المقالات

نجاح اليابان في التعليم

لقد اطلعت على العديد من التجارب العالمية والعربية التي كان لها دور وأثر فاعل على العملية التعليمية ومكوناتها,  وسوف اتحدث عن التجربة اليابانية في التعليم التي أبهرت العالم, وتفوقت على الدول التي تعد عملاقة من حيث الاقتصاد والصناعة ولها أكبر عدد من الخبراء في شتى المجالات بما فيها التعليم, وقد نقلت العديد من الدول تجربة اليابان ومحاكاتها بطريقة كلية.

إن التعليم الياباني يساعد جميع الأطفال في اليابان باكتساب نوعية عالية ومتوازنة من التعليم الأساسي في مجال القراءة والكتابة والحساب والعلوم والفنون والرسم والأخلاق.

وسوف أتناول التعليم الابتدائي في اليابان لتناسقها مع المرحلة الدراسية التي عملت بها, ولنبدأ بمدة الدراسة فيها وهي (6) ست سنوات من عمر (6 إلى12) سنة, كما أن المجتمع الياباني يحرص على دخول الأطفال المدرسة الابتدائية ؛ لأن دخولهم يعتبر خطوة كبرى في حياة الطفل, وتعد مباني مرحلة التعليم الابتدائي بسيطة, ولكن توجد بها مكتبات وغرف للفتون وحجرات مختلفة وصالات للجمباز وملاعب وأحواض للسباحة، ومعظم المدارس الابتدائية لها زي موحد.

ويهدف التعليم في هذه المرحلة إلى تزويد الأطفال بالتعليم الأساسي العام الذي يناسب خصائص نموهم الجسمية والعقلية، ونجد أن الطلبة يدرسون مواداً مختلفة تشمل اللغة اليابانية والرياضيات والعلوم والدراسات الاجتماعية والموسيقى والحِرَف الصناعية والفنون والرسم والتعاليم الجسدية والاقتصاد المنزلي, ولقد بدأ عدد كبير من المدارس الابتدائية بتعليم اللغة الإنجليزية كذلك, وأصبح استخدام تكنولوجيا المعلومات أمراً هاماً لتطوير التعليم، ومعظم المدارس لديها إمكانية استخدام شبكة الإنترنت.

وفلسفة التعليم الابتدائي في التعليم الياباني بأنه يتم النقل للصف التالي تلقائيا, ًوليس على أساس الإنجاز الدراسي, ويتم تعويد الطفل في بداية العام بعض العادات باستخدام برامج التلفزيون التعليمية, وتنفذ امتحانات تحريرية وأدائية, وتعطى واجبات منزلية روتينية, وهنا وقفة مع النظام المطبق في كثيراً من الدول بهذا الشأن فالفرق كبير بين نظام الانتقال التلقائي في اليابان وفي تلك المدارس حيث نجد طلبة اليابان على درجة من الإتقان لذلك يتم الانتقال التلقائي, ولكن على العكس في كثير من  مدارس الدول فهو ترفيع دون إتقان.

وتدور سياسة التعليم الياباني على تأكيد غرس روح التعاون, ومعرفة التقاليد المحلية والقومية, وغرس روح التفاهم العالمي, والتركيز على فهم اللغة والقدرة على استخدامها, والقدرة على فهم المواد الدراسية التي يدرسونها.

ويهتم التعليم الياباني بأسلوب التركيز على الجانب العملي التطبيقي ويستخدم أساليب التدريب والممارسة التي يتم تعويد الطفل عليها من المرحلة الابتدائية حتى المراحل العليا من التعليم، ويشيع استخدام أسلوب حل المشكلات والألعاب التعليمية، كما أن قدرة المعلمين المهنية والثقافية جعلت المدرسة مكاناً محبوباً لدى الطلبة لقدرات المعلم الإبداعية التي تتمثل في قدرته على جذب الانتباه والقدرة على استخدام التقنية بفعالية ومتابعته لطلابه داخل المدرسة وخارجها مما انعكس على مكانة المعلم واحترامه داخل المجتمع الياباني. 

تطبيقات التكنولوجيا في التعليم

وفي عام (2003م ) بلغت أعداد أجهزة الحاسب الآلي في مدارس التعليم الأساسي حوالي (24.4) حاسباً آلياً لكل مدرسة، وكانت أعداد الطلبة بالنسبة لكل جهاز حوالي ( 12.6)، ونسبة المدارس التي تم تزويدها بالاتصال بالإنترنت حوالي ( 99.4%) من مجموع المدارس.

ويعد نظام التقويم والاختبارات في المرحلة الابتدائية في التعليم الياباني مستمر طيلة العام الدراسي ولا يوجد نجاح ورسوب في هذه المرحلة.

أما المناهج الدراسية في اليابان فقد تمثلت في التالي:

o       ارتباط المناهج ومراعاته لخصائص الثقافة والمجتمع الياباني سواءً في عملياته أو إجراءاته.

o       المرونة والقابلية للقياس والاستيعاب للمفاهيم والأفكار الأجنبية وقدرة المناهج والنظام التعليمي على التكيف معها وصبغها بالصبغة اليابانية.

o       الاتجاه نحو ديمقراطية التعليم وذلك من خلال المركزية في التخطيط واللامركزية في التنفيذ وإعطاء مساحات كبيرة من المرونة في صياغة وتنظيم المناهج التعليمية.

o       اعتماد التعليم في اليابان في أساليب التدريب على الجانب العملي التطبيقي.

o       الأهداف اليابانية متجددة ويستمر مراجعتها باستمرار وتخضع للتغيير والتبديل وفق حاجات وتطلعات المجتمع .

o       يشارك أولياء الأمور بفعالية في النظام التعليمي من خلال ملاحظاتهم وآرائهم ومشاركتهم في تطوير المنهج الدراسي.

o       تلبي المناهج في اليابان احتياجات السوق الاقتصادية والتقدم التقني.

o       تقدم المناهج خيارات عديدة ومسارات متنوعة في اليابان بما يستجيب لتفاوت قدرات وخصائص الطلبة، وبما يحقق حاجات اجتماعية واقتصادية هامة.

o       الارتباط المناهج في اليابان بالبيئة المحلية من خلال الرحلات والزيارات .

o       تجري عملية تكييف مستمر للمناهج اليابانية لكي تتفق مع حاجات التنمية.

وللمعلم في اليابان مكانة اجتماعية خاصة إذ تعتبر مهنته أفضل مهنة عند اليابانيين ويشير زكي,(2006م) إلى أن التدريس في اليابان يعد دعوة ورسالة إلهية، وأنه ليس مجرد وسيلة لكسب العيش, وتعتبر المكانة الوظيفية للمعلم مرتفعة اجتماعياً واقتصادياً، مقارنة بغيره من منسوبي القطاعات الأخرى، وأن اليابان تجزل للمعلم العطاء وتمنحه راتبا مجزيا ، تبدأ عند سن معقول ثم تزداد بانتظام.

وهذا التكريم لا يناله أثناء العمل فقط وإنما يستمر معه حتى بعد التقاعد فمثلاً لو قضى عشرين سنة في التعليم وكان مدرسًا نموذجيًا فإن راتبه قد يصل الضعف ثلاث مرات عن الذي بدأ به في أول الخدمة.

ويوجد في اليابان أربعة سلالم لرواتب المعلمين تتمثل في الآتي :

الأول : لمعلمي رياض الأطفال والمدارس الابتدائية والمدارس الثانوية الدنيا, والثاني: لمعلمي المدارس الثانوية العليا, والثالث: لمعلمي كليات التقنية, والرابع: لمدرسي الجامعات والكليات المتوسطة, ويتم تحديد درجة المعلم في سلم الرواتب بناءً على تحصيله العلمي ومدة خدمته في التعليم, ونصاب المعلم من الحصص الدراسية في المرحلة الابتدائية الذي يتمثل في أن معلم واحد يقوم بتدريس جميع أو معظم المواد الدراسية للصف، ونصاب المعلم في هذه المرحلة ( 18) ساعة أسبوعياً, والمتخصص في المواد (14.4) ساعة أسبوعياً.

لقد نقلت بعض تجارب اليابان في التعليم والتي جعلتها دولة رائدة في بناء الجيل الياباني ليتعايش مع جميع التطورات في بلادهم.

عبدالله محمد الزهراني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى