأن ابن سعود رجل داهية وسياسي محنك يعرف كيف يدير البلاد.
وقال: إن حج هذه السنة( 1927) كان حجاً مشهودا لم يسبق له مثيل في التاريخ: فقد أم الحجازمائة وثلاثون ألف حاج لأداء الفريضة وذهب كثيرون منهم بالسيارات إلى الي مكة والمدينة، وعدد هذه السيارات يزداد شيئا فشيئا ويوما بعد يوم.
وابن سعود عاهل عربي مقدام لا يمل من العمل الدؤوب، ولا يتعبه التنقل من موطن الى موطن ومن بلد الى بلد، فقد يخرج من مكة بعد الغداء إلى بلدة أخرى ويعود إلى مقره عند العشاء.
وقال: إن الكهربية ومصانع الثلج ظهرت في مكة فشاع استعماله، وسيكون تعميم الللاسلكي خطوة أخرى في سبيل تحويل ديار الحجاز واندفاعها في طريق المدينة الحديثة، وولاة الأمور يعنون جد العناية بمسألة مد سكة حديد بين مكة والمدينة.
ومن الحقائق المسلم بها والموثقة بالوثائق التاريخية، وثيقة هامة في كتاب “الوجيز في سيرة الملك عبد العزيز” للمؤلف خير الدين الزركلي و كتاب “مقاتل من الصحراء” للأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز آل سعود ، توثق لحقيقة تسمية بلاد الحرمين الشريفين باسم “المملكة العربية السعودية” وحقيقة نظام الحكم فيها ، وهذا رد على كل من يجهل في التاريخ ويعبث في الحقائق للتشويه والتشويش المغرض للنيل من هذه البلاد وتاريخها..
عن صحة تسمية بلاد الحرمين الشريفين باسم “المملكة العربية السعودية” وحقيقة نظام الحكم فيها ، وهذا رد على كل من يجهل في التاريخ ويعبث في الحقائق للتشويه والتشويش المغرض للنيل من هذه البلاد وتاريخها وأستقرارها.
فـ بعد أن وحد الملك عبدالعزيز معظم أجزاء الجزيرة العربية، وانتشر الأمن في ربوعها، بفضل ما طبقه من أحكام شرعية، وما نفذه من أعمال، في مختلف الميادين ـ أخذت البلاد السعودية تخطو خطوات حضارية مميزة، خاصة بعد ظهور النفط، في المنطقة الشرقية.
وشمل التطور عدة جوانب، مثل الإدارة العامة للبلاد، القضاء، الحسبة، الشؤون المالية، الأمن، التعليم، الجيش، الزراعة، الصحة والمواصلات.
كان الملك عبدالعزيز، قد اتخذ لقب “أمير نجد ورئيس عشائرها”، في بداية سيطرته على نجد.
وفي عام 1339هـ/ 1921م، اتخذ لقب “سلطان نجد”، عقب مؤتمر الرياض. وفي عام 1344هـ/19255م، بايعه أهل الحجاز ملكاً عليهم، فأصبح لقبه: “ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها”.
وفي 25 رجب عام 1345هـ/يناير 1927م، بايعه أهل نجد ملكاً عليهم.
وتحولت سلطنة نجد إلى مملكة.
فصار لقبه: “ملك الحجاز ونجد وملحقاتها”.
وكانت البلاد تأخذ الاسم نفسه، فكان اسمها “سلطنة نجد وملحقاتها”.
ثم بعد فتح الحجاز، صار اسمها “مملكة الحجاز وسلطنة نجد وملحقاتها”، ثم صار اسمها “مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها”، أو” المملكة الحجازية النجدية وملحقاتها”
وعلى أثر القضاء على ثورة ابن رفادة ، وفتنة الأدارسة، وما أذيع أنها من تدبير حزب الأحرار الحجازي ـ رأى بعض الوجهاء والأعيان ضرورة قطع الطريق على الفتن، التي تظهر بسبب التفرقة بين الحجاز ونجد.
فأبرقوا إلى الملك عبدالعزيز، يعرضون رغبتهم في أن يكون اسم الدولة “المملكة العربية السعودية”، بدلاً من (مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها)، ليعبّر هذا الاسم عن معنى توحيد البلاد.
فرحب الملك بذلك, وأصدر مرسوماً ملكياً بالرقم 2716، في 17 جمادى الأولى عام 13511هـ، يقضي بتحويل اسم الدولة إلى المملكة العربية السعودية، ابتداء من يوم الخميس 21 جمادى الأولى 1351هـ الموافق للأول من الميزان/ويقابل يوم 23 سبتمبر 1932م
وبناء على ذلك، اتخذ الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، لقب “جلالة ملك المملكة العربية السعودية”.
وسعى أهل المملكة العربية السعودية إلى بحث أمر ولاية العهد، فأجمعوا أمرهم على أن يكون أكبر أنجال الملك، الأمير سعود بن عبدالعزيز، ولياً للعهد. وأبرق مجلس الوكلاء، ورئاسة القضاء والمحاكم، ومجلس الشورى، إلى الملك برغبتهم هذه. ووافق عليها، وأخذت البيعة للأمير سعود،
في 16 محرم 1352هـ/11مايو1933م. واستمر الملك عبدالعزيز في حكم البلاد، يسانده ولي عهده، الأمير سعود بن عبدالعزيز.
وينوب عنه، في الحجاز، ابنه، الأمير فيصل بن عبدالعزيز، إلى أن وافته المنية في مدينة الطائف، في يوم الإثنين 2 ربيع الأول 1373هـ/9 نوفمبر 1953م.
على أن الذى نقصده ليس التحدث عن الأمن واستتبابه في ربوع الحجاز وأن يقال إن ذلك يرجع إلى تنفيذ الأحكام الشرعية فحسب.بل إن الذي اريد أن يعرفه الناس أن استتباب الأمن يرجع فوق تنفيذ الأحكام الشرعية إلى نشر الحضارة والعلوم وتثقيف الناس بمختلف الوسائل العلمية في الحجاز.
فلننظر إلى النهضة العلمية في الحجاز الآن فماذا نجد؟
كان عدد المدارس في عهد الأتراك وفي عهد االأشراف والحسين من بعدهم حال سيئة، مدارس لا تزيد عن أصابع اليد الواحدة، علوم واهية بل هي قشور. كتلك التي كانت هي كل شيء غي عهد-فك الخط- ثم إذا قدر الله ووجدت مدرسة فلن تجد فيها غير أبناء المحسوبين والمتملقين.
ولقد قطع الحجاز شوطاً بعيداً على هذا الحال إن لم نقل منذ الخليقة إلا إذا استثنينا بعض العصور الذهبية في الدولة العربية الأولى لا سيما نهضة العلوم الدينية.
أما إذا تمعنا النظر في حال العلوم والمعارف في الحجاز في العهد الحاضر.عهد النور                                                                                                                                      والعرفان عهد ملوكنا المصلحيين الأوفياء نرى المدارس قد أضحت في كل مكان، بل نرى في كل حي مدرسة أويزيد، وبعد أن كانت القرى محرومة من المدارس أصبحنا نرى فيها المدارس تضم أكفأ المدرسين.ثم نزد على هذا وذاك ترقية العلوم والمعارف بجميع المدارس ومراحلها، إضافة إلى البعثات العلمية وهناك في الخارج إلى فرنسا وألمانيا وانجلترا وبعثات أخرى للاستزادة في فنون الطب والهندسة وغيرها..
إن الناظر إلى جموع الطلبة والطالبات وهم في ذهابهم وإيابهم إلى مارسهم ليهنز سرورا وطربا للظروف السعيدة والنهضة الجليلة التي أدت إلى كثرة مرتشفي أنهر العلم وكؤوس الحضارة..
ومن حقنا نحن أبناء المملكة أن نتيه إعجاباً بمجهود قادة مملكتنا الحبيبة إبتداء بجهود الملك عبد العزيز( رحمه الله) الذي جعل من أبناء البلاد الحجاز كتلة علمية ونهضة حقيقية تبشر بمستقبل باهر للبلاد والتي استمرت حتى جهود خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ( حفظه الله).
فهذه النهضة العلمية في الحجاز كانت بجانب تنفيذ الأحكام الشرعية العامل الأكبر والعون التام على القضاء على الشرور والمفاسد والسرقة واللصوصية ومحاربة الأرهاب .
