المقالات

اعْتِنَاقْ !

الأرواحُ المهاجرةُ حيثُ منفى الذاتِ
في ذاتٍ أخرى مهاجرة أيضًا!
تقاسمُ الغربةِ وملامحِ الاختلافِ عن السائد،
وحدةٌ تدورُ بنا في فلكِ التشابهِ ،
 المللِ  والخواء الرتيب !
تلتقي هذه الأرواحُ دون سابقِ موعد
 لكنّ هذه اللقاءات تأتي في الوقتِ المناسب جدًا بعد طول انحسارٍ وعزلة.
يأتي اللقاءُ عميقًا وتلقائيًا،
 يأتي صادقًا ومخضبًا بالدمعِ والشوقِ وعُتبى المحبين وعتابات المنتظرين
 لشيءٍ لم يعلموا بقدومهِ أصلًا!!
إلى هذا الحد يكونُ عنفوانُ اللقاء!
المكتوونَ بنارِ السطحيّةِ والرتابةِ والفراغ وحدهم من يعرفُ قيمةَ أن تلتقي بغيمةٍ
أو أن تمرّ بشجرة.
 وحدهم تبتلُ أرواحهم بالمطرِ فتُنبت وتعشوشبُ رياضُ وجدانهم فيعود خصبًا
 يغرد فيه الطير، وتجري فيه الجداول،
وتحلّقُ فيه أسراب الفراشات.
كَذَلِكَ حين تلتقي هذه الأرواحُ ،
 تخرجُ من صمتها الأنيق لفوضى الكلام الشيّق وجنةِ الحديث العميق ونهر الكلمات العذبة الذي يتدفقُ على بياضِ الأوراقِ لتثمرَ بالسعادةِ والاستغراقِ في كل الجمال الذي ترسمه هذه الأرواح.
اعتناقُ المُثُلِ والفضائلِ المشتركةِ والانسجامُ مع كل الاختلافاتِ الممكنة ،  توازي وتقارب وتفاهم على ما نتفق عليه أو نختلف حوله بكل ود ورحابةِ فكرٍ وسعةِ صدر.
الجديرُ بالدهشةِ أن كل الكائنات تلتقي بهذه البساطة وبكلّ هذا العمق والأثر دون أن تفرض على بعضها هيمنة الفكرِ والعقيدةِ واللونِ والانتماء!
هالةُ ضوء:
هكذا تلتقي مخلوقاتُ اللَّهِ في كونهِ الفسيح، وحدهم  البشرُ يفرضون ما يخالفُ حكمةَ الخالقِ في خلقه؟!
#وفاء_سالم الغامدي

Related Articles

7 Comments

  1. مبدعه .. كعادتك دائماً .. كالقمر .. أينما حل أضاء .. دمتِ بكل خير ورفعة وعطاء .. تقبلي جل تقديري واحترامي .

  2. استاذتي .. نبع الادب والمعرفه
    اسعد الله جميع اوقاتك بكل خير ومسره
    اطلاعي على نوادر الفكر وزخارف الابداع .. ما هو الا سحر البيان الذي يذهل العقول .. ويبهر الاذهان والافئدة .
    بلاغة لا نظير لها .. تميزت وانفردت وسميتي بالوفاء
    ترابط بحكمه .. وتسلسل بأناقة
    قلم نيزكي .. وفكر راقي وهاج سيدتي .. حفظك الرب ورعاك

  3. عندما تهاجر الأرواح في بعضها البعض يكون للقاء شكلٌ أسطوري لا يعلم مقدار السعادة والهناء والبهاء الجمال والجلال الذي يكون عليه إلا من عرفه وخبره .
    “يأتي اللقاء عميقاً وتلقائياً ،صادقاً ومخضباً بالدمع والشوق”
    ولأنه حب أرواح فهو دون شك سامي ومختلف لا تشوبه الشوائب فيكون غاية في الإنسجام والتكامل
    قال الشيخ صالح المغامسي مرة “الحب حبُ الأرواح”

    شكرا لهذا القلم جالب السعادة والجمال : شكرا استاذة وفاء

  4. أخذت مني وقت ليس له وقت لا اعلم كم من وفت فانا اضعت كل شيء مع روعة ما قرأت .. دمتي بخير

  5. .
    ..

    لقاءُ الطَّبيعةِ بالطَّبيعة ..
    من كَلِمُكِ استحضرتُ مشهدًا جميلًا وجليلًا
    لطالما تكرر ..!!

    دهشَةُ حُبٍّ صُوَّغَت ..
    مابينَ غيمةٍ سَكَبَت أدمُعَ المَطَرِ على بواطنُ الزَّهرِ
    مُحتفيةً بـ عِنَاق حالم ..
    نِضَالٌ صَمَدَ أمامَ كُتَلِ الهواء .!

    إنَّهُ اللِّقَاء ..!!

    (وحدهم البشرُيَفرضُون ما يُخالفُ حكمةَ الخلقِ في خلقِهِ)

    عبارةٌ عميقةٌ , فلتهنَكِ الكلمات يا وفاء .?

  6. أي والله وحدهم البشر الذين يتعالون فوق التلاقي بعمق وعفوية ، وحدهم يخالفون حكمة الله التي قضت بتلاقي كل هذه الكائنات .
    جميل أستاذة وفاء .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button