(كل متوقع آت) .. مقولة تلخص عبقرية فكر رابع الخلفاء الراشدين حيث تضع لك منطقا تؤسس على حيثياته نظرتك للدنيا و تناولك لمعطيات الحياة . . مع الأخذ في الاعتبار شعرة معاوية التي تفصل بين معنى التسليم لقضاء الله لما نحن مسيرون فيه و معنى الاختيار لكل ما جعله الله مقصودا وفق سعيك و ميولك. . هناك ذلك التصور الذي يعنى بضرورة التفاؤل و التوقع الحسن حتى يبدو الأمر وكأنه صورة تكتمل حسب الخط الأخير الذي ترسمه ريشتك
فاختر مستقبلك وفقا لتوقعاتك .. و كيف يمكنك ذلك .. ب(حسن اختيار المعية )..
معية من ؟ معية الرضا عن الخالق فتوهب رضاه عنك كمخلوق .. معية اكتساب التفاؤل و الاستبشار بدلا من التطير و التشاؤم .. معية الفكر الإيجابي البناء بدلا من الفكر السلبي الهدام .. المعية امر هام جدا يحدد مدى نجاحك في حياتك و تحقيقك لأهدافك..
في ذلك الغار المهيب و تلك اللحظات المترقبة و قلبان هما الأعظم بين قلوب البشر يخفقان بحب الله و نصرة دعوته، قالها خير رجال البشرية الصادق الأمين (لاتحزن إن الله معنا) تلك المعية بالنصر و التأييد و السكينة التي أنزلها المولى على قلب أبي بكر كما قال بعض المفسرين كون الرسول السكينة لم تزل معه و لم تفارقه فاكتملت السكينة لديهما معا .. أعظم صديقين في تاريخ البشرية اختارا معية الله فكان الله معهم فاطمأنوا .. إنه (حسن اختيار المعية )
و ذلك الرسول المطارد الذي تقدم قومه هاربا من بطش فرعون و يئس القوم حين وجدوا أمامهم البحر و خلفهم الطاغية فصاحوا إنا لمدركون وهنا جاء الجواب الذي يحدد كلمة الفصل (كلا إن معي ربي سيهدين) .. تأكيد برفض الخذلان و الهزيمة والهلاك .. يتبعها تبرير ذاك الإصرار القاطع بالرفض حيث أن موسى في معية الله ، تلك المعية التي ستهبه أدوات الرشد و كنوز الهداية و الإرشاد .. تلك المعية التي انقذته و قومه فصار البحر يبسا في معجزة لم و لن تتكرر ..
إنه ( حسن اختيار المعية )..
و ذاك الذي استحكمت عليه حلقات الضائقة و كل من ضاقت عليه أرضه بما رحبت و ضاقت عليه نفسه … هناك معية الاقتران بين العسر و اليسر .. حقيقة قررها القرآن في قوله تعالى (إن مع العسر يسرا) و يأتي اليسر بمعية تسبقها بأن يلتزم المكروب الصبر و الدعاء و الرجاء و التوكل والأخذ بالأسباب .. معية خماسية إن أحسن المعسور تبنيها جاءه اليسر سريعا و من حيث لايحتسب ..
فقط (احسن اختيار معيتك) بدلا من الحزن و اليأس و الجزع و الإضرار و اللجوء لغير الله ..
حتى في الزواج و نجاحه الأمر منوط باختيار معيتك بتوفيق الله في هذه الشراكة .. حتى في الصداقة و المودة تحرى اختيار الصديق الصدوق الذي يكون معك في كل حال من شدة و رخاء ..
حتى ذاتك التي بين جنبيك عليك أن تختار معيتها فتصادقها و قد تأنس بها و قد تعيش عمرك مجافيا لها و مخالفا .. و هنا يكون في معيتك عدو يؤذيك بين جنبيك و لا تجد منه فرارا . .
في قبرك معية أيضا .. اختر بين ظلمة و عذاب و نور و سرور و أنس .. اختر معيتك من هذه الدار .. دار الدنيا .. فعملك الصالح و حسن رجائك بالله و رحمته يحددان تلك المعية و ماهيتها ..
و لهذا فالمعية هي جنتك و نارك في كل أمر من أمور الدنيا أو الآخرة ..
أو تعلم أن هناك أمور بسيطة قد تجعلها في معيتك و تغير مسار حياتك .. مثل مصحف دائم تحمله و تقرأه … أو كتاب نافع تتصفحه.. او صديق في الله تجالسه .. أو حلوى متناثرة في حقيبتك تسعد بها طفلا و بالغا.. أو كلمة طيبة تخرجها فتستظل بفيئها كشجرة أصلها ثابت و فرعها في السماء ..
أفلا أخصك بمعرفة أجمل معية ؟!
ابتسم … فالابتسامة معك و لك و بك ومنك وإليك جمال لا ينقطع و لا ينفد ..
وهج :
قال حظي معي اليوم يكفيني ..
قلت و ما حظك !
ربما تبلى
و حظك لا يفيد ..
قال مالي جاوز الحد يحميني. .
قلت : ما مالك !
قد يخلد المال
و أضحيت الفقيد ..
قال جاهي وشاني يمنحني
و يعطيني ..
قلت و ما جاهك !
اذا ما انتهى جسد
إلى قبر وحيد ..
قال صحبتي عن الأحباب تغنيني..
قلت ما أكثر الأصحاب
في عز و في أنس
و في الضر شريد ..
بل قل إن معي ربي سبهديني. .
تملك الدنيا و ترضى
و تولد من جديد ..
د. فاطمة عاشور
اسأل الله عز وجل لك التوفيق والنجاح
كم هو ممتع القراءة لمصطلحات لها من المعاني الكثير الكثير
اسأل الله ان يحشرنا الله ونكون ( في معية ) نبينا وحبيبنا وقرة اعيننا
سيدنا محمد صلي الله علية وسلم وعلي أهل بيته الطيبين الطاهرين ومعنا معه برحمتك يا ارحم الوحمين