(مكة) – مكة المكرمة
امتاز المسجد الحرام على مر العصور بحلق العلم المنتشرة بين أروقته حتى أصبح جامعة علمية تحتضن المقرئين والعُلماء والمحدثين والفقهاء واللغويين فكان من الطبيعي أن يكون للمخطوطات والكتب في المسجد الحرام حضور ملموس, ففي عام 160هـ أمر الخليفة العباسي محمد المهدي ببناء قبة في المسجد الحرام لحفظ المصاحف والمخطوطات والكتب العلمية وبها انطلقت نواة أقدم المكتبات في العالم الإسلامي, واستمرت بعطائها وعلى حالها في إثراء الساحة الثقافية بمكة المكرمة إلى أن أمَر السلطان العثماني عبدالمجيد الأول في عام 1262هـ بإصلاح القبة وتحويلها إلى مكتبة لتجمع كافة الكتب الموجودة بالمسجد الحرام وتسميتها بالمكتبة المجيدة, بعد ذلك انتقلت إلى بناية دار الحديث بجوار باب الدريبة وكانت تحتوي على (9000) كتاب باللغة العربية والفارسية والتركية, وفي عام 1357هـ أشرق النور وحل عصر البناء والتطوير فأمر الملك عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – بتسميتها باسمها الحالي (مكتبة الحرم المكي الشريف) وتشكيل مجلس إدارة لها يضم أبرز الشخصيات العلمية المكيّة بإشراف مديرية المعارف العامة, ثم تغير مقرها إلى عمائر الأشراف بأجياد, ثم إلى عمارة مشروع الحرم بجوار الصفا, ثم إلى عمارة الشيخ عبدالله السليمان في حي التيسير, ثم إلى جوار الحرم المكي مقابل باب الملك عبدالعزيز, ثم إلى شارع المنصور, ثم إلى العزيزية وبانتظار اكتمال مشروع التوسعة السعودية الثالثة لتعود إلى أحضان الحرم المكي في مقرها الجديد, ومن ذلك الحين وصولاً إلى العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – والمكتبة تشهد تطوراً ملحوظاً ودعماً منقطع النظير في كافة الإمكانات من كوادر بشرية والآت مما جعلها مكتبة متكاملة من جميع النواحي, تحت إشراف الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي.
وأوضح سعادة مدير مكتبة الحرم المكي الشريف الدكتور وليد باصمد أنه بفضل الله ثم بدعم وتوجيهات ولاة أمرنا الميامين – حفظهم الله – وبإشراف من معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس أصبحت المكتبة حاضنة لمختلف العلوم والمعرفة ومقصد يتجه له الباحثين والمطلعين لينهلوا من خيراتها.
مبيناً سعادته بأن المكتبة تضم أقساماً متعددة يتم من خلالها تقديم أرقى الخدمات لقاصديها من باحثين ومطالعين وزوّار. مشيراً إلى أن أقسامها هي: قسم الخدمة المكتبية ويحتوي على صالة اطلاع, فيها أكثر من (100ألف مجلد) في مختلف فروع العلم وصنوف المعرفة.
أولها: قسم المخطوطات والذي يقوم بدوره على اختيار المخطوطات لاقتنائها عن طريق الشراء أو التبادل مع الأفراد أو المؤسسات العلمية. قسم الدوريات ويقوم على تنظيم الدوريات وعرضها والبحث عن المطبوعات بمختلف أنواعها لاقتنائها ويحتوي هذا القسم على ثروة من المطبوعات الدورية من مجلات وصحف محلية وعربية قديمة وحديثة.
واستكمل: وقسم التزويد ويتولى مهمة مد المكتبة بجديد الإصدارات. قسم التصوير ويقوم بمهمة تصوير المخطوطات والصحف القديمة على أجهزة مخصصة للقراءة الفلمية لتمكين الباحث والمطلع من مشاهدتها. قسم الإهداء والتبادل ومن خلال هذا القسم يتم تبادل الكتب مع الأشخاص والمؤسسات العلمية وذلك بتجهيز النسخ المكررة للتبادل والإهداء. قسم الفهرسة والتصنيف وتتم في هذا القسم عملية التحليل والوصف الببلوغرافي لجميع الكتب الموجودة بالمكتبة ووضع بطاقة ورقية لتمكن الزوار من حصر العناوين المتاحة وتعينهم على آلية البحث بالمكتبة. قسم التجليد والتعقيم والترميم حيث يتولى العناية بالمخطوطات والكتب القديمة التي تحتاج إلى العناية الخاصة والترميم. قسم العلاقات العامة والإعلام ويعنى هذا القسم بتنسيق الزيارات الخاصة للمكتبة واستقبال الوفود وإعداد صياغة أخبار المكتبة والتواصل مع وسائل الإعلام المختلفة فيما يتعلق بالمكتبة.
واستطرد الدكتور وليد بأن المكتبة قد هيأت جناح باسم جناح الحرمين الشريفين يضم نماذج من صور عتيقة وحديثة وخرائط وأبحاث ودراسات متعلقة بالحرمين الشريفين وكذلك بعضاً من الكتب والمخطوطات النادرة.
وذكر بأن القسم النسائي قسم خاص بالنساء يقوم على إدارته طاقم نسائي كامل من المتخصصات ليسهلن على الباحثات الوصول إلى العناوين المطلوبة.
واختتم مدير مكتبة الحرم المكي الشريف الدكتور وليد باصمد تصريحه بأن ذلك يأتي وفقاً لتطلعات القيادة الرشيدة – حفظها الله – لتقديم أرقى الخدمات للحرمين الشريفين ولقاصديهما داعياً المولى عز وجل أن يجعل ذلك في موازين حسناتهم إنه سميع مجيب.