(مكة) – الرياض
افتتح معالي وزير المالية الأستاذ محمد بن عبدالله الجدعان، اليوم، الدورة الـ 12 لمؤتمر “يوروموني السعودية 2017″، والمعرض المصاحب، الذي تنظمه مؤسسة (يوروموني العالمية) بالتعاون مع وزارة المالية، بحضور مسؤولين حكوميين وخبراء دوليين، ومصرفيين، ومسؤولي القطاع المالي على مستوى المملكة، والصعيد العالمي، وذلك بفندق الفيصلية بمدينة الرياض.
ويبحث المؤتمر عدة موضوعات استراتيجية مهمة، تتعلق بالمشروعات المنسجمة مع رؤية المملكة 2030، والآفاق الاقتصادية للعام 2017م، كما يشهد جلسات خاصة حول برنامج إصدار السندات في المملكة، وآفاق القطاع النفطي، وحلقات نقاشية حول خطط الخصخصة، والاكتتابات العامة، ويستضيف المؤتمر جلسة حوارية خاصة حول التقنيات المالية، والأمن (السيبراني)، وهو الأمن المعني بمجموعة الوسائل التقنية والإدارية، التي يتم استخدامها لمنع الاستخدام غير المصرح به.
وفي بداية برنامج المؤتمر افتتح معالي وزير المالية المعرض المصاحب له، حيث تجول وأصحاب المعالي والضيوف المشاركين في أروقة المعرض وخلال منصات وأجنحة الجهات المشاركة من القطاعين العام والخاص، واستمع إلى شرح عن محتويات عدد من المنصات والأجنحة المعروضة، من أبرزها جناح وزارة المالية، الذي يتكون من وحدة السياسة المالية الكلية، ومكتب إدارة الدين العام، ومبادرات الوزارة ضمن برامج التحول الوطني.
بعد ذلك بدئ الحفل الخطابي المقام لهذه المناسبة بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، ثم ألقى معالي وزير المالية كلمة رحب فيها بالحضور والمشاركين من داخل المملكة وخارجها، مثمناً جهود القائمين على تنظيم هذا المؤتمر المهم منذ تاريخ انطلاقه بالتعاون مع وزارة المالية في العام 2005م.
وتطرق معاليه إلى أداء الاقتصاد العالمي الذي يشهد تحسناً ملحوظاً – رغم التحديات الراهنة – نتيجة استمرار تعافي أداء الاقتصاد الأمريكي، وقيام الصين بتبني سياسات اقتصادية توسعية للحد من تباطؤ النشاط الاقتصادي.
وتناول معاليه واقع الاقتصاد السعودي؛ مؤكداً متانة المركز المالي للمملكة في ظل ارتفاع حجم الاحتياطات المالية، وتضاعف الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات العشر الماضية، حيث يمثل حوالي (50 %) من اقتصاد دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ويشكل ثالث أكبر احتياطي للعملة في العالم.
وتحدث معاليه عن مستوى الدين العام، وعده الأقل من بين دول مجموعة العشرين وقال :” إن هذا من شأنه أن يُسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي، والحد من الآثار السلبية الناتجة من انخفاض أسعار النفط، وأن السياسات النقدية التي تتبعها المملكة أسهمت في تعزيز الاستقرار النقدي والمالي.
وأوضح معاليه أن المملكة تشهد اليوم نقلة نوعية غير مسبوقة، تعزز من متانة اقتصادها، حيث قامت وزارة المالية بإنشاء وحدة مختصة بالسياسات المالية الاقتصادية، تهدف إلى حوكمة سياسات الوزارة المالية والاقتصادية، وإنشاء مكتب للدين العام يُعنى بإدارة الدين العام للمملكة.
وبين أن مكتب الدين العام حقق اهتماماً كبيراً من قبل المستثمرين لأول إصدار دولي في برنامج الصكوك السعودية الدولية، حيث تجاوز المجموع الكلي لطلبات الاكتتاب لهذه الصكوك مبلغاً قدره 33 مليار دولار أمريكي، أي ما يعادل 123,75 مليار ريال سعودي، وكان الحجم الإجمالي للإصدارات 9 مليارات دولار أمريكي ما يعادل 33,75 مليار ريال سعودي، ما يؤكد الثقة في اقتصادنا ومساره المستقبلي.
وحول الاصلاحات الاقتصادية التي قامت بها حكومة المملكة؛ لفت معالي وزير المالية إلى أنه تم إجراء إصلاحات مالية واقتصادية هيكلية للتنويع الاقتصادي، مع التركيز على رفع كفاءة الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي، فضلاً عن قيام الحكومة بوضع برنامج وطني باسم “حساب المواطن” يهدف للحد من الآثار المحتملة جراء تطبيق تلك الإصلاحات الاقتصادية على تكاليف المعيشة والقوة الشرائية، خصوصاً للأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
وأشار الأستاذ الجدعان إلى أن الحكومة تبنت أكثر من 150 مبادرة لرفع كفاءة الإنفاق التشغيلي والرأسمالي في جهات حكومية مختلفة، مفيدً أن البرامج العشرة التي أعلنتها الحكومة تأتي استكمالاً لبرنامجي التحول الوطني والتوازن المالي، حيث تركز السياسات المالية بالمملكة على تنويع مصادر تمويل المالية العامة، وتحقيق أعلى مستويات الشفافية وأفضل الممارسات في إعداد وتنفيذ الميزانية، مع مراعاة الآثار الاقتصادية المحتملة جراء ضبط أوضاع المالية العامة، لاسيما على مستوى التوظيف ومعدل التضخم ونمو الأنشطة الاقتصادية محليا، وقال لذلك فقد رصدت الحكومة ضمن ميزانية هذا العام ما يزيد عن أريعين مليار ريال للانفاق على مبادرات التحول الوطني، كما رصدت حوالي مئتين وعشرين مليار ريال إضافية للانفاق على مبادرات التحول الوطني خلال السنوات الثلاث القادمة.
وفي شأن تفعيل دور القطاع الخاص في دعم النشاط الاقتصادي وتوليد الوظائف؛ كشف معاليه عن أنه تم تحديد حزمة تحفيزية بمئتي مليار ريـال على مدى أربع سنوات تبدأ هذا العام ولأجل مشاركة القطاع الخاص في تقرير المبادرات المناسبة لحزم التحفيز عُقدت سلسلة من ورش العمل مع ممثلين عن القطاع، ستنتهي في غضون ستة أسابيع، وسوف يتم الإعلان عن نتائجها بحلول نهاية الربع الثاني.
وأكد أن السياسات الحكومية ستركز على إصدار التشريعات الهادفة إلى تعزيز نمو القطاع الخاص، ودعم تنمية المحتوى الوطني، وتوفير المزيد من الفرص الاستثمارية لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، ورفع كفاءة سوق العمل وزيادة الوظائف.
وأشار الجدعان إلى أن الدولة ممثلةً بوزارة المالية تولي اهتماماً خاصاً في مشروع توحيد وتسهيل إجراءات المنافسات والمشتريات الحكومية عبر بوابة إلكترونية متكاملة وهي بوابة “منافسات”؛ لتكون نموذجاً وطنياً وفق أفضل الممارسات العالمية يحقق الريادة والتنافسية عبر دعم مبدأ الشفافية بين الجهات الحكومية والموردين.
وأكد معالي وزير المالية أن الوزارة أعدت آلية تسديد مستحقات القطاع الخاص بحيث لا يتجاوز 60 يوماً من وصول أوامر الدفع للوزارة مستكملة الإجراءات من الجهة المستفيدة، وأنه تم تفعيل ذلك والالتزام به منذ بداية العام الجاري، وكشف أن (90 %) من المدفوعات تتم الآن في غضون 30 يوماً.
وبين أنه سعياً لتطوير إطار متكامل للميزانية العامة وتعزيز مستوى الشفافية والمراقبة المالية؛ فستقوم الوزارة بالتنسيق مع الوزارات والأجهزة الحكومية المختلفة لجمع المعلومات عن الظروف الحالية للاقتصاد الكلي، حيث تم البدء في إعداد تفاصيل الميزانية للعام القادم مع الجهات وفقاً للسقوف المعتمدة من بداية السنة المالية الحالية.
وكشف معاليه عن أن الوزارة بصدد إعلان التقرير الربعي للميزانية العامة للدولة للربع الأول من العام الجاري خلال أيام لهدف تعزيز الشفافية والإفصاح المالي.
عقب ذلك؛ جرت جلسة نقاش مع معالي الأستاذ محمد الجدعان من قبل كريستوفر غارنيت أحد المستشارين الدوليين لمؤسسة “يوروموني العالمية”؛ تناولت موضوعات محورية كمسؤوليات وإجراءات وزارة المالية بعد تولي معاليه قيادتها، وكيفية التوازن الذي تقوم به الوزارة بين مساري التقشف والحاجة إلى النمو، وكذلك مسؤولية الوزارة في تعزيز الوظائف، خاصةً الوظائف الصغيرة والمتوسطة الحجم في القطاع الخاص، إلى جانب إصدار الديون السيادية السعودية.