عبدالله غريب

التواءات الطرق بطرق ملتوية !!

تعتبر الطرق اليوم من أهم مقومات الحياة الآمنة، ومن ركائز التنمية الشاملة كما هو التعليم والكهرباء والصحة وغيرها من الخدمات التي تؤسس للمدنية والتحضر، وعندما تفقد هذه الطرق المواصفات التي يجب أن تكون عليها؛ فإن ذلك يعني أن مخاطرها على الإنسان ستكون أكثر، وبالتالي فنحن كمواطنين مستهدفين بخدمة هذه الطرق نحتاج من مهندسي تصميمها سواء الداخلية في المناطق والمدن والمحافظات وحتى القرى والهجر أو تلك التي توصل بين المدن وبين المحافظات وبين المناطق بأن يضعوا في الحسبان ما قد يترتب على التواءات الطرق – بطرق ملتوية وكثيرة المنعطفات – من مخاطر قد تؤدي بحياة عابريها فرادى ومجموعات، وتسبب كوارث اقتصادية بسبب تلف المركبات.
وأعتقد أن كثرة مواقع تشليح السيارات تدل على أن بعض طرقنا القديمة وحتى المعدلة لم تخضع لدراسات مستفيضة من قبل مصمميها بالدرجة الأولى، ولدينا شواهد كثيرة من تلك المنعطفات الخطرة التي لم يسلم منها مرتادوها، وكنا نسمع في وقت مضى أن الشركات المنفذة تؤثرعلى مصممي الطرق من خلف الكواليس بزيادة أطوالها عن طريق كثرة المنعطفات بدلا من استقامتها وعدم الاختصار في مسار الطريق؛ مما يزيد في أطوالها بالتالي ترتفع قيمة تكلفة تنفيذها ماديًّا من خلال قيمة العقود وهذه المقولة الشائعة سواءً كانت صحيحة أو استنتاجية خرجت من وضع بعض الطرق لكثرة الالتواءات فيها كما تعبر عن سوء بعض المنعطفات التي تشكل بعضها شبه دائرة مما يصعب على قائد المركبة تفادي الخطورة وكبح السيارة خاصة في الطرق ذات المسارات المتعددة؛ إذ يعتبرها قائدو السيارات من الطرق السريعة التي يجب أن تخضع لمواصفات عالمية.
وسنخصص حديثنا عن منطقة الباحة سراة وتهامة وبادية التي أصبحت وجهة برية سياحية لسكان المملكة ودول الخليج الشقيقة، وهذا الطريق الذي يربطها بالطايف وعسير وجازان امتدادًا إلى اليمن طريقًا دوليًّا يحمل اسم المؤسس الملك عبد العزيز – يرحمه الله- حيث يشهد حركة سير كبيرة طوال العام وخاصة في فصل الصيف؛ إذ يشق مدن وقرى وهجر وبالتالي تحتاج بعض المواقع فيه إلى إعادة نظر في تغيير مسار المنعطفات الصعبة على الأقل أو إنشاء طرق رديفة تنقل بعض المسارات إلى خارج المدن والقرى، كما هو الحال في إنشاء الطريق الدائري المستحدث حول الباحة؛ لتخفيف الزحام الذي تشهده هذه الشوارع، وإن كان لنا بعض التحفظات على مساره ومضاره.
من هنا وللتدليل نسوقللإدارة العامة للنقل بالباحة بعض هذه المنعطفات التي لم يسلم من خطورتها حتى البهائم والطيور فضلًا عن الناس الذين كانوا طعام وحشيتها المباغتة وانحنائتها المفاجئة، ويمكن للمهندسين الذين نثق في قدراتهم وحفاظهم على مرتاديها تغيير تلك المسارات بمسارات أكثر أمانًا وأقل خطرًا؛ فالإنسان عندما نفقده بسبب حادث سير كان سببه سوء تصميم في الطريق يعني خسارة كبيرة على الوطن، ونعتبر كل من ساهم في التخطيط والتنفيذ لهذه الطرق شريكًا في تحمل تلك المسؤولية بقصد أو بغير قصد مادام أنه استعجل في التصميم أو اتبع مصالح خاصة على حساب المصلحة العامة، وأنه يمكن تبديل المسار بمسار آمن من الحوادث المرورية التي أصبحنا بحجمها نتربع على عرش عالميتها سواء كان في عدد الحوادث أو الوفيات أو الخسائر المادية ومن هذه المنعطفات :-
المنعطف الأشد خطرًا الذي يقع مع بداية مدخل بني كبير ابتداء من المنعطفات الخطيرة التي تسبق مبنى الجمعية والمسجد الجديد مع بداية المنحدر المرصع باللوحات التحذيرية؛ لشدة انحداره وحتى مدخل بني كبير الذي تم إغلاقه وقد أحسنت الجهات في ذلك لما كان له من مشاركة في وقوع حوادث مرورية مؤلمة وامتدادًا حتى ما بعد مدخل الأجاعدة كشارع تكثرعلى جانبيه المحلات التجارية والمحطات، وبعض الورش المنوعة، ومداخل القرى، والمساكن، ويمكن استبداله بمسار جديد؛ ليصبح الطريق القائم حاليًّا فرعًا داخليًا يخص بني كبير وقراها وليس رئيسًا كجزء من طريق الباحة بالجرشي فلو أن إحصائية أعدت لحوادث هذا المنعطف وما نجم عنه من وفيات وخسائر اقتصادية لبادرت جهة الاختصاص، وباشرت المهمة لتغيير المسار مع بداية المنحدر على أقل تقدير وتخفيف السير عليه؛ لاسيما وأنه يشهد حركة سير كبيرة طوال ساعات اليوم ولم أنسَ ذلك الحادث المروري الأليم الذي وقع على أبناء أحد أقاربي، وهم في حلقة تحفيظ بعد دخول شاحنة عليهم في المسجد القريب من المدخل لولا عناية الله لأصبحوا في عداد الموتى وغيره كثير.
وهناك عدد من المنعطفات التي تقع في طريق الملك عبد العزيز (الباحة- الطائف)، وبالتحديد منعطفات تقع بعد منتزه سبيحة، وهي كثيرة في طول قد يتم اختصاره بأقل من 2كم وسالك هذا الطريق يشعر وكأنه يلعب بالسيارة ولا يقودها من كثرة وشدة الانعطافات؛ حتى يصل تحت محطة المحروقات الثانية بعد المحطة الواقعة أمام سبيحة كذلك منعطفات خطرة بعد قرية قريش الحسن بمحافظة القرى، وتبدأ من قبل بداية المدخل الجديد الجاري تنفيذه لمستشفى القرى، وحتى نهاية قرية القسمة فهذا الطريق في التوائه أشبه بالتواءات الثعبان؛ إذ تجد كل منعطف يخنق الذي يليه وكان بالإمكان تفادي ذلك عندما تمت ازدواجية هذا المسار.
وفي الطريق الموصل بين محافظة القرى وقيا التابعة للطائف التواءات عجيبة وغريبة، ومنها المنعطفين الخطرين في أسفل جبل شمرخ، والمنعطف في بداية بوا بجوار المدرسة القديمة التابعة للطائف، ومنعطف النخلة الأشد خطورة مع نهاية الوادي وكل هذه المنعطفات تُشكل خطورة على المركبات؛ لأنك تنقل السيارة من حال السرعة القانونية إلى حال التهدئة الشديدة في أقل من دقيقة، ومن ثم يقع الحادث ولا تسأل عن النتائج بعد هذا !!.
ونذكّر بالطريق الموصل بين الباحة ومحافظة بني حسن؛ وصولًا لمحافظة المندق ومن خلال ما كتب عنه في الصحف الإلكترونية والمنتديات والمجالس يجمع الكل على أنه من أوجب الواجبات على الإدارة العامة للنقل تنفيذ ازدواجيته مع التنبه لمثل هذه المنعطفات ومخارج القرى الواقعة على جانبيه، وهي كثيرة الحوادث كما هو الحال في تقاطع الطريق التعامدي في مدخل الدارين مع الطريق السياحي، ومدخل قرن ظبي ومدخل قرية خيرة، ومدخل نعاش والصغرة الأشد خطرًا على مرتاديها وليس لدي شك بأن بعضها كما هو مدخل الدارين الذي يقع أمام مدخل بيضان باتجاه غابة رغدان بأنه يحتاج إلى إشارة مرورية باعتباره داخل النطاق العمراني، ويشهد حركة كبيرة طوال العام وتتدنى فيه الرؤية في فصل الشتاء بسبب كثافة الضباب الذي يغطي الطريق من جميع الجهات؛ مما يصعب الدخول للطريق من أي اتجاه وقد شهد حوادث كثيرة ومثيرة ونوقش في المجلس المحلي بمحافظة بني حسن مع الطرق والبلدية، ولكن لم تؤت النقاشات أوكلها.
وفي الختام، أنا على ثقة من أن صاحب السمو الملكي الأمير حسام بن سعود سيبحث ويسعى إلى تحقيق أقصى درجات الراحة للمواطنين كل في موقعه، وأن مديرعام النقل بالباحة ومعاونيه سيتأكدون من صحة ما أشرت له بالوقوف على هذه المنعطفات الخطرة والطرق التي تحتاج إلى أولوية قصوى، وأنها ستكون موضع اهتمامهم لتشق طريقها إلى مراحل التنفيذ لما في ذلك من مصلحة عامة؛ وحفاظًا على أرواح مرتادي هذه الطرق التي أصبحت حديث المجالس بكثرة ما يقع فيها من حوادث سير أخلت بتركيبة الأسرة في معظم القرى في المنطقة فقدًا وإعاقة وخسارة اقتصادية، والله من وراء القصد.
تلويحة وداع:
لم أتعرض للكوبري المبعثر في مدخل مستشفى الملك فهد باتجاه محافظة بني حسن الذي يزحف نحو العشر سنوات حبوًا في التنفيذ، ويكفي وضعه المؤلم الذي أصبح مجالًا للسخرية والتندر لبطء العمل فيه من قبل الشركة المنفذة فضلًا عن عدم ضرورة إنشائه، وكان بالإمكان الاستغناء عنه بإشارة مرورية بدلًا من الهدر المالي !!
د. عبدالله غريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى