أتفكر في وقائع الأحوال وأتلمس جوانب الحياة وأراجع تأملات الفكر واسترجع ذكريات النفس..وأعود وأتذكر حياة أسرتي التي كانت مصدر دنياي بمفرداتها بمحتوياتها العديدة بكل الآمها وآمالها.. فأستعيد ذكرى مكونات أسرتي الحبيبة عميدها أبي الغالي وعمادها أمي العزيزة وأعضاؤها أخواني وأخواتي ..وذلك المنزل الصغير الجميل الذي كان يحوينا جميعاً .. المحدود المساحة المحدود الحجرات.. وذلك الجار المقابل لمنزلنا.. إلى بقية الجيران الطيبين ..في تلك الحارة البسيطة امكانايتها المعروفة أماكنها المعروف روادها ومرتاديها..!!
وأستعيد ذاكرتي قليلا حين كنت اتأمل كل ما يدور حول حياتي في حينها من تلك النافذة الصغيرة والتي أقف ولا أتجاوز أسوارها!.. فكأن تفاصيل حياتي تبدأمن ذلك الشباك الخشبي.. فتأتي عيني على ذلك العجوز يقلب مؤشر المذياع برعشة يد متواصلة ليجد الموقع المناسب لاهتماماته ويطلع على أحوال العالم وأخباره هنا حرب قائمة وهنا انهيار مبنى وهناك اختطاف طائرة وهناك تغجير آثم.. وأشاهده يتمتم بشفتيه حسبي الله على اليهود. .!! وتمر على مسامعه مقطوعة غنائية عابرة ” إنت فين والحب فين ” فيتبسم ابتسامة لطيفة فكأنه تذكر شئ ما.. ثم مايلبث ويحدث نفسه أعوذ بالله من إبليس..!! حتى يختم بسماع آيات من القرآن الكريم ليريح قلبه وفكره من هذا العناء المتعب.. ثم أجده يغط في سبات عميق فكأن تلك الآيات غشته ليرتاح من منغصات الحياة قليلا..!!
وأجول بنظري تارة أخرى إلى مكان آخر فأرى ذلك الجار يصلح مركبته العتيقة والتي تطلبه الرحيل العاجل بشدة لعطل جديد داهمها.. ومع تجمع خبراء الحارة من حوله يصل في نهاية المطاف لمراده فيبارك من معه نجاح جهده وبلوغه مراده..وفي جهة أخري أرى ذلك الشاب المكافح داخل حدود بيته وقد افترش الأرض الملحقة..وبدأ يستذكر دروسه ويثابر ليكتب ملامح مستقبله.. وذلك المثقف المحترم يمشي صوب داره بخطوات متوازنة متأنية ولسان حاله.. قول المتنبي.. ” ذو العقل يشقى في النعيم بعقله..” إلى إمام المسجد المحب المتسامح..إلى عمدة الحي صاحب الشخصية القوية والسطوة الكبيرة.. وغيرها من الأحداث المتوالية في حينا العامرة.. أيام ياعمري أيام.
والآن وبعد كل هذه السنين الجميلة.. حصل مايجب أن يحصل حل الفراق اللازم فالأب والأم أصبحا في أرذل العمر.. فقد أديا ماعليهما من رعاية وتضحية واهتمام ..والأخ أصبح هو العائل لتلك الأسرة الجديدة.. وهو الأب المفترض والأخت أصبحت هي تلك الأم العظيمة.. وكل شخص في شؤونه ومسؤولياته.. كيف ظروف أبي وأمي الآن..؟ ماهي أخبار إخوتي..؟ حارتنا القديمة هل بقيت على حالها..؟ وما أخبار نافذتي الصغيرة أهي باقية شامخة..؟ أم أزيلت مع الإزالات الغاشمة..!! فكل هذه الدنيا ارتفاعات مؤقتة..!! ونفسي تحدثني هذه هي الحقيقة التحول الإجباري للأسرة السعيدة.. فدوام الحال من المحال.. فكل في حال سبيله.. وسبحان الدائم..!
وهنا أرى الشيء المفترض والواقع فلكل بداية نهاية..ولابد أن يدع الإنسان تعلقه من كل شئ في هذه الدنيا.. ويكون تعلقه بالواحد الأحد هذا التعلق الدائم والخالد في الحياة الدنيا والآخرة فاللهم اجعلنا ممن تعلقوا بك على تقى وإيمان وبصيرة.
عبدالرحمن عبدالقادر الأحمدي
صدقت اسال الله لي ولك حسن الخاتمه
صحيح قديمك نديمك ولوكان القديم اغناك.