ولم تقتصر جهود ملوكنا ملوك المملكة العربية السعودية في رفع شأن نهضة الحجاز العامة على العلوم والمعارف وإنتشار المدارس فقط بل تناولوا كل ما من شأنه إكمال النهضة ورفع مستواها في جميع ضروب الحياة.
ولا شك أن من أهم هذه العوامل حفظ كيان الصحة العامة ومكافحة جراثيم الأمراض الفتاكه، حتى تتحق الغاية المنشودة من انتشار العلوم. فالمنطق يدلنا على أن العقل السليم في الجسم السليم،بل إن البلد الذي تنتشر فيه الأمراض فعلاوة على مايصيبه من الخسارة المادية لانصراف التاس الى التطبيب وفتك الامراض بهم، فانتشارالامراض يدل على الجهل.
لذا اقترنت حسنة جلالة الملك في إصلاح حال البلاد الحجازيز الى توفير وسائل الصحة العامة، فانقطعت الأمراض وأمن الحجاج شر الجراثيم الفتاكة كما كان الحال في الزمن السابق مما اضطر الحكومات إلى اتخاذ وسائل شديدة، فمعامل التحليل البكتريولوجية ومعامل استخراج المصل والمحاجر المنظمة والمستشفيات المتنقلة، وسيارات الإسعاف وكثير غير هذا لم يكن معروفا في الحجاز قبل عهد الملك عبد العزيز ” رحمه الله” فلا عجب إذا انقطعت الأمراض وقلت الوفيات ولبس الناس رداء الصحة والهناء والعافية ..
فالصحة أيضاً من أهم وسائل النهضة في الحجاز وأهم وسائل هناء شعبه وثرائه أيضاً، والواقع أن توفير الوسائل الصحية مما يساعد على انتشار العلم والثقافة والثروة في البلاد، أجل إن الصحة مكملة لما ذكرناه ولايمكن أن ينفرد انتشار العلم واستتباب الأمن عن تعميم الوسائل الصحية، بل نرى أن هذه الأمور الثلاث مكملة بعضها البعض.
فالأمن والمعارف والصحة في الحجاز من خير الأمثلة على نهضة الحجاز ومن خير ما يضرب به المثل في رغبة ملوكنا حبهم وطنهم والعمل على اسعاده ورفعته، أدبياً ومادياً وعلميا.ومن كلمة مهمة وجه الملك عبد العزيز إلى مواطنيه في عام 1355هـ/1936م. نشرتها صحيفة أم القرى، جاء فيها:
إن شرعية هذه الدولة هي في منهجها وتاريخها الطويل الذي بدأ ببيعة شرعية للالتزام بالدين الصحيح منهجاً ومسلكاً في الحكم والبناء السياسي والأجتماعي، مع الأخذ بما يقره الدين من معطيات العصر الحقيقية التي تفيد الناس والمجتمع، لا من حادثات الفكر المستورد التي لا تؤدي إلا إلى محاولة إفراغ هذه البلاد من أسسها الصحيحة وإعادتها إلى الفوضى والتخبط الفكري الذي لانهاية لجدله ولا فائدة من مبادئه.} فَأَمَّا الزبد فَيَذْهَبُ جُفَآءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ الناس فَيَمْكُثُ فِي الأرض” {الرعد: 17″، فهذا الزبد الفكري مآله إلى النهاية، أما ما ينفع الناس من أسس صحيحة ومبادئ سليمة فستمكث في هذه الأرض بإذن الله، في هذه الدولة المباركة في هذه الأرض المباركة .
هذه هي أسس المملكة العربية السعودية التي تتسم بالأصالة والمصلحة العامة، وترتبط بالدين الأسلامي وترعى مبادئه ومنهجه، وتعد من ثوابت المملكة العربية السعودية التي لا تتغير أو تتبدل لإرضاء تيارات فكرية أو توجهات سياسية أو مصالح ذاتية، وإنما تظل وفيه لجذورها ومبادئها العظيمة القائمة على الدين وراية التوحيد التي لا تتبدل أو تتغير.
وإن الحجاز ليفخر كل الفخر بنهضته وتقدمه على يد ملوك المملكة العربية السعودية ابتداء من عهد المؤسس الملك عبد العزيز وحتي حاضرنا المشرق حاضر وعهد خادم الحرمين الشريفين

د. عزة بنت عبد الرحيم شاهين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى