لُجة الأيقونات
منطق الطير: “أجمل ما في الإجازة ليس أن تريح نفسك، بل أن ترى الآخرين يعملون ! ” – كينيث جراهام
تبدأ الدراسة في معظم دولنا العربية بوضع أوزارها، ومعها يبدأ الآباء والأمهات قلق الهاجس من الأجهزة الذكية وشِباك الشبكة العنكبوتية، فلا حجة مقنعة غير الدراسة والتفوق والنجاح لكبح جماح تلك الرغبة والشوق لعوالم السحر والخيال، وذلك الإبحار الممتع بين ملايين الألعاب وآلاف المواقع وعشرات التطبيقات التواصلية التفاعلية، لتبدأ مرحلة الشد والجذب بين جيلين متقاربين في العمر ولكنهما متباعدين جدًا من حيث الاهتمامات والرؤية للأشياء، ومنظومة الخطأ والصواب.
بين لهيب الوعود المؤجلة بالسماح بتحقيق الرغبات بعد الامتحانات وعلى رأسها السماح باستعمال تلك الأجهزة وقتًا كافيًا، ولهيب تلك الأجهزة ذهنيًا واجتماعيًا وصحيًا يقف غالبية الأهل بين موقف التخاذل بالتخلي عن واجباتهم التوعوية والانغماس مع أولادهم في تلك العوالم مرتكنين إلى الوفاء بوعودهم وإمتاع صغارهم في إجازة طويلة، وبين التشدد في المنع والرفض دون نقاش أو اتفاق، محتجين بأن الأمانة تقتضي ذلك الحزم، مع توفير خيارات متعددة لا يبدوا أنها باتت ممتعةً لهذا الجيل.
قلةٌ من العائلات تستطيع التوفيق في استعمال هذه الأجهزة، والموازنة بين إيجابياتها وسلبياتها، من خلال فتح نقاش جدي مع أبنائها، انطلاقًا من وعيها بقدرة الأبناء على الفهم والتخطيط -حتى أولائك الصغار سنًا-، وحرصًا على إشراكهم في تحمل المسؤولية، ما يولد قناعة لدى هؤلاء الأبناء تتجاوز الامتثال والشأن العائلي، بحيث تشعرهم تلك الخطوة البسيطة في ظاهرها، العميقة في بنائها، بأهميتهم وقدرتهم على استيعاب المتغيرات، والولوج بثقة إلى عوالم المستقبل.
إن الحرص على أبنائنا يجب أن يتجاوز مرحلة الخوف على بنائهم الذهني وسلامتهم الصحية وتصرفاتهم السلوكية، إلى ما هو أهم: بناء الشخصية، ولن يتأتى ذلك إلاَّ من خلال الوعي بتفوقهم وتجاوزهم لنا، لذا لا يمكن خداع أنفسنا والتوهم بإمكانية الضحك عليهم، وتمرير رغباتنا وتصوراتنا بديلاً عن رغباتهم وتصوراتهم، بالترهيب تارةً والترغيب أخرى، وبتسويق الأفكار الساذجة والأخبار الكاذبة، وإنما بفتح حوارات شفافة ونقاشات جادة يمكننا من خلالها فهمهم واستيعاب منطقهم، قبل الاهتمام بفهمهم لنا والتكيف مع منطقنا.
خبر الهدهد: أزالك!!
عبد الحق الطيب هقي