المقالات

المساجد التاريخية في مكة المكرمة (2-2)

تناولت في المقال السابق الجزء الأول من المساجد التاريخية في مكة المكرمة ، ونكمل اليوم الجزء الثاني منه وهي كمايلي :

 

مسجد الشجرة

يقع بأعلى مكة المكرمة في خلف دار منارة البيضاء التي عند سطح الجبل مقابل الحجون بحذاء هذا المسجد مسجد الجن، يقال أن النبي صلى الله عليه وسلم دعي شجرة كانت في موضعه، وهو في مسجد الجن فسألها عن شيء فأقبلت تخط بأصلها وعروقها الأرض حتى وقفت بين يديه فسلمت عليه، فسألها عما يريد ثم أمرها فرجعت حتى انتهت إلى موضعها .

مسجد انشقاق القمر

ان حادثه انشقاق القمر، من الحوادث العظيمة في التاريخ ومن المعجزات التي حصلت على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وينقلها أهل التاريخ، وذلك في السنة التاسعة للبعثة اجتمع المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسهم أبو جهل والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : إن كنت صادقاً فشق لنا القمر فرقتين .
وبالفعل أشار النبي صلى الله عليه وسلم بسبابته إلى القمر فانشق نصفين بإذن الله تعالى، نصف يرى فوق جبل أبي قبيس، ونصف فوق جبل قعيقعان، وفي هذه الحال سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم شكراً لله .

وقيل حصل ذلك مرتين، المرة الثانية كانت في منى وادعي عليها الإجماع. وعن ابن مسعود : انشق القمر ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم بمنى. وعليه بعد هذه الحادثة والمعجزة العظيمة فوق جبل أبي قبيس بني مسجد باسم مسجد ” أنشاق القمر .

مسجد بلال

يسمى هذا المسجد أيضاً مسجد إبراهيم القبيسي، كان هذا المسجد على قمة جبل أبي قبيس المطل على الكعبة المشرفة من الناحية الجنوبية الشرقية.

مسجد أبي بكر الصديق رضي الله عنه

حدد ابن جبير مكان مسجد أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، فقال ” يوجد بجهة المسفلة وهو آخر البلد الأمين .

وفي القرن التاسع الهجري ذكر الفاسي، في ” شفاء الغرام “، موضع المسجد وقال : إن الأمير نور الدين عمر بن علي، من قبل السلطان المسعودي قام بعمارة مسجد الصديق في المحرم سنة 623ﻫ، وأن طوله ثمانية أذرع وعرضه ستة أذرع .

وأشار الأزرقي بأن مسجد أبي بكر وداره بجنوب مكة في زقاق العطارين في المسفلة

وأشار ابن ظهيرة في ” الجامع اللطيف ” بأن مسجداً بأسفل مكة من جهة المسفلة ينسب لأبي بكر الصديق رضي الله عنه، يقال ” إنه من داره التي هاجر منها إلى المدينة. ويعرف الآن بدار الهجرة. أقول وهذا المسجد لازال معموراً بمسفلة مكة بسفح ثبير الزنج من الشرق.

وموضع المسجد في الوقت الحاضر، كان في موقعه القديم، والذي سبقت إشارة المؤرخين القدامى إليه، ولا يبعد عن المسجد الحرام، فإن المسافة بينهما لا تزيد عن مائتي متر، حيث يوجد بحي المسفلة وفي أوله باتجاه المسجد الحرام. ويقع في الركن الواقع بين بازان المسفلة ودار البوقري ودار المطوف أحمد رمضاني بمكة المكرمة. والمسجد متواضع البنيان، يتكون من طابقين، ويصعد إليه بست عشرة درجة، وهيكل البناء مستطيل ومساحته لا تتجاوز 160 متراً مربعاً من الخارج .

وكان مسجد الصديق رضي الله عنه في موضع الانطلاقة الأولى لهجرة الرسول عليه الصلاة والسلام إلى المدينة المنورة إلى دار الهجرة، حيث قامت دولة الإسلام الأولى.

مسجد خالد بن الوليد

أمر النبي سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، خالد بن الوليد يوم الفتح أن يدخل من أسفل مكة المكرمة وأن يغرز رايته عند أدنى البيوت، وفي يومه أمره أن يدخل من الليط ” في أسفل مكة من جهة جرول ” ففعل، وبنى هذا المسجد في الموضع الذي غرز فيه رايته، وهو معروف الآن في حارة الباب، بريع الرسام، وعلى الشارع المنسوب إليه بـ “شارع خالد بن الوليد” رضي الله عنه .

ولقد قال العلامة الشيخ جمال المكي، رحمه الله، ” وقد بني مسجد على يمين الصاعد إلى التنعيم بالحارة المسماة الآن بحارة الباب، وهذه العمارة الموجودة الآن عمرت سنة (1280ﻫ)، بناها حسن أفندي، ناظر التكية، ثم وسعه رجل هندي في السنة المذكورة .

هذا ولقد أعيد بناء المسجد سنة 1377ﻫ، وعن طريق وزارة الحج والأوقاف في ذلك الوقت، ومبناه على أحدث طراز .

مسجد سوق الغنم

ذكره الأزرقي بأنه بأعلى مكة المكرمة عند سوق الغنم بالمسفلة، قيل في موضعه بايع النبي صلى الله عليه وسلم الناس بمكة المكرمة يوم الفتح، وهذا في الغالب غير صحيح، لأن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام بايع الناس على الصفا كما أوردت ذلك كتب السيرة النبوية، وقد ذكر البلادي بأن هذا المسجد يقع بشارع الجودرية في نهاية الغزه من اعلاها .

مسجد حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه

يقع هذا المسجد في منطقة السبع آبار بالمسفلة على مقربة من التقاء شارع حمزة بن عبدالمطلب بشارع إبراهيم الخليل عليه السلام، إذ لا يبعد عن مسجد أبي بكر الصديق رضي الله عنه. ولقد ذكر القطبي بأن موضعه بجوار موضع يسمى البازان .

مسجد أبو لهب

على بعد كيلو مترين من المسجد الحرام تقريباً يقف إلى الشمال الشرقي جبل يطلق عليه مجازاً اسم ”جبل أبي لهب“، بيد أن جدلاً لم يحسم بين المختصين حول المسمى، رغم أن الاسم امتد ليشمل الشارع المار بجوار الجبل وحتى الحي السكني الواقع قبالته، ولم يقتصر الأمر على تلك التسميات فحسب، بل تجاوزه للمسجد المقام وسط ذلك الشارع، حيث لم يسلم من تلك التسمية وأصبح يعرف بـ ”مسجد أبي لهب“.

ويقول الأستاذ طلال الحساني عمدة التيسير في منطقة جرول بمكة المكرمة: ”أن قبر أبي لهب يقع بالقرب من جبل أبي لهب حسب رأي عامة الناس، وبينَ أن هناك روايات تفيد بأن أبا لهب قبل موته أصابه مرض جعل رائحته نتنه تفوح من جسمه، حتى أن أهله لم يستطيعوا حمله ونقله لدفنه، فأمروا عبيدهم بإخراجه ودفنه بعيداً، ويعتقد أنهم اتجهوا به إلى هذا المكان“.

ويواصل الحساني حديثه، أن المكان الذي يقع فيه الجبل والشارع الذي يمر أمامه، إضافة إلى المسجد يطلق عليها ”شارع أبي لهب ومسجد أبي لهب ومنطقة أبي لهب“، وأن شارع أبي لهب قد أعيدت تسميته في الوقت الحاضر إلى شارع حسان بن ثابت الذي يضم مباني حديثة ومنطقة تجارية .

أ.د. اسماعيل خليل كتبخانة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى