(مكة) – الرياض
شهدت السياحة السعودية خلال العشرين سنة الماضية منذ مؤتمر السياحة الداخلية الذي أقيم في أبها عام 1417هـ برعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- والذي أوصى بإنشاء هيئة للسياحة وحتى مناسبة إطلاق أبها عاصمة للسياحة العربية الثلاثاء الماضي ، مراحل من التطوير حتى أصبحت قطاعا منظما مدعوما باللوائح والأنظمة والمشاريع والبرامج الجاهزة.
وتمكنت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني خلال هذه الفترة من إتمام جميع متطلبات البناء النظامي، وبنت قطاعا اقتصاديا كان من الممكن ان يؤدي دوره في هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة لو حظي بالدعم الكامل، ونجحت في إحداث تحول في عدد من المسارات الصعبة ومن أبرزها نظرة المجتمع للسياحة وللآثار والتراث وإعادة المكان إلى الانسان.
وعملت الهيئة بتضامن مع القطاعات الحكومية والخاصة والمجتمعات المحلية وأسست مبادئ جديدة ليس فقط في علم الإدارة ولكن أيضا في علم التعاون وهو الأهم وفي مقدمتها الشراكات التي واجهت انتقادات في بدايتها ولكن بعد هذه المرحلة والنجاح الذي حققته هذه الاتفاقيات والشراكات صارت معظم الجهات تحتذي هذا النموذج.
وخلال هذه الفترة تضعف اسهام السياحة الوطنية في الناتج المحلي الإجمالي، كأحد أكثر القطاعات الاقتصادية غير البترولية نمواً، فقد ارتفعت الإيرادات السياحية إلى (166.8) مليار في نهاية عام 2016م , وتجاوز عدد الرحلات السياحية المحلية في المملكة خلال عام 2016م 47.5 مليون رحلة مقارنة بنسبة ارتفاع تبلغ 2.3%. بالعام 2015 الذي تجاوز عدد الرحلات السياحية المحلية فيه 46.5 مليون رحلة بإنفاق تجاوز 44.9 مليار ريالاً.
وفي عام 2002م، لم تكن هناك مجالس للتنمية السياحية، والآن يوجد 17 مجلس تنمية سياحية يرأسها أصحاب السمو أمراء المناطق وعدد من محافظي المحافظات، وهي تشرف على جميع الأنشطة السياحية في المناطق على مدار العام، ويساندها أكثر من (70) لجنة تنمية سياحية في المحافظات، بالإضافة الى انضمام الهيئة لمجالس المناطق والمجالس المحلية في المحافظات.
وشهد قطاع الإيواء السياحي بكافة فئاته نمواً سريعاً فاق النمو المتوقع للطلب، حيث تضاعف عدد المنشآت السياحية المرخصة منذ بدء إشراف الهيئة على قطاع الإيواء في عام 2009م، فارتفع عددها من (1402) منشأة إلى أن بلغ عددها في نهاية عام 2016م (6454) منشأة، بنسبة نمو (300%)، خلال هذه الفترة.
وزاد عدد الشركات العالمية الدولية لتشغيل الفنادق من(8) شركات في عام 2002م، إلى أن بلغ عددها الآن (25) شركة دولية بنسبة نمو (300%)، وتضاعف عدد العلامات الفندقية السعودية ليصبح الآن (7) علامات فندقية سعودية.
ويبلغ عدد منظمي الرحلات السياحية الآن (566) منظم رحلات مرخص من قبل الهيئة، مقارنة بعدد قليل لايتجاوز 10 منظمي رحلات سياحية في العام 2002م وفي قطاع غير منظم ومرخص .
كما زاد عدد العاملين في قطاعات صناعة السياحة المباشرة من (333) ألف سعودي في العام 2004 إلى أن بلغ أكثر من (936) ألف سعودي، بنسبة نمو (181%) مقارنة مع العام 2004م، ومن المتوقع أن يزيد عدد الفرص الوظيفية إلى (1,2) مليون وظيفة بحلول عام 2020م.
وبلغت نسبة التوطين في الوظائف السياحية المباشرة 28% عام 2016م، ومن المتوقع أن تزيد النسبة بحلول عام 2020م إلى 30% ويشغل المواطنون معظم الوظائف القيادية في صناعة السياحة، حيث تضاعف عدد السعوديين مديري الإدارات وكبار الموظفين في قطاع الإيواء السياحي بنسبة (280%)، وارتفع عددهم من (2202) إلى (6273)، ويشغل السعوديون في مجال تنظيم الرحلات نسبة 100% من الوظائف القيادية .
كما أن جميع العاملين في مجال الإرشاد السياحي من المواطنين المدربين والمرخصين بدأ الترخيص للمرشدين السياحيين في العام 2006 حيث بلغ عدد المرخصين 90 مرشدا سياحيا وحتى هذه اللحظة تم تدريب حوالي الف مرشد حصل ما يقارب 500 منهم على رخصة الارشاد وما زال بعضهم يستكمل اجراءات اصدار الرخصة وتم الإعداد لمسارات سياحية منظمة ترتبط بمواقع الجذب السياحي في مناطق المملكة، حيث تم انشاء أكثر من 64 مساراً، وهو ما أحدث نقلة نوعية تنمو بشكل مستمر في مجال تنويع المسارات والأنماط السياحة.
وعلى مستوى الأنظمة واللوائح، شهدت السنوات الماضية تطوراً سريعاً في الموافقة على الأنظمة واللوائح المتعلقة بالسياحة والتراث الوطني، حيث صدرت موافقة المقام السامي الكريم على عدد من القرارات المهمة للهيئة، من بينها: اعتماد نظام للسياحة، واعتماد نظام للآثار والمتاحف والتراث العمراني، واعتماد نظام للمشاركة بالوقت في الوحدات العقارية السياحية، والتوجيه بدراسة مشروع نظام للحرف والصناعات اليدوية من الجهات العليا.
وأولت الهيئة جانبا كبيرا بالتراث الوطني لتتوج جهودها في ذلك بإقرار برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة، وهو من البرامج الوطنية المهمة التي لاقت اهتماما كبيراً ليس على المستوى المحلي فقط، بل على المستوى الدولي، وهو يهدف إلى تعزيز روح المواطنة من خلال رفع وعي المواطن بقيمة وأهمية تراثنا الحضاري والإنساني ، وإنجازاتنا الممتدة عبر التاريخ ، والعمل على تأهيل المواقع الأثرية والتاريخية والقرى والبلدات التراثية لتكون مواردا اقتصادية لا ناضبة ومؤلا لفرص العمل للمواطنين.
وخلال هذه الفترة تم تأسيس عدد من البرامج والمراكز المتخصصة في أنشطة ومجالات السياحة والتراث الوطني وهي: مركز التراث العمراني الوطني، البرنامج الوطني للحرف والصناعات اليدوية(بارع)، البرنامج الوطني للمعارض والمؤتمرات، برنامج العناية بالمساجد التاريخية بالشراكة مع الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد.
كما تم إنشاء ثلاث جمعيات سياحية هي: (الجمعية السعودية لمرافق الإيواء السياحي، والجمعية السعودية للمرشدين السياحيين، والجمعية السعودية للسفر والسياحة)،. جمعية المعارض والمؤتمرات، وجمعية الحرف والصناعات التقليدية.
إن للجهود الكبيرة التي بذلتها الهيئة وشركائها منذ تأسيسها، لتنظيم صناعة السياحة الوطنية والتراث الحضاري والمحافظة على مخزون المملكة من التراث الوطني، دور كبير في تسهيل مواكبة الهيئة لبرنامج التحول الوطني 2020، وما يحتويه من مشاريع وبرامج تساهم بشكل كبير في دعم صناعة السياحة الوطنية، حيث كانت الهيئة في طليعة مؤسسات الدولة المهيأة والجاهزة للاندماج السريع والمرن مع رؤية المملكة 2030، وما تضمنته من مبادرات رئيسية لتطوير صناعة السياحة والتراث الحضاري لكونها أحد أهم القطاعات الاقتصادية الداعمة للناتج الوطني، وبالإضافة إلى البرامج الموازية التي تقدمها الجهات الحكومية التي وقعت معها الهيئة اتفاقيات تعاون، أقرت الدولة مؤخراً برنامجين رئيسيين لتمويل مشاريع السياحة والتراث الوطني ضمن مبادرات التحول الوطني 2020، وهما: مبادرة إقراض المشاريع السياحية والفندقية مع وزارة المالية بمبلغ 2.7 مليار ريال , ومبادرة ضمان التمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة مع برنامج كفالة بمبلغ 270 مليون ريال تضخ في رأس مال البرنامج وينتج عنها تمويل يصل إلى 1.5 مليار ريال.