اقتصاد

نظرة على لائحة حوكمة الشركات الجديدة الصادرة عن هيئة السوق المالية السعودية

 

أصدر مجلس هيئة السوق المالية قراره المؤرخ في 16/5/1438هـ الموافق 13/2/2017م باعتماد لائحة حوكمة الشركات الجديدة، وبناءً على نظام السوق المالية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/30) وتاريخ ‏‏2/6/1424هـ، ونظام الشركات الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/3) وتاريخ 28/1/1437هـ، تم اعتماد لائحة حوكمة الشركات على أن تحل محل لائحة حوكمة الشركات الصادرة بقرار مجلس الهيئة رقم (1-212-2006) وتاريخ 21/10/1427هـ الموافق 12/11/2006م ابتداءً من تاريخ 22/4/2017م، باستثناء بعض الأحكام والتي سيعمل بها ابتداءً من تاريخ 31/12/2017م، كما أوضحت الهيئة أن على مجالس إدارة الشركات المساهمة المدرجة التي تنتهي سنتها المالية في تاريخ 31/12/2017م وما بعد استيفاء جميع المتطلبات الواردة في المادة التسعين من لائحة حوكمة الشركات عند إعداد واعتماد تقرير مجلس الإدارة الذي سيتم الموافقة عليه من قبل الجمعية العامة في تاريخ 31/12/2017م وما بعد، وأشارت الهيئة إلى إلغاء الدليل الاسترشادي للائحة حوكمة الشركات الصادر بقرار مجلس الهيئة رقم (3-31-2012) وتاريخ 9/11/1433هـ الموافق 25/9/2012م اعتباراً من  تاريخ 22/4/2017م.ويأتي اعتماد الهيئة بعد طلب وزارة التجارة وهيئة السوق المالية آراء العموم والمهتمين في اللائحة قبل صدورها كمشروع بتاريخ 26/4/2016م، حيث نظمت هيئة السوق المالية بالتعاون مع وزارة التجارة اجتماعات للشركات المدرجة يومي 18 و19/5/2016م ؛ لمعرفة آرائها واستطلاع مرئياتهم لمشروعي لائحة حوكمة الشركات والضوابط والإجراءات التنظيمية الصادرة تنفيذاً لنظام الشركات المنشور بالجريدة الرسمية في العدد 4595 السنة 95 بتاريخ 22/2/1437هـ الموافق 4/12/2015م النافذ بتاريخ 25/7/1437هـ الموافق 2/5/2016م.كما منح نظام الشركات الجديد وزارة التجارة اختصاص الإشراف على الشركات المساهمة غير المدرجة، ومنح هيئة السوق المالية اختصاص الإشراف على الشركات المساهمة المدرجة فيها.
ومن خلال الإطلاع على لائحة الحوكمة الجديدة وما ورد بها من نصوص وأحكام تنعكس بشكل إيجابي على أداء الشركات والسوق والاقتصاد الكلي فلنا بعض الملاحظات على النحو التالي :
أولاً : توسعت اللائحة في بند التعريفات ( الأقارب أو صلة الأقارب ) وصولاً للدرجة الثالثة، بالرغم من أن مشروع اللائحة قد حدد هذه الصلة حتى الدرجة الرابعة، وهو توجه تدريجي محمود من المنظم، لا سيما وأن لائحة الحوكمة الملغاة اكتفت بتحديد الأقرباء من الدرجة الأولى فقط، وهو ما يظهر التطور نحو توسيع دائرة الأقارب خاصة فيما يخص تعارض المصالح وعوارض الاستقلالية.
ثانياً : ورد في الفقرة (ب) من المادة ( الثامنة ) وجوب استخدام التصويت التراكمي في انتخاب أعضاء مجلس الإدارة، بحيث لا يجوز استخدام حق التصويت للسهم أكثر من مرة، وهو ما يتوافق مع المادة (95) من نظام الشركات الجديد.وقد ظلت الفقرة (ب) من المادة (السادسة) الخاصة بالتصويت التراكمي من لائحة الحوكمة الملغاة غير ملزمة منذ صدورها في 21/10/1427هـ الموافق 12/11/2006م وحتى صدور لائحة الحوكمة الجديدة، بالرغم من توجه عدد من الشركات المدرجة باستخدام نظام التصويت التراكمي بشكل اختياري.
ثالثاً : توسعت لائحة الحوكمة الجديدة في عواض الإستقلال وفقاً لما ورد في المادة (العشرون) حيث نصت على (10) حالات على سبيل المثال لا الحصر، بخلاف لائحة الحوكمة الملغاة التي نصت في المادة ( الثانية ) على (7) حالات تنافي الإستقلالية، وقد ظهر توسع اللائحة الجديدة في هذه العوارض في الفقرة 1/ج من المادة (العشرون) حيث أضافت في البند الخاص بملكية نسبة 5% أو أكثر من أسهم الشركة أو من سهم شركة أخرى من مجموعتها جملة ( أو له صلة قرابة مع من يملك هذه النسبة ).كما تنتفي الإستقلالية كما ورد في الفقرة 7/ج إذا كانت للعضو مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في الأعمال والعقود التي تتم لحساب الشركة، والفقرة 8/ج إذا تقاضى مبالغ مالية من الشركة علاوة على مكافأة عضوية مجلس الإدارة أو أي من لجانه، والفقرة 9/ج إذا اشترك في عمل من شأنه منافسة الشركة أو أن يتجر في أحد فروع النشاط الذي تزاوله الشركة.وأخيراً ورد في الفقرة 10/ج من نفس المادة أن من عوارض الاستقلال أن يكون عضو مجلس الإدارة قد أمضي ما يزيد على تسع سنوات متصلة او منفصلة في عضوية مجلس الإدارة، إلا أن الفقرة الأخيرة تظل استرشادية لحين إعلان الهيئة عن إلزميتها.أما الفقرة 4/ج من عوارض الاستقلالية التي وردت في اللائحة الملغاة واللائحة الجديدة والخاصة بانتفاء الإستقلالية إذا كان عضو المجلس عضو في مجلس إدارة شركة أخرى من مجموعة الشركة المرشح لعضوية مجلس إدارتها، ولعله كان من الأفضل تحديد نسبة التملك في هذه الشركة.أخيراً فقد نص في مشروع اللائحة في البند د ، هـ ، و من الفقرة 3 من المادة ( الثانية والعشرون ) على حالات انتفاء الاستقلالية في عضو مجلس الإدارة عند توافر صلة قرابة حتى الدرجة الرابعة سواء مع أعضاء مجلس الإدارة أوأي من كبار التنفيذيين في الشركة أو في شركة من شركاتها التابعة، أو مع أي من مستشاري الشركة وهو توجه محمود من الهيئة في إرجاء النص على هذه الفقرة لوقت لاحق تدريجياً، لا سيما وأن زيادرة حالات عوارض الاستقلالية قد يترتب عليها قلة عدد الأعضاء المستقلين في مجلس الإدارة، مما يعرض الشركة لتوقيع غرامة مالية كما حدث مع إحدى الشركات المدرجة بسبب عدم توافر النصاب المطلوب في مجلس الإدارة من الأعضاء المستقلين.
رابعاً : ورد في الفقرة (3) من المادة الثانية والعشرون في الوظائف الأساسية لمجلس الإدارة النص على إعداد سياسات ومعايير واضحة للعضوية في مجلس الإدارة – بما لا يتعارض مع الأحكام الإلزامية في هذه اللائحة – ووضعها موضع التنفيذ بعد إقرار الجمعية العامة لها.وهذه الفقرة ستصبح إلزامية وفقاً لما جاء باللائحة الجديدة في 31 ديسمبر 2017م، وهذه الفقرة وردت في لائحة الحوكمة الملغاة في الفقرة (د) في المادة العاشرة والخاصة بالوظائف الأساسية لمجلس الإدارة، وأصبحت إلزامية من 30 يونية 2013م، وتم إدراجها واعتمادها في الجمعيات العامة لعدد كبير من الشركات المدرجة، ولم يتضح عما إذا كانت الهيئة ستكتفي بما اعتمدته الجمعيات العامة للشركات في هذا الخصوص، أم يتطلب ذلك عرضها مرة أخرى على الجمعيات العامة بعد 31 ديسمبر 2017م.
خامساً : نصت لائحة الحوكمة الجديدة في المادة ( الثامنة والعشرون ) بأنه لا يجوز تعيين الرئيس التنفيذي بعد انتهاء خدماته رئيساً لمجلس إدارة الشركة خلال السنة الأولى من إنتهاء خدماته، وهي المادة التي ستصبح إلزامية من 31 ديسمبر 2017م.
سادساً : ورد في الفقرة (ب) من المادة ( الثانية والثلاثون ) وهي فقرة استرشادية خاصة باجتماعات مجلس الإدارة والتي حددت عقد مجلس الإدارة أربعة اجتماعات في السنة على الأقل، بما لا يقل عن اجتماع واحد كل ثلاثة أشهر، في حين نصت الفقرة (1) من المادة ( الثالثة والثمانون) من نظام الشركات الجديد على أنه اجتماع مجلس الإدارة مرتين على الأقل في السنة بدعوة من رئيسه وفقاً للأوضاع المنصوص عليها في نظام الشركة الأساس.والرأي عندي أنه كان يجب التوفيق بين ما ورد في نظام الشركات الإلزامي الذي حدد اجتماعات المجلس باجتماعين على الأقل وأحال للنظام الأساس للشركة، وبين المادة الاسترشادية من لائحة الحوكمة الجديدة التي حددت عدد اجتماعات المجلس بأربعة اجتماعات على الأقل، وهو ما يعني مخالفة الشركات التي يقل عدد اجتماعات مجالس إدارتها عن أربعة اجتماعات وفقاً لنظام الشركة الأساس عند إلزامية الفقرة الواردة في لائحة الحوكمة الجديدة مستقبلاً.
سابعاً : نصت المادة ( الثامنة والثلاثون ) من لائحة الحوكمة الجديدة وهي مادة استرشادية على شروط أمين سر مجلس الإدارة، وورد في الفقرة (1) من المادة ” أن تكون لديه خبرة عملية ذات صلة لا تقل عن ثلاث سنوات “، وفي الفقرة (2) من نفس المادة ” أن تكون لديه خبرة عملية ذات صلة لا تقل عن خمس سنوات “، وبقراءة الفقرتين وجد صعوبة الاستنتاج عما إذا كان المقصود في تفاوت سنوات الخبرات وفقاً للموهل أو تعود على الوظيفة نفسها، ولعل الفقرة كانت تحتاج لصياغة واضحة لرفع أي التباس لدى القارئ والمتخصص على حد سواء.
ثامناً : نصت الفقرة (7) من المادة ( الخمسون ) من لائحة الحوكمة الجديدة على تشكيل اللجان، حيث نصت على جواز دمج لجنتي المكافآت والترشيحات في لجنة واحدة تسمى لجنة المكافآت والترشيحات وهو نص جيد سيما وأن اللائحة نصت في الفقرة الاسترشادية الخاصة برؤساء اللجان على وجوب استقلاليتهم، وكنا نتمنى النص كذلك على جواز دمج لجنة المخاطر مع لجنة المراجعة، ودمج لجنة الحوكمة عند تشكيلها – وهي مادة استرشادية – إلى لجنتي الترشيحات والمكافآت تجنباً لوجود مخالفة لعدم كفاية عدد الأعضاء المستقلين مستقبلاً.وكنا نتوقع النص على إلزامية تشكيل لجنة الحوكمة التي ورد النص عليها في المادة ( الخامسة والتسعون ) لا سيما وأنها من اللجان الهامة الواجب منحها صلاحيات ومهام تتفق لتطبيق لائحة الحوكمة الجديدة.

 

د.محمد لطفي عبد الفتاح
مستشار قانوني – متخصص في حوكمة الشركات
Dr.Mohamedlutfi@yahoo.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى