لُجة الأيقونات
منطق الطير: “إن النخبة لا تموت مبكرًا، الشعوب هي التي تموت” – محمد الماغوط
تزامنًا مع انعقاد القمة العربية الثامنة والعشرين في المملكة الأردنية لفتني بين كثير من المواد المتعددة المتعلقة بكواليس ومجريات القمة فيديو لا علاقة له بأحداثها أو راهنها ولكنه لا شك متصل بصلب عملها المهدور وغاياتها الحالمة التي ما لبثت تتسرب من ثقوب الشرخ العروبي، إنه فيديو لأرملة شهيد فلسطيني أبعدت من بلدتها في الضفة الغربية وزوجها إلى غزة، فحواه طلب تلك السيدة من الحاضرات في حفل التخرج الجامعي (زغرودة)!!، نعم أقصى أحلامها في تلك اللحظة زغرودة موءودة تمنتها من أمها التي لم ترها من سنوات.
يا لبساطة ذلك الحلم أمام أماني الزعماء العرب في قمتهم وهم يكررون دون كلل أو ملل سعيهم الحثيث لتحقيق السلام العادل!! وتحرير فلسطين!!، ولا أعلم أي فلسطين التي يعنون بعد أن تبخر حلم تحريرها من البحر إلى النهر!، واستعاضوا بدلاً منها أراضي 67!!؛ وتمنيت في تلك اللحظة أن أسمع أثناء البيان الختامي للقمة إصرار القادة بكل قوة وحزم على حق “الزغردة” دون مصادرة من المغتصب الصهيوني!، وأن لا تتجاوز مطالبهم وِسع ما يملكون!! وسقف أحلام البسطاء.
إن الأمر لا ينحصر في عجز القادة عن إيجاد حلول للقضية العربية الأولى، وإنما يمتد ذلك العجز ليشمل الشعوب المنشغلة عن سباتها العميق بنوم الساسة أثناء الجلسة، وعن السقوط الحضاري المستمر بسبب الانحدار الأخلاقي وبنية التفكير والتكاسل العام، بالتنكيت عن سقوط الزعيم الفلاني أو القائد العلاني!!، متناسية أن الأمم إنما تنهض بشعوبها الحية، وبحراكها الواعي المستمر، وبترتيب الأولويات، وبرص الصفوف وشحذ الهمم، وعدم الاستسلام للخنوع واليأس، وبالسخرية الحاذقة لا بالاستهزاء المبتذل.
على الخطاب التواصلي الجمعي للشعوب في شبكات وفضاءات التواصل الاجتماعي أن يتخطى شعبويته المعتادة، وأن يكون أكثر واقعية وعقلانية، ويتحول بفضل الاحتكاك مع الثقافات الأخرى والتفاعلية وروح الشباب والأفكار المتقدة إلى خطاب منتج للمبادرات والحلول، لا يتوقف عند النقد وإنما يُستثمر في عبور هذه المرحلة الحساسة التي تعيشها أمتنا، ومن ثم السعي الحثيث لانعكاس ذلك الخطاب الواعي الايجابي على واقعنا، ليُحي رميم أحلامنا وما تبقى لنا من أمنيات.
خبر الهدهد: مبيد بشري!!
عبد الحق هقي