لُجة الأيقونات
منطق الطير: “يمكن للمرء أن يكون بطلا دون أن يدمر الأرض” – بوالو
يشهد العالم في الآونة الأخيرة جنونًا لا مثيل له، جعل من بعض معتوهيه يستخدمون الغازات السامة والمواد الكيماوية الحارقة في قتل وتشويه أناس أبرياء!!، لا ذنب لهم إلاَّ نشدان الحياة في حرية ورفاهية وسلام، ولم يتوقف ذلك الجنون عند هذا الحد!، بل إنه تجاوز ذلك الإجرام إلى مرحلة ردع ذلك العته باستخدام ذات الغازات وذات السموم والتي عادةً ما تستهدف ذات الضحايا!!، في سعيٍ مبرمج بين طرفين عدوين ظاهرًا، لكنهما متحالفين ومتضامنين باطنًا في إبادة جماعية ممنهجة!!.
لا يقف باقي العالم والذي لم يعد يقل عتهًا وجنونًا من تلك الجرائم موقف المتفرج المتبلد فحسب!!، بل إنه يساهم قصدًا وغفلة، ووعيًا ولا وعيًا في تهميش القضية الجوهرية من خلال العبث بتساؤلات ونقاشات هامشية، ويغرق في جدل بيزنطي ونقاش عبثي للانتصار إلى الجريمة والمجرمين عبر توظيف حقير وسامج لمعاناة الضحايا وعذاباتهم!، وقيم الحرية والوطنية!!، متناسيًا أن الأصل في الجريمة واحد، والأهداف والغايات واحدة؛ وإن اختلفت الأجندات والاستراتيجيات والأهم من كل ذلك أن الضحية هي الضحية.
إن تلك الحالة تذكرك بما يشير له العلماء بظاهرة حصانة كثير من الحشرات ومقاومتها لعدد من المبيدات، بل تجاوزت تلك المرحلة إلى التأقلم معها وإنجاب سلالة لا تتأثر بمفعول تلك السموم القاتلة؛ ذلك ما بات يفعله الضخ المعلوماتي الرهيب!، فترويج الأخبار المغلوطة والمتناقضة، وتسويق البهتان والأكاذيب بطرق ملفتة ومبهرة، أدى إلى ظهور أجيال لا تتوقف عند التصديق والتأثر بالكذب، وعدم فاعليتها مع الحقائق، بل يمتد إلى ما هو أخطر!!، أجيال تنتج الكذب وتصدقه! وتتعامل معه وكأنه الحقيقة المطلقة!!.
يصعب محاربة العنف و”الإرهاب” ومجابهة الظلم والاستبداد، والوقوف في وجه هذا التفكير المتطرف العاصف المتسلل لأذهان كثير من الشباب، في بيئة تسعى لتكريس “الإمّعة” وتُهمش التفكير الناقد، ولا تُعنى بالقيم، وتتعامل بالازدواجية المقيتة، وتُشيع الأكاذيب! من خلال ترويج خطاب شعبوي مليء بالكراهية والتطرف، وعقلية مشبعة بروح الغدر والانتقام!، وفي ظل غياب جاد لتحقيق العدالة والانتصار للمظلومين بمختلف أطيافهم وانتماءاتهم، فلا يُعقل الادعاء بما لا يُمتلك وما يُحارب.
خبر الهدهد: ضمير معتم
عبد الحق هقي