المحلية

الحذيفي في خطبة الجمعة : إن أعظم أمراض القلوب هي الغفلة

(مكة) – المدينة المنورة

أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف فضيلة الشيخ الدكتور علي بن عبدالرحمن الحذيفي في خطبة الجمعة اليوم بتقوى الله بفعل كل عمل يرضاه ، والبعد عن كل عمل يبغضه الله سبحانه وتعالى ويأباه ، فتقوى الله سعادة الدنيا والفوز بجنة الخلد في الأخرى .

وذكر فضيلته : أن أعظم أمراض القلوب هي الغفلة ، فالغفلة المستحكمة هي التي شقى بها الكفار والمنافقون وهي التي أوجبت لهم الخلود في النار قال الله تعالى :  (مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ *أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ).

وقد تكون الغفلة من المسلم عن بعض أعمال الخير وعن الأخذ بأسباب المنافع والنجاة من الشرور فيفوته من ثواب الخيرات بقدر ما أصابه من الغفلة ويعاقب بالمكروهات والشر بقدر غفلته بترك أسباب النجاة قال الله تعالى : (وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا ۖ وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) وقال صلى الله عليه وسلم عن ربه تعالى : (اُدخلوا الجنَّة بِفَضلي، واقْتَسِموها بِأعمالكم ) .

وقال تعالى في عقوبة الغفلة عن الأخذ بأسباب النجاة : (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَـٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّـهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‌ ) .

وقال تعالى : (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ) والعفو هنا للمسلم وليس للكافر لأن الكافر لا يعفى ذنبه إلا بالتوبة .

وتابع فضيلته : الغفلة هي عدم إرادة الخير قصداً وعدم محبته مع خلو القلب من العلم النافع والعمل الصالح وهذه هي الغفلة التامة ، وبالغفلة عن عقوبات الظلم يكثر الظلم في الأرض فيسفك الدم ويؤخذ مال الغير ويعتدى على الأعراض ويصير العمران خرابا ويهلك الحرث والنسل وينتشر الخوف ثم تنزل العقوبة بالظالم كما قال النبي صبى الله عليه وسلم (إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ وقرأ الأية وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ).

فالغفلة مفتاح شرور ويحرم بها المسلم من كثير من الأجور وما يدخل النقص على المسلم .

وفي الخطبة الثانية ذكر فضيلته : أن من أعظم ما ينقذ المسلم من الغفلة وآثارها الضارة ذكر الموت وما بعده فهو واعظ بليغ مشاهد مسموع يقين طعمه قريب لقؤه واقع أمره عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  ( أَكْثِرُوا ذِكْرَ هادم اللَّذَّاتِ يَعْنِي الْمَوْتِ). ومن أكثر ذكر الموت صلح قلبه وزكا عمله وسلم من الغفلة وعند الموت يفرح المؤمن ويندم الفاجر ويتمنى الرجعة وهيهات أن يستجاب له قال تعالى : (حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) .وعمر الإنسان ما مضى في الطاعات وما مضى في المعاصي فهو خسارة عمره .

واختتم فضيلته الخطبة بالصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين  ودعا فضيلته أن يصلح الله أحوال  المسلمين ويقوي عزائم المستضعفين  في كل مكان  وأن وينصرهم بنصره، ويتقبّل شهداءهم، ويشفي مرضاهم، ويجبر كسيرهم، ويحفظهم في أهليهم وأموالهم وذرياتهم ،  اللهم فرج كربهم وارفع ضرهم وتولى أمرهم وعجل فرجهم واجمع كلمتهم يا رب العالمين ، اللهم وفق خادم الحرمين الشريفين واحفظ ولاة أمور المسلمين  وأعز بهم الدين  ووفقهم لما فيه خير للإسلام والمسلمين ، ولما فيه صلاح البلاد والعباد يا رب العالمين الله هم تُب علينا إنك أنت التواب  الرحيم واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى