في رحلتي مع القلم ، واجهتني أسئلة كثيرة ، كيف تكتب ، وفي أي وقت تكتب ، وكم من الوقت تستغرق في كتابة المقال ، وهكذا تتابع الأسئلة ، ولكن السؤال الذي اثر فيني كثيرا , وكأنه أيقظني من سباتي ، كان لإحدى القارئات التي سألتني : لماذا تكتب ..! سبحان الله كان سؤالها صفعة ناعمة تضرب في أعماقي فقلت لها هذه الإجابة ( اكتب لأفيد الناس وفق هذا المشترك الكوني ، ولأنفس عن نفسي ، وأحقق موهبتي واضع بصمتي ) وأثار في هذا السؤال ذكرى قديمة وهي أني أعرف اسأل وربما لا اعرف الإجابة خصوصا فيما يتعلق بنفسي .
وبخصوص الكتابة أجدها عالما وسعا ، هي من السهل الممتنع ، فربما رأى احدهم مقالا فقال هذا سهل واستطيع أن اكتب مثله عشرات الصفحات ولكنه لا يستطيع أن يتجاوز سطرين فقط لأنه لا يمتلك الموهبة وأيضا لا يمتلك الدافع ، فالكتابة عملية تدور حول الموهبة أولا ثم تنتقل إلى القراءة ثانيا فمن لا يقرأ لن يكتب واقصد هنا القراءة بمعناها الشامل وخصوصا إننا اليوم في عالم التقنية ، فربما تقرأ كتاب أو تستمع لكتاب آخر وأنت في سيارتك أو تشاهد فيلما وثائقيا وهكذا هذه كلها أبواب قراءة ، فهي تضيف لك المعلومة وتغذيك بالكلمات التي هي لب المقال أو الخاطرة ، وتعطيك التصاوير الجمالية التي تجعل الخاطرة خصوصا أكثر جمالا ، وتكون كلماتها أكثر تأثيرا ، وتضرب في أعماق الوجدان وكما يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إن من البيان لسحرا ) . ثم في كتابة المقالات يعزز الإنسان نفسه بحضور دورة فن كتابة المقال أو ما شابه ذلك ، ويقرأ لمجموعة من الكتاب المتألقين ، ويواكب الأحداث ليكتب مقالاته إن أراد أن تكون مقالاته تحليلية أو صحفية . ومن المهم هنا أن يضع الكاتب لنفسه هدفا من الكتابة يعني مثلا يقول : أنا كتاباتي تطويرية أو ثقافية أو سياسية ، وهكذا يضع لنفسه خطا ، لكي لا يجد نفسه بعد ذلك في ما يسمى بمرحلة ما يطلبه المستمعون أو يجرفه التيار يوم هنا ويوما هنالك ومن لم يجعل له خطة سيكون ضمن خطة الآخرين . وأخيرا عليه أن يتقبل النقد البناء ، ولا يعيقه النقد الهدام ، لأنه واثقا من نفسه ، عارفا طريقه ، قد حدد أهدافه ، وفهم مقاصده ، وثبت قدميه على الطريق ، وبداية النجاح خطوة في ألف ميل ، سهلة وميسرة بإذن الله وتوفيقه
حكمة المقال
الكتابة لا تاتي بين عشية وضحاها فلابد لها من القراءة الدائمة والكتابة المستمرة والنقد المتواصل حتى تصقل الموهبة ويصبح القلم اكثر رشاقة .
حمد عبد العزيز الكنتي