المقالات

اﻷفكار الرديئة تطرد اﻷفكار الجيدة

ليس غريبٌ أن تطرد اﻷفكار الرديئة اﻷفكار الجيدة من وسائل التواصل اﻻجتماعي .
فهذه الحقيقة المعاشة قد سبقها القانون اﻻقتصادي :
(العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من السوق)
وظهر هذا القانون اﻻقتصادي أساسًا في حقبة العملة المعدنية المسكوكة من (الذهب والفضة) .
فقد لوحظ عند ارتفاع قيمة الذهب الخام عن قيمة قوته الشرائية كعملة معدنية ؛ يلجأ الكثير إلى صهر العملة الذهبية وتحويلها إلى ذهبٍ خام ليعود عليهم بعوائدٍ أكبر ، كما يلجؤون لسك المزيد من الفضة الخام كعملة معدنية ﻷن قيمتها الخام والنقدية واحدة ، وبالتالي تتكاثر العملة الفضية وتنخفض العملة الذهبية من التداول .
وهنا تعتبر الفضة عملة رديئة طردت العملة الذهبية الجيدة من السوق ، والعكس تمامًا صحيح لو زادت قيمة الفضة الخام عن قيمتها الشرائية كعملة نقدية .

وعودًا لموضوعنا فإن اﻷفكار الرديئة في وسائل التواصل اﻻجتماعي تطرد اﻷفكار الجيدة من المشاركات ﻷسباب أخﻻقية تأدبية منها :

1- أن اﻷفكار الجيدة تحترم نفسها من تسفيه نقد اﻷفكار الرديئة .

2- أن اﻷفكار الرديئة تُشوّه فُرَص استفادة اﻷفكار الجيدة من إثراءات وتصويبات اﻷفكار الجيدة اﻷخرى .

وبذلك تصل وسائل التواصل اﻻجتماعي لحالة تقوم فيها اﻷفكار الرديئة (رغم قلة عدد أصحابها) بطرد اﻷفكار الجيدة (رغم كثرة عدد أصحابها) .

من سمات اﻷفكار الرديئة هي
– ﻻ تفرق بين الحقيقة والرأي .
– ﻻ تفرق بين صحة اﻹسناد وصحة المحتوى .
– تعتبر الجهلَ يُنتج علمًا !!! فتعتبر ما تجهله علمًا بأنه غير موجود .
– تعادي ما تجهله بدايةً بدﻻ من مناقشته .
– ﻻ تملك مهارة اﻻستفسار فتلجأ ﻹصدار اﻷحكام التي قد تتغير لو سبقها شيئٌ من اﻻستفسارات الموضوعية .
– ﻻ تفرق بين المراجعة والتراجع ؛ فتخسر فوائد المراجعة ، وﻻ تندم على التراجع القسري بعد بيان فساد تفكيرها .
– تبحث عن اﻻنتصار بدﻻ من بلوغ الحقائق .
– تستهوي الشخصنة بدﻻ من الموضوعية .
– تتساهل في الحكم على النيات بدﻻ من الحكم على مضمون اﻵراء .
– تستهوي النقد الخاسر – عفوًا – النقد الساخر بدﻻ من النقد الراقي .
– تستهوي الجدال بدﻻ من الحوار .
– تخوض في كل مجال ؛ وتعيب على غيرها ذلك.
– ﻻ تؤمن بـ (رُبّ حامل علمٍ لمن هو أعلم منه) فتستصغر كل فكرة تخالفها .
– تفتقر لﻷصالة الفكرية وترضخ لتيار (سلوك القطيع) .
من سمات اﻷفكار الجيدة هي
السلامة من سمة أو أكثر من سمات اﻷفكار الرديئة .

اسأل الله جل في علاه السلامة في نوايا أفكارنا وأقوالنا وأفعالنا ..
خالد عبيد الصُمّاني

Related Articles

8 Comments

  1. طرح منطقي وصياغة رائعة وفقك الله أستاذ خالد لما يحبه ويرضاه ونفع بعلمكم

  2. مقال جدا رائع بروعة كاتبه
    للأسف هذه السمات منتشرة بيننا وبكثرة نسأل الله السلامة والنضج في التفكير والحوار

  3. شكرا بارك الله فيك وها نحن لا نجد المواد والبضائع الاصلية فقد غشى السوق البضاعة الرديئة عندما مات الضمير وضعفت مراقبة الله وحل الجشع مكان القناعة هذه سنة الله في الحياة كما تعلمنا في العلوم قديما ان المادة تشغل حيزا( من الفراع ) فالاكسجين اذا انعدمت في كاس مقلوب ومغمور في ماء يحل مكانه الماء وكان الكون لا فراغ فيه لا بد من حيز يشغله وهذا ينطبق على القيم والافكار وشكر الله لك

  4. مقال جميل ا. خالد يلقي الضوء على حال اغلب مدمني مواقع التواصل الاجتماعي. ولا ادري هم يتواصلون مع من حقيقة ؟. يقول المصطفى عليه السلام” انا زعيم لبيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقا” او كما قال عليه الصلاة والسلام. كما نهانا عن قيل وقال وكثرة السؤال واضاعة المال. فلا عجب ان ينأى ذو العقل عن خوض غمار معارك مواقع التواصل الإجتماعي الذي يعج بكل ساخر وناقد حاقد وناقم وعنصري يؤخر عن فعل الخير ويكسبك كثير من الإثم. فكثير للأسف يسىء استخدام التقنية في غير ما جدت لأجله.

  5. مقال جداً جميل و هو يصور الواقع الفعلي لتأثير وسائل التواصل الاجتماعي و غياب مهارات التفكير الناقد لدى الكثير مماجعل الأفكار الرديئة تأخذ حيّز أكثر اتساعاً عن الأفكار الصحيحة و المنطقية .بورك قلمك ا.خالد وكتب الله أجرك

  6. فعلا أ. خالد عبرت عن ما يدور في أذهان الكثير ممن يتجنبون وسائل التواصل هربا من المناخ الفكري السائد فيها.
    من أفضل ما قرأت في هذا المجال.

  7. النواميس الكونية والقوانين العلمية ترفض التلاعب بوعاء الفكر والأفكار : العقل ، العقول التي سعى الدين بحفظها وتتمركز هذه الكلية مع الضروريات الخمس من تحقيق المصالح الشرعية بغرض حفظ المجتمعات الراقية ، دعوة تجديدية أسقطتها في مقالك الرائع لتعظيم قدر العقل المحكوم بالمنطق السليم ومنهجية واضحة تنطلق من قوله تعالى : ( الا يعلم من خلق) .. شكرًا لمكة الانسان ، مكة الفكر ، مكة العقل .

  8. سلمتم أستاذاتي وأساتذتي اﻷفاضل ؛ فتعقيباتكم أضافت عمقًا فكريًا لم يسع المقال اﻹحاطة به ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button