محمد ربيع الغامدي

صناعيات جدة

 

لا يواجه تخطيط المدن أسوأ من فوضى استخدام الأرض، لأن تلك الفوضى تعيق التوزيع المناسب لاستخدام الأرض وتربك الخدمات المقررة للمدينة باعتبارها حاضنة سكن، وفوق ذلك فإن الفوضى تدمر جمال المكان، كما يحدث في جدة، المدينة المفتوحة لكل القادمين اليها من الداخل ومن الخارج، جاءوا مثل السيل الذي لا ينذر النائمين في طريقه، ولا يترك للنابهين فرصة للتفكير، ليس لهم الا الهرب أمامه طلبا للنجاة أو البحث عن جبل يعصم من الماء.

أفرز إهمال الأمس مشكلتين، الأحياء العشوائية، والاستخدام الجائر، الأحياء العشوائية مشكلة مركبة تتضافر فيها سيئتان، رداءة التخطيط وغموض الملكية، السيئة الأولى تقتضي الازالة والاعادة، والسيئة الثانية تقف حجر عثرة في طريق الازالة والاعادة، أما الاستخدام الجائر فأبرز معالمه تلك الورش التي تقضم المكان، كما في أحياء المنار والنزهة وبني مالك والنزلة والروابي، مساحات يحتلها الحديد والصدأ وبقايا الزيت، تشوه المدينة وتنتهك الاستخدام العادل لأراضيها، وتربك طرق المواصلات التي تنوء بأحمال الغاديين والرائحين على تلك الورش.

أحسنت أمانة المدينة عندما قررت نقل تلك الورش إلى خارج جدة، وقد تمنيت لو أنها أقامت مجمعا في جنوب جدة على غرار مجمع الشمال، ولو أنها وضعت تصاميم للورش التي ستبقى في الداخل، ولو أنها تخاطب ملاك المحلات لإخلاء محلاتهم بدلا من الصُنّاع الذين لهم التفافاتهم على الاخلاء.
محمد بن ربيع الغامدي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى