أ.د.عبدالرزاق حمود الزهرانيإيوان مكة

الوادي المهجور

 

(كان وادياً يعج بالنشاط والحركة والإنتاج، وعندما هجره أهله إلى المدن تحول إلى وادي أشباح..)

من ديواني (الوادي المهجور)

مرَّت عـلـيك نوائبُ الـدهــرِ
يـا واديَ الأشبـاحِ والقفــرِ
مرت عليك وأنت لا تــــدري
يا واحـةَ تشـكو من الهجــر
يـا وادياً ما كان أجمــــلــه
في ســالفِ الأيـامِ والعَصــرِ
من حـولـه الأشـجار باسقة
والماءُ في أحضــانهِ يجـــري
والطــير أرواحٌ مغـــــردة
وقصورها تزهو على الشجـــر
وهنــاك كــان أبي ووالدتـي
يتعهـدان الأرض بالبَــــذْر
وأخـي وأخـتي والصـغار معـي
نلهـو بلا خوفٍ بلا حـــذرِ
نبــني قصــوراً من حجارتـه
ونطير لا نخشـى من الخـطــرِ
نـلهـو وجُــلُّ حيـاتنا مـرحٌ
ونواجــه الأيام بالبِشـــر
مــا كـان في مشوارنا عـرضٌ
نخشــى عليه غوائل الدهــر
نحيــا الحيـاة بكـل بهجتهــا
ولذي الجَلالِ عواقبُ الأمـــرِ
أبداننــا تشـقى وراحتهـــا
في موسـمٍ يزدانُ بالثَّـمـــرِ
وعلى السـقيفة ينقضـي زمــنٌ
في ذبِّ أفـواجٍ من الطيـــرِ
نحمــي الـمزارع من غوائلهـا
ونذودُها لنـعيشَ في يُـســرِ
وكـأنـها جـيش طـلائعـــه
قد دُرِّبت للـكرِّ والـفَـــرِّ
تــأتي وتهجـم ثم نطردهـــا
وتعودُ بعـد قليــل للكــرِّ
وعلى ضفافك كـم مضى جمــلٌ

يرعى ويحصد عـاليَ الشَّجَــرِ
ومـع الصغـار لـه صـداقـاتٌ
تبقـى كمثلِ النقشِ في الحجـرِ
يـا واديـاً مـُلئت جوانبـــه
بالحبِّ يسقي الأرض كالمطــرِ
تتعــانق الأصـوات في نغــمٍ
يأتـي مع إطلالـة السَّـحَــر
الـكلُّ يـمضي في مشـاغلــه
بسـواعدٍ قُدَّتْ من الصَّـخـر
وعزائمٍ تـمـضي لغـايتهـــا
في صبرها أقـوى من الصبــر

وتغــيرت أحـوالنا فغـــدا
كـلٌ إلى أعمـاقه يـجــري
ارتاحـت الأبـدان واشتعلــت
نار ببعـض بريقهـا تُغــري
تعبُ النفوسِ حرائـقٌ ولظـــىً
بعروقنـا وقلوبنـا تســري
هجروك يا وادي الرضى وغــدو
كفراشـة تسـعى إلى القبــر
مرَّت عليـك نوائبُ الـدهــرِ
يا واديَ الأشباحِ والقفـــرِ
مرت عليك وأنت في عجـــبٍ
من عالمٍ الأهـواءِ والغـدرِ..!!
ثغـر الحيــاة إليـك مبتســم
وفؤادهـا أقسى مـن الحَجَـر
وحديثهــا حـلو ومنطقهـــا
في فتكهِ أقوى من السحـر..!!
يا واديَ الأشبــاح يا حلمـــاً
ولىَّ مع الأيـام في الصغـر..!!

شعر أ. د. عبدالرزاق بن حمود الزهراني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى