د. جرمان الشهري

وقفة مع خطاب ترامب

مثلما كانت عاصفة الحزم مفاجئة وسريعة وحاسمة، للحيلولة عن تمدد إيران في اليمن ومن ثم تهديدها للسعودية، كانت عاصفة كشف الخيانة في قطر بنفس السيناريو .. والفرق بين العاصفتين، أن الأولى جاءت حتمية لصد عدو لدود ومجوسي فارسي يتربص بالدول العربية ويضمر لها الشر، بينما أتت الثانية لردع أخ شقيق وجار قريب، تجمعنا معه أواصر الأخوة وروابط النسب والبيت الواحد، فكان غدره تجاهنا أشد وأنكى .. اتخذت السعودية والثلاث الدول الشقيقة الأخرى ما يجب اتخاذه من إجراءات ضرورية لحماية أمن الخليج، وبتر الشر عن قطر نفسها قبل غيرها، والسعودية دائمًا داعية للخير والسلام مع جميع دول العالم، فكيف مع دولة جارة وشريكة في الدم والقربى والنسب، ولكن كان لابد مما لابد منه، ولقد استشعرت الولايات المتحدة الأمريكية حجم الخطر، وقدّرت صحة إجراءات السعودية حيال حماية أمن المنطقة والحفاظ على تماسك وقوة دول مجلس التعاون الخليجي، ضد أي مطامع خارجية سواء من الفرس أو غيرهم .. وبالتالي كان خطاب الرئيس ترامب، يصب في هذا الاتجاه، حيث لم يكن خطابًا مهادنًا أو خجولًا كما كان يفعل سلفه أوباما، بل كان واضحًا في خطابه، فأكد الرئيس الأمريكي ترامب على عمق صداقته بالملك سلمان، وعلى ضرورة إيقاف قطر عن دعم الإرهاب وإيواء الإرهابيين، قالها بكل صراحة وطالب قطر بتغيير سلوكها وتنظيف سجلها الأسود أمام أشقائها وأمام العالم، وتضمن خطابه تصريحًا واضحًا بتشاوره مع كبار السياسيين والجنرلات حيال الوضع في قطر وما يجب فعله، وهذه رسالة واضحة بوقوفه إلى جانب السعودية في حسم الموقف واقتلاع المشكلة من جذورها، ومع قوة خطاب ترامب الذي وضع النقاط على الحروف، إلا أنه ترك الباب مفتوحًا أمام الحوار وحل الخلاف سياسيًّا إذا التزمت قطر بالشروط المطلوبة منها، والعودة بسياساتها إلى المسار الصحيح ضمن سياسات شقيقاتها في مجلس التعاون، ومن هنا كان خطاب ترامب بمثابة النافذة ذات الدرفتين، وعلى قطر أن تختار أي منهما للولوج إلى الحل الأسلم الذي يتمناه كل العقلاء، السعودية دائمًا مواقفها مشرفة وسياساتها عقلانية وواقعية، وتصب في المصلحة العامة لجميع الأطراف، وبالتالي فهي فرصة لقطر لتعديل الاعوجاج وتصحيح المسار، وهذا هو الهدف الأسمى للسعودية، ولم تكن السعودية أبدًا مقدمة على قطع العلاقات مع إحدى شقيقاتها، إلا بعد أن نفد الصبر السعودي الذي تجاوز العقدين من الزمن، ومن هذا المنطلق، فإنني كمواطن سعودي، أدعو العقلاء في قطر إلى انتهاز فرصة ماورد في خطاب ترامب من إمكانية الوصول إلى حوار صادق والتزام مؤكد ومضمون، على ترشيد السياسة القطرية من خلال التوافق مع جيرانها، والتبرؤ من الإرهاب والإرهابيين، والتخلي عن إيران الفارسية ومليشياتها، والعودة إلى الحضن العربي والبيت الخليجي، كدولة بناء وأمن وسلام، وفق الله المخلصين لخدمة القضية، والساعين إلى حلها سلميًا، ليبقى خليجنا واحة سلام وأمن وأمان، ونقطع الطريق على كل الأعداء والحاقدين.

د. جرمان بن أحمد الشهري

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. اعتقد أن المقال فقد صدق القلم من البداية عند كلمة المجوسية وهذه هي الفتنة التي ننبذها من المفترض ،فقد بدأ الصراع الاسلامي والمناحرة بين المسلمين بقذف كلمات العنصرية العقائدية مثل كلمات انت معتزل وانت جهمي وانت من الخوارج وانت متزندق حتى وصلت الكلمات إلى العقائد والفقهيات السليمة أنت حنبلي أنت زيدي أنت وهابي وأكلمت النفوس العليلة إلى أننا نعطي لأنفسنا الحق في اخراج المسلمين من الدين وتكفير بعضنا لبعض … ومهما يكن فكلمة مجوسي “التكفير في طياتها” وافتراءها على الغير تساعد على شحن النفوس بالغضب والتعنصر الديني وتؤجج نار الفتن

  2. ‏لا شك بأن هذا الملف له تاريخ قديم ولم يكن وليد اليوم والدليل انه جميع ‏ما تم نشره وما سيتم نشره مِن مَن قامو بتمويل العمليات الإرهابية وزعزعة الأمن في الدول العربية لهم باع طويل في هذا المجال خدمة لمن جندهم . ولكن ان الله مع الحق وسينصرنا الله عليهم ويعّزنا بعزته ثم بعزم وحزم حكومتنا وفقهم الله وسدد خطاهم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى