شجرة اللوز من أكثر الأشجار التي لفتت وتلفت انتباه الشعراء الشعبيين في منطقة الباحة، تغنوا في جمال ثمارها وحلاوة طعمها وبهاء شكلها وأهميتها في كونها تنتج اللباب الذي يعد من أفضل وألذ المنتجات وأغلى الهدايا وأكثرها قيمة ويحق للشعراء التغني بشجرة اللوز خصوصا حين تزهو أغصانها بتلك الثمار البيضاء المائلة للحمرة فتختال شجرة اللوز كعروس حسناء في لباس أنيق يميزها عن غيرها من الأشجار الأخرى ،وهنا تأخذ هذه الشجرة قيمتها العالية لدى الأهالي لاعتبارات عدة شكلها الجمالي وثمارها الطيبة واقترابها أيضا من نفوسهم حيث اعتنوا بها أيما اعتناء، تُغرس قريبا من منازلهم لتكون في محط أنظارهم، تمتلئ عيونهم بهجة بمرآها ومن هنا جاءت الكثير من مسميات الحقول لتأخذ اسمها مثل ركيب اللوز شعب اللوزة جناب اللوز وهكذا، والشاعر الشعبي جارالله الزهراني من أهالي قرية رباع يمتلك مشاعر مرهفة وقد تجلت في كثير من قصائده المفعمة بالجمال ومن بينها قصيدة يقول فيها:
يالوز جافان الأخضر كنت ظامي وأش ارواك
ما يشرب إلا من الماي الزلالي ولع به
مجار محد تمنى من غروسه جناية
والقصر قيس المزارع يمن اللي بدا له
وإن كانت هذه القصيدة لها دلالات جمالية ومعان رمزية حيث يشبه اللوز بالمرأة الجميلة وهذا ما يرفع قيمة اللوز في كونها ترقى لأن تكون بمثابة المشبه به ، وهنا لا نود الاستغراق في استجلاء جماليات القصيدة بقدر ما ننعطف إلى قيمة هذه الشجرة الجمالية والاقتصادية والبيئية فكانت سراة الباحة منتجة للّوز تصدر الفائض منه للمدن المجاورة ويحتفظ الأهالي بجزء منه كطعام وهدايا لمن يحبون من اقربائهم المسافرين أو الموجودين ، ونعود إلى لب القضية لماذا تضاءلت زراعة هذه الشجرة؟ هل لأن الذائقة الجمالية لدى إنسان هذه الأرض تضاءلت أيضا؟ وغلبت عليه الفضاضة في استبدال تلك المروج الخضراء التي كانت تميس بأغصان اللوز بقوالب إسمنتية ، لا شك أن هناك أسبابا عديدة أدت إلى تراجع انتاج اللوز البلدي مما يستدعي استنهاض الهمم لإعادة بهاء سفوح جبال السراة باستزراع اللوز وإعادة جمالها وحسنها والإكثار من شتلاتها وهنا يحدونا الأمل بأن نحتفي في يوم من الأيام بهذه الشجرة في كل مراحل حياتها ونخصص مهرجانا يليق بها . فلم يعد لوز جافان ووادي الصدر والمصاقير وبني حسن وبني مالك إلا في الذاكرة حين نسترجع بعض القصائد الحسان، علما أن تربة تلك المواقع تحن لهذه الشجرة، بقي الإنسان هل يستطيع أن يقوم بالمهمة؟ ويعيد للوز بهاءه وجماله، الأمل كبير .
جمعان الكرت