#لُجة_الأيقونات
منطق الطير: “بواسطة إطلاق وميض الضوء لدينا، نحن نقدم للآخرين فرصة للقيام بنفس الأمر” – نيلسون مانديلا
لا يختلف عاقلان ذوا إحساس على أن بوصلة العرب باتت مترنحة ذات اليمين وذات الشمال، فالعربي الذي كان يحمل هم فلسطين وقضيتها، ولا يمل في كل مناسبة من أن يعيد على مسامعك وبذات الحماسة والصدق قصة أولى القبلتين وثالث الحرمين وحدود “من النهر إلى البحر”، مترقبًا أن يؤذِّنَ مُؤذِّنًا اللحظة المواتية ليُيمّم وجهه شطر التحرير، قد بات مفتونًا بقضاياه الداخلية، متعثرًا في شراك الخلافات البينية، منشغلاً بصراعات الهامش عن صراع المركز والوجود.
العربي الذي يؤمن بأضعف الإيمان يجد في قلبه غلاظة وهو يتابع عبر شبكات التواصل الاجتماعي وقنوات الإعلام الجديد أخبار عشرات الأسرى الفلسطينيين الذي يخوضون معركة الكرامة، وصبر الأمعاء الخاوية من الذل، فيتبلد أمام صمودهم، ويشيح بضميره خجلاً من العجز الذي وصل إليه، وفي أحسن الأحوال يتكئ على عمل “بطوليّ” فيغير صورة صفحته الشخصية إلى منشور غاضب! أو يلبسها وشاح الصمود ووسم (#هاشتاق) الحرية!، معتقدًا أنه بذلك أدى الرسالة وأنزل السكينة على ما تبقى من ضمير!!.
إن تلك الرسائل التي تصلنا من داخل أقبية الزنازين لأحرار الأمة في فلسطين المحتلة لا تستصرخ سباتنا من أجلهم، فهم قد باتوا يقدرون هزيمتنا الذاتية، ويعذرون المآل الذي وصلنا إليه، ويقرون بعجزنا عن فعل أي تحرك فعلي لنصرتهم والتخفيف من آلامهم، وكف غطرسة المحتل وظلم ذوي القربى!، ولكن حسبهم أن تلك الصرخات قد توقظ الهمم الفاترة، وتحيي النفوس المحبطة، وتعضد ما تبقى من أرواح متقدة، لتعيد بوصلة التيه العربي لذاته المشعة بنور المعرفة والأخوة والسماحة والمحبة.
لا شك أن الغالبية مقصرة في حق أبطال أمتنا الحقيقيين -في زمن كثر فيه الأبطال الوهميون-، وقد تضيق السبل في نصرتهم، وتعجز الأفعال عن دعمهم، وتتألم الأرواح التواقة لتصافح عزتهم؛ غير أن ذلك كله يدفع للتفكير الجاد في تخطي الضعف الآني، والبناء على منجزاتهم البسيطة لتجاوز حالة الخذلان العام، وأن لا نركن بأي حال من الأحوال إلى اليأس، أو نُسلم للهوان، وننسى أن كرامتنا من كرامتهم، وصمودنا من صمودهم، والأهم من كل ذلك أنهم آخر القلاع التي تحمينا من الاندثار.
خبر الهدهد: إجازة
عبدالحق الطيب حقي