قريب لي كان يرغب في الزواج وكانت رغبته في بنات الأكابر وبعد زواجه منها بأيام عاش معها النكد بأنواعه وانتهت القصة بالطلاق..
صديق لي يحب السيارات الفاخرة ويتغنى بها وبقيمتها عنده..وحين امتلك إحداها بعد جهد جهيد رأيته يظهر ندما لتكاليف صيانتها والعناية بها التي لا يطيقها..وانتهت ببيعها والتخلص منها..
جار لي أحاط منزله بأنواع الأشجار الضخمة طلبا للظل الذي يحميه من شمس الصيف..ورعاها سنوات وهو يؤكد ضرورتها..لأتفاجأ به وقد اقتلعها جميعا لأن مشكلاتها لا تحصى..
شاب طموح كان يبحث عن عمل في جهات يراها فردوس الحياة..فلما حصل على الفرصة معهم لم تمض أيام حتى صار يندم على اليوم الذي وقع فيه معهم..وأخذ يبحث عن مواقع أخرى كان لا يقبل التفكير بها من قبل..
كل واحد منهم اليوم أراه في موقف معاكس تماما لما كان عليه قبل تنفيذ رغباته..
وأمثالهم كثيرون جدا في مواقف أخرى مختلفة بعدد شعر الرأس أو يزيد..
تساءلت حينها..
أين المشكلة؟!!!!!!!..
باختصار..
الحياة السعيدة هي نتاج قرارات صحيحة..
وللأسف فإننا ندفع الثمن بما نعيشه في مشكلاتنا وويلاتنا في كافة المستويات بسبب سوء القرارات التي نتخذها..
كم نحتاج إلى أن نتعلم كيف الوصول إلى قراراتنا الصحيحة في كل موقف..
وهذه أم المشاكل والمصائب..
أم المشاكل ألا نعرف قيمة القرار وخطره على كل شيء في حياتنا إلا حين تنهكنا أخطاؤنا الغبية..
ألسنا في نشأتنا نتربى في بيئات يتوفر فيها دلع زائد يمكّننا من كل رغباتنا..وإذا تأخر المطلوب فيكفينا صرختان ودمعتان وربما كذبتان حتى يصبح المفقود حاضرا..ونبقى كذلك حتى إذا نشأنا كبارا مارسنا قرارات الرغبات وليس قرارات الصواب..
أو قد نكون في نشأتنا عانينا من العكس تماما حيث لا نعرف الدلع..بل إهمال شديد لرغباتنا أيا كانت صائبة أم خاطئة..وتسيطر اللوعة على كل مفقود لا نملك معه غير الحسرات..حتى إذا أصبحنا في مرحلة اتخاذ قراراتنا باستقلالية انتقمنا لرغباتنا المحرومة بأشد القرارات التي نمضي أعمارنا ونحن نعض على سبابة النادمين..
في المدرسة الواقع أسوأ..
فليس لنا أي دور في القرارات سوى التنفيذ..
نتعلم فيها أن الكبار الراشدون هم من يفهم مصلحتنا فلا حاجة لأن نتعب عقولنا بالتفكير..
والويل والثبور لطالب ينتقد..فالجواب حاضر مباشرة:
(ما بقى إلا البزارين والأطفال يعلمونا الصح)..
وفي العمل يبقى المدير هو صاحب القرار من بداية التفكير به حتى ينتهي باعتماده..ويبقى الموظفون محل التنفيذ..ولذلك كان اسم من يعمل (موظف) فهو يعطي دلالة على الخضوع والطاعة والغباء..
وحتى عندما شاركنا العالم المتقدم في التطور غيرنا الاسم من شؤون الموظفين إلى الموارد البشرية ولكن الموظف بقي اسمه (موظف)..
حتى المسجد يتحكم به الإمام ومؤذنه في كل شؤونه من إقامة وصلاة ونظافة وتكييف وإضاءة وغيرها من أمور المسجد..ولا يبقى لأهله من أدوار مهمة إلا في المصالحة بينهما حال الخلاف..
كل ما أريد قوله..
فقط هي دعوة لنتعلم عند اتخاذنا قرارات النجاح :
كيف نبحث عن البيانات اللازمة والمهمة فقط التي نحتاجها لاتخاذ القرار..
كيف نتعامل مع حجم البيانات التي توفرت لنا لنوظفها في الوصول لمعلومات تكشف بجلاء معرفة الخيارات المتاحة لنا..
كيف نرتب هذه الخيارات بطريقة صحيحة لتساعدنا على اكتشاف القرار الأفضل لنا..
كيف ندعم قرارنا بتهيئة البيئة التي تساعده على النجاح..
كيف نصمد أمام التحديات التي تواجهنا في طريق نجاحنا..لأن الحياة تعلمنا أن النجاح له ثمن ندفعه قبل أن نحققه..بل أثمان كثيرة..
حينها لن نحتاج أن تضيع أعمارنا القصيرة ونحن نعالج مشكلات قراراتنا التي تبدو كثيرا أنها قرارات غبية يتخذ بشر أذكياء..
وسلامتكم..
قد أختلف مع الأستاذ سالم الغامدي فيما ذهب إليه .. لان نتيجة الأهداف قد تكون غير مرضية حتى لو كانت القرارات صائبة من وجهة نظر متخذها .. فيجب أن ندرك أن الأمور متعلقة بتوفيق الله واختياره لعباده ، فكل إنسان ميسّر لنا خلق له .
مع خالص تحياتي للكاتب ،،
النضج الوظيفي هو حصاد الخبرة، والوعي هو حصاد تجارب الحياة..
لسان الحال يقول: يا ليت قومي يعلمون.
لا فُض فوك أبا عاصم