المقالات

ثقافتنا بين السلفي وشباب البومب وبينهما رامز

ينشغل مجتمعنا السعودي مع كل رمضان بكثير من المسلسلات والبرامج الرمضانية، التي لا تخلو من الطرافة والفائدة في بعضها، كما هو الحال في بعض حلقات “سلفي” للفنان ناصر القصبي، الذي ـ للأسف ـ قد حصر نفسه وقولب شخصيته في شكل واحد من أشكال الدراما التلفزيونية، لم تخرج عما كان يقدمه مع رفيق دربه الفنان عبد الله السدحان في برنامجهم الشهير “طاش ما طاش“، تلك الدراما الفكاهية التي اشتهرا بعرضها بقالب ساخر في عديد من الأحيان؛ وأعني بالسخرية هنا القيام بعرض جوانب من ملامح أشكال مجتمعنا الإداري والتنظيمي والسلوكي بأسلوب ساخر بسيط، لكنه أيضا مكتنز بقدر كبير من العمق.
على أني وبالرغم من إعجابي بما يتم تقديمه اليوم في عديد من حلقات “سلفي“، وقدرة معدي الحلقات على اختزال مكمن الأشكال المراد تسليط الضوء حوله في بضع دقائق، وهي مهارة صعبة، إلا أني أتصور بأنها لم تتمكن من تسليط الضوء على الظاهرة المراد لفت النظر إليها بشكل حقيقي، ثم لم تتمكن من معالجة كل ظاهرة تم التطرق إليها بما يجب، وهنا تكمن الخطورة في نظري.
ذلك أن أذهان شبابنا قد اختزلت الحدث في وعيها الداخلي بالجانب الفكاهي عبر ما يؤديه القصبي ورفاقه، ولم تلتفت إلى المضامين الهادفة المراد تسليط الضوء عليها، وهو ما بات ملموسا على أرض الواقع، وصارت حلقات “سلفي” ومن قبلها “طاش” شبيهة بخطب الجمعة التقليدية، التي اختزلها المستمع في وعيه الداخلي بالجانب الوعظي الروتيني، لتنتهي الصلاة ويعود المرء إلى حاله، وهكذا تنتهي الحلقة فيعود المشاهد إلى حاله. وتلك هي مصيبتنا بوجه عام.
أمام هذا المأزق الوجودي والأخلاقي، أتصور بأننا بحاجة إلى ورشة عمل موسعة لمناقشة أفضل السبل لإنتاج أعمال درامية ماتعة وهادفة، يتم من خلالها تسليط الضوء على كثير من إشكالات مجتمعنا، وتقديم معالجات حقيقية لها، بعيدا عن سلطة سوق الإعلان وخلفيات من يحركه سياسيا وأخلاقيا.
وجهة نظر أرجو أن تجد قبولا لدى صانعي الدراما في مجتمعنا المحلي والعربي بوجه عام.
في هذا السياق، وانطلاقا من الأهداف الأخلاقية السامية التي يجب أن تحركنا، وتقف خلف كل مشاريعنا، فلا أرى مبررا للانزلاق مجددا في تسويق التفاهة والتعدي والاستهتار بالآخر على أنها أعمال تلفزيونية مسلية، إذ ليس من المقبول أن يستقبل أبناؤنا سخفا في الألفاظ، وعنفا في الطرح، وجعجعة مزعجة، باعتبارها نموذجا ممتعا كما هو في برنامج “رامز تحت الأرض” الذي لا أعرف وصفا ملائما لسخافته.
وتزداد المعاناة وتصعب المأساة مع حلقات “شباب البومب” التي يعرض فيها الممثلون الشباب كما كبيرا من الأفكار والألفاظ المنحرفة دون وعي منهم يقينا، ليصبحوا بمثابة البغبغاوات لتلك القوى الخفية التي تستهدف كينونة مجتمعنا، ومنظومتنا الأخلاقية، من وراء مافيا سوق الإعلان، التي باتت تشكل ذائقتنا، وتصنع هوياتنا القادمة.
وهنا لا أملك إلا أن أتساءل وبكل سذاجة :
أليس من رجل رشيد في مؤسساتنا الفضائية؟
وأين وزراء الثقافة والإعلام عن هذا الاختراق الخلقي والقيمي الفاحش الذي نتعرض له؟
تساؤل ساذج أضعه برسم السيد المسؤول، والله المستعان.
د. زيد بن علي الفضيل

Related Articles

4 Comments

  1. أصاب الكاتب المبدع كبد الحقيقة المُره؛ إذ أننا نعاني من فجوة كبيرة بين مؤسسات الإعلام وبين مايتم بثه عبر وسائله. الأمر الذي سمح لأن نجد من البرامج ماهو مهدداً للذوق العام و الخُلق القيمي الإسلامي القويم
    والعرف العربي الأصيل.
    نتطلع للفتة حازمة من صُناع القرار في الجهات الإعلامية للرقي بالمحتوى ، ومعالجة فصايا مجتمعية تجد الصدى الإيجابي والإسهام في معالجة مشاكل مجتمعاتنا العربية المتعطشة لبرامج ذات قيم راقية ومفيدة ، .

  2. ناصر القصبي هو ممثل سعودي لديه مواهب ولكن يؤخذ عليه انه يتكلف كثيرا في تقمص بعض الادوار وهذه مبالغة افسدت الدور ليته يقتدي بالممثل السوري يسار العظمة الذي يؤدي الادوار بجدارة دون تكلف . اما عن شباب البوم والممثل فيصل هو ايضا يبالغ كثيرا في الحركات والخروج عن المألوف في بعض الاحيان نرجو لهم ان يستفيدوا من النقد البناء ليصلوا الى مراكز متقدمة

  3. للإسف ياسيدي ..
    ليس من رجل رشيد ..

    فحتى البرامج الهادفة والمفيدة كعودة برنامج حروف الممتع والجميل مع مذيع مبدع ولكن للأسف من خلال ديكورات مضحكة وموسيقى غريبة والأدهى والأمر الكثير من المعلومات الخاطئة والتي تبني عقلية المستمع ..

    فإن عرفت أن مدير البرامج بالتلفزيون السعودي هو عبدالإله السناني والذي بدوره يمثل بطاش وغيرها إذن لن يتطور العرض بالتلفزيون يوما ما ..

  4. السلام عليكم أنا محتاجه مالي وأشكركم على الخير وجعله ثواب الولدين في ميزان حسناتكم وجعل ابواب الجنه الثمانين تفتح الكم في وجوهكم الله يحفظكم ويستر عليكم الله يجزيكم الخير على حسابي الأهلي 23247090008400

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